ضبط 65 مليون حبة كبتاغون في الأردن، و15 مليون حبة في السعودية، و86 مليون حبة في الإمارات، وتلك هي مجرد حفنة من الأرقام التي تعاملت معها دول الخليج خلال السنوات القليلة الماضية بسبب تهريب الكبتاغون وانتشاره في المنطقة.
والكبتاغون هو عبارة عن مادة تصنع من إضافات كثيرة لتتحول إلى مادة منشطة غنية بالأمفيتامين راجت في عموم الشرق الأوسط، وتنتج بكميات كبيرة في سوريا ولبنان بواسطة شبكات تضم أفراداً مرتبطين بحزب الله والفرقة الرابعة التابعة لجيش النظام السوري والتي يترأسها ماهر شقيق بشار الأسد.
رواج كبير للكبتاغون
تخبرنا كارولين روز وهي مديرة مشروع معني بتجارة الكبتاغون لدى معهد نيولاينز بأن الكبتاغون انتشر بين مختلف فئات السكان في المنطقة، وتعلق على ذلك قائلة: “إن قدرة الحبة على بث دفقة من البهجة تستقطب الساعين وراء الاستجمام بالإضافة لمن يبحثون عن حل للسيطرة على صدماتهم، في حين ينشد آخرون في الكبتاغون قدرته على تحسين إنتاجيتهم، إذ يشعرهم بأنهم ليسوا بحاجة إلى النوم على مدار ساعات طويلة، ويضعف شهيتهم للأكل، ولهذا السبب راج الكبتاغون كثيراً بين مختلف طبقات المجتمع وقطاعاته وبين أجيال عديدة، إذ أصبح معروفاً لدى مرتادي النوادي من الأثرياء في دبي، وبين طلاب الجامعات في الرياض، وسائقي سيارات الأجرة في بيروت، وبين من يعانون حتى يؤمنوا وجبة الطعام التالية في حلب”.
استخدم من قاتلوا في سوريا هذا المخدر، ومنذ ذلك الحين أصبح الكبتاغون يوزع في حفلات تقام على شرفه خصيصاً في دول الخليج بما أنه رخيص ومفعوله يشبه مفعول الكوكايين لكن من أردأ الدرجات.
تخبرنا روز بأن تجارة الكبتاغون تتم من دون أن توثق، لذا من الصعب معرفة الفوائد التي يجنيها نظام الأسد من ذلك المصدر البديل وغير القانوني الذي يدر عليه أرباحاً طائلة.
وتشرح لنا روز الوضع بقولها: “إن أفضل تقييم أجري حتى الآن على يد المرصد السوري للشبكات السياسية والاقتصادية، يرى بأن الشبكات المرتبطة بالنظام حصلت ما لا يقل عن سبعة مليارات دولار عن طريق هذه التجارة خلال السنوات الثلاث الماضية، ومن المعروف بأن أكبر مراكز التصنيع تقع في وسط المناطق التي يسيطر عليها النظام، وكثير منها يديرها أفراد مرتبطون بعائلة الأسد أو الفرقة الرابعة أو حزب الله. وحتى بعد رفع الوعي، وفرض عقوبات غربية على الجهات المنتجة وعلى المهربين والضغط الذي يمارسه أصحاب المصلحة في المنطقة، من غير المرجح أن تقوم هذه الشبكات بنقل إنتاجها للكبتاغون خارج سوريا، وذلك لوجود بنية تحتية لتصنيع الكبتاغون على مستوى صناعي هناك، ولتواطؤ الحكومة وحاجتها لمصدر ريع بديل، وهذه العوامل كلها أسهمت في ازدهار تجارة الكبتاغون”.
شهدت كل من الرياض وعمان ودبي زيادة في عمليات تهريب الكبتاغون خلال السنوات القليلة الماضية، غير أن معظم هذه العواصم صارت تسعى منذ فترة قريبة لتطبيع العلاقات مع الأسد، وقد بدأ ذلك منذ أيار من عام 2023، وذلك عندما أعيدت سوريا لمقعدها في الجامعة العربية خلال الربيع الماضي بعد مرور أكثر من عقد على طردها من الجامعة في عام 2011 بسبب قمعها الوحشي للمتظاهرين السلميين.
يعلق على ذلك آندرو تابلار وهو عضو في معهد واشنطن بالقول: “علينا ألا نستغرب عدم تضييق الأسد على تجارة الكبتاغون”.
كان الأردن أكثر دولة تضررت من تهريب الكبتاغون عبر الحدود خلال الشهور الأخيرة الماضية نظراً لقربه من سوريا، إذ يرى تابلار بأن للأردن أهمية كبيرة بوصفه دولة عبور إلى دول الخليج العربي وعلى رأسها السعودية والإمارات، إذ يصعب على المهربين السوريين نقل الكبتاغون عبر العراق وغيرها من الأماكن نظراً لانعدام الاستقرار هناك، ويعلق تابلار على ذلك بقوله: “لقد أفضت الأمور بالأردن إلى أن يصبح حرفياً عالقاً في المنتصف بين طرفين”.
يذكر أن الجيش الأردني أعلن في أواخر شهر كانون الأول الماضي بأن قواته المسلحة اشتبكت في عملية إطلاق نار مع مهربين من سوريا حاولوا تهريب الكبتاغون والحشيش عبر الحدود.
فيما ذكر سفيان القضاة، الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية بأن الأردن ضبط خلال الشهر الماضي كميات أكبر من المخدرات والأسلحة عقب محاولة تهريب أخرى.
غارات أردنية تستهدف الجنوب السوري
علق على ذلك القضاة بقوله: “إن عمليات تهريب المخدرات والسلاح من سوريا إلى الأردن والتي قتل وجرح بسببها عدد من جنودنا البواسل، تمثل تهديداً مباشراً لأمن الأردن، ولهذا سنواصل مواجهتها بكل تصميم إلى أن نقضي عليها تماماً”.
ردت عمان على زيادة عمليات التهريب بغارات جوية على سوريا لاستهداف تجار الكتباغون، فما كان من وزارة خارجية النظام السوري، إلا أن شجبت واستنكرت هذه الغارات. ويذكر أن هذه الغارات “أدت لمقتل مدنيين في مدينة السويداء جنوبي سوريا”.
وهنا يخبرنا تابلار بأن الأسد أصبح لديه الدافع لوقف عمليات تصنيع الكبتاغون أو تقليصها إلى أبعد الحدود، ويضيف: “بوسعك أن تفعل ذلك عبر الترغيب، أي عبر استمالته، وهذا ما يريده هو، لأنه بحاجة للمال من أجل إعادة الإعمار، أما الطريقة الأخرى لإجباره على عدم تصنيع الكبتاغون فتتمثل بالقوة العسكرية، ولقد استخدم الأردن ذلك مراراً خلال الشهر الفائت، وعلى مدار السنة الماضية، وتلك هي الطريقة الأسرع لإنهاء أي تصرف سيء يبديه أي شخص، ولكن على الجهة التي تقوم بذلك أن تستمر على موقفها، نظراً لوجود كميات من الكبتاغون أكبر من كميات القنابل إذ بوسعه من خلال ذلك دحر تلك الجهة التي تحاربه، أي أننا فعلاً وصلنا إلى طريق مسدود ونحن نحاول أن نكتشف طريقة للتعامل مع هذا الأمر”.