وكشفت مصادر دبلوماسية لـ”اندبندنت عربية” أنه وبعدما كان بو حبيب لوّح لأسباب معلنة وأخرى غير معلنة بإلغاء الزيارة، أصر الثنائي (“أمل”-“حزب الله”) على ذهابه إلى الأمم المتحدة لمواجهة الضغط الأميركي والأوروبي الهادف إلى تثبيت الفقرة المتعلقة بحرية حركة القوات الدولية من دون التنسيق مع الجيش اللبناني والمحاولات الجارية لإدخال إضافات عليها.
وتردد أن وزير خارجية لبنان وبحجة عدم توافر نفقات سفر الوفد البالغة 10 آلاف دولار كان هدد بعدم السفر، في وقت أوضحت مصادر في وزارة المال أنها سبقت وصرفت في يوليو (تموز) الماضي اعتماداً يغطي كلفة السفر، معتبرة أن التأخير ناتج من إغفال الجهات المعنية في الخارجية متابعة معاملاتها.
وذكرت مصادر دبلوماسية في المقابل أن تردد بو حبيب، وهو سفير أسبق للبنان لدى واشنطن، مرده ما توافر لديه من معلومات توحي بأن مهمته في تغيير القرار الأممي صعبة وأنه سيواجه في المقابل لهجة متشددة ومفاجآت غير متوقعة، كانت ترجمتها الأولى تلقيه رسالة أميركية عبر الأمم المتحدة تبلغه رفض وزارة الخارجية الأميركية تأمين مواكبة أمنية له خلال زيارته لنيويورك، كما درجت العادة في تأمين الحراسة لأي وزير خارجية، وعلم أنه لدى مراجعته الأمم المتحدة أحيل إلى الخارجية الأميركية التي أبلغته بضرورة مراجعة السفارة الأميركية في لبنان.
المهمة اللبنانية المستحيلة
تخوض الدولة اللبنانية وخلفها “حزب الله” ضغطاً في الاتجاهات كافة سعياً إلى تعديل قرار التجديد للقوات الدولية وإعادته إلى ما كان عليه منذ عام 2006 لجهة حتمية التنسيق بين “يونيفيل” والحكومة اللبنانية ممثلة بالجيش اللبناني.
في المقابل تسود قناعة لدى غالبية الدول الأعضاء في مجلس الأمن استناداً إلى تقارير موثقة عن تطبيق الـ1701، بأن القوات الدولية غير قادرة على تنفيذ مهمتها وأن قرار التجديد لعملها غير محترم، وتعززت هذه القناعة الدولية بعد مقتل العنصر الإيرلندي والخرق المستمر للقرار 1701 عبر تعزيز “حزب الله” ترسانته العسكرية على الحدود ونقل السلاح كما ثبت في حادثة الكحالة، إضافة إلى ما تشهده المناطق الحدودية من تمدد مقنّع لـ”حزب الله” تحت مسمى حماية البيئة من خلال جمعية “أخضر بلا حدود” التي فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات عليها واتهمتها الخزانة الأميركية بتقديم الدعم والتغطية لعمليات “حزب الله” في جنوب لبنان على طول الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل على مدى العقد الماضي.
ويواجه الوفد اللبناني مهمة صعبة وسط أنباء عن تشدد أميركي وبريطاني وأوروبي لجهة عدم تغيير النص الذي اعتمد العام الماضي، ويعمل المندوب الأميركي وفق ما كشفت مصادر دبلوماسية في نيويورك لـ”اندبندنت عربية” على إضافة فقرة إلى النص المقترح من فرنسا، لجهة توسيع رقعة عمل “اليونيفيل” بأن تضاف إلى القرار فقرة تسمح للقوات الدولية الدخول إلى الأملاك الخاصة وإلى أماكن وجود “جمعية أخضر بلا حدود” التابعة لـ”حزب الله”.
والمعلوم أنه وفقاً للنظام الداخلي في مجلس الأمن لا يمكن إلغاء أي نص سبق وأُقر بالإجماع لكن يمكن الإضافة إليه.
وتكشف مصادر دبلوماسية في نيويورك عن أن التشدد الأميركي والبريطاني والأوروبي يرافقه، بحسب المعلومات، تشدد إماراتي أيضاً ضمن أجواء ليست بعيدة من أجواء “المجموعة الخماسية” (السعودية ومصر وقطر وفرنسا والولايات المتحدة) التي سبق ودعت في بيانها في قطر إلى تنفيذ القرارات الدولية ومن بينها القرار 1701 المتعلق بعمل القوات الدولية.
فرنسا ترفض ذكر “حزب الله”
وخلال المشاورات القائمة حالياً في نيويورك في شأن النص المتعلق بقرار التجديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان، تسعى أميركا ومعها بريطانيا ودول أخرى إلى ذكر “حزب الله” في القرار الجديد والتذكير بالتعديات المستمرة والخروقات الدائمة للقرار 1701 وتوجيه الاتهام إلى “حزب الله” ووضع الدولة اللبنانية أمام مسؤولياتها، فيما ترفض فرنسا “حاملة القلم” أو واضعة المسودة الأولى للقرار ذكر الحزب.
وتؤكد مصادر دبلوماسية لـ”اندبندنت عربية” أن الجانب الفرنسي هو الذي يتواصل مع الدولة اللبنانية وبقية أعضاء مجلس الأمن، محاولاً التوازن بين موقف الدولة اللبنانية و”حزب الله” من جهة، والولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى.
وتسعى باريس من خلال مقاربة شبيهة لمقاربتها للملف الرئاسي، إلى عدم خلق تشنج في جنوب لبنان حماية لمصالحها الاقتصادية بعد بدء شركة “توتال” التنقيب عن النفط في البلوك 9، ففرنسا وفق المصادر الدبلوماسية تتجنب التصعيد وتعتبر أن حرية التحرك للقوات الدولية هي مسألة ثابتة في القرار الدولي 1701 وفي كل الاتفاقات المتعلقة بعملها ولا داعي بحسب رأيها إلى إضافة أي نص جديد كما يقترح الأميركيون والبريطانيون، كما لا جدوى من إلغاء أو تعديل النص السابق كما تصر الدولة اللبنانية.
وترفض فرنسا الإشارة إلى “حزب الله” في القرار الجديد وتحاول تدوير الزوايا عبر البحث عن نقاط توافق بين مختلف الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن توصلاً إلى التمديد للقوات الدولية وفق القواعد السابقة من دون أي تغيير أو تعديل.
“حزب الله” يخشى القرار الجديد
وإذا كان القرار الأممي باقياً على صيغته السابقة، فإن الجديد هو في النقاش الدولي حول كيفية التشدد بالفقرة المتعلقة بعمل “يونيفيل” وكيفية تطبيقها، ويخشى “حزب الله” ألا يبقى ما ورد في هذه الفقرة مجرد كلام وأن يتحول إلى آلية عملانية بالتنسيق مع الجيش اللبناني، خصوصاً أن قيادة “يونيفيل” فتحت بحسب ما كشفت مصادر دبلوماسية حواراً مع المؤسسة العسكرية حول موضوع إعادة هيكلة العلاقة والتنسيق بما يضمن تنفيذ الفقرة الواردة في قرار التجديد لعملها.
كما يترقب الحزب بحذر إمكان توسيع رقعة المطالبة باحترام القرار 1701 وتنفيذه، خصوصاً لجهة ما يتضمنه من بند متعلق بنزع كل سلاح غير شرعي في المنطقة الممتدة شمال الليطاني، ولفت في هذا الإطار تصاعد النقاش في مراكز القرار حول جدوى الاستمرار بتمويل القوات الدولية وجدوى التجديد لها طالما أنها لا تستطيع تنفيذ عملها وطالما أن القرار 1701 وفي الجزء المتعلق منه بالسلاح غير مطبّق.
وتقود ألمانيا بحسب ما كشفت عنه مصادر دبلوماسية لـ”اندبندنت عربية” مواجهة للمرة الأولى مع فرنسا التي ترفض أن تتحول القوات الدولية إلى قوات لنزع سلاح “حزب الله”، كما تلوّح الولايات المتحدة الأميركية بورقة التمويل لأنها تسهم وحدها بثلث المبلغ المخصص لموازنة “يونيفيل” البالغة 500 مليون دولار أميركي، أما بقية الدول ومن بينها أوروبا، الثانية بعد أميركا، فبالثلثين.
في المقابل تؤكد مصادر دبلوماسية أن البحث في كيفية نزع سلاح “حزب الله” تطبيقاً للقرار 1701 بدأ، لكن وقت التنفيذ لم يحن بعد.