سلط رفض مذيعة النشرة المسائية في تلفزيون لبنان قراءتها الضوء على نظام المحسوبيات في المؤسسة، في وقت يتهم إعلاميون وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري بمحاولة وضع يده على المؤسسة.
وبحسب معلومات تداولها الإعلام المحلي، فإن المذيعة ابتسام عكوش رفضت قراءة النشرة قبل بثّها بفترة قصيرة اعتراضا على تعيينات إدارية في الفترة الماضية أقرها وزير الإعلام اللبناني من دون مراعاة الكفاءة والأقدمية، وكذلك التوزيع الطائفي، وهو الأمر الذي كان قد دفع عدداً من الموظفين في وقتٍ سابقٍ إلى تقديم مراجعة أمام مجلس شورى الدولة لإبطال دفعة التعيينات.
ومرر التلفزيون وقت بث النشرة ملاحظة “النشرة المسائية لم تبث بسبب خلل تقني”، وهو ما يخالف الحقيقة وفق العاملين في المؤسسة.
وكان مكاري تقدّم بطلب إلى مجلس الوزراء في البند رقم 24 من جدول جلسة أعمال المجلس يوم 26 مايو الماضي وفيه “تطلب وزارة الإعلام الإجازة للوزير القيام بالأعمال المطلوبة المناطة بمجلس إدارة تلفزيون لبنان ريثما يتم تعيينه”.
والطلب ليس بجديد، وكان أثاره وزير الإعلام السابق ملحم رياشي عام 2018، لكن رئيسة هيئة الاستشارات والتشريع في وزارة العدل ردّته، إذ أن وزير الإعلام لا يحقّ له غير تسيير المرفق العام بحدّه الأدنى من دفع أجور الموظفين وإيجارات واشتراكات.
وقالت القاضية دنيز معوشي حينها في قرارها إنه “لم يرد في النظام الأساسي لشركة تلفزيون لبنان أو في أيّ أحكام أخرى نص يعطي وزير الإعلام سلطة الحلول محل رئيس مجلس الإدارة في ممارسة صلاحية القيام بأعمال الإدارة العادية”.
وأضاف القرار “في ضوء الأنظمة التي ترعى شركة تلفزيون لبنان ش.م.ل يقتضي تحديد طبيعة الأعمال التي يطلب وزير الإعلام القيام بها لتحديد المرجع الذي يعود له القيام به ولتحديد آلية اتخاذها”، مؤكدا أن “سلطة الدولة الوحيدة والمتمثلة بوزير الإعلام على شركة تلفزيون لبنان هي بتعيين رئيسها ومجلس إدارتها”.
واعتبر مراقبون أن مظاهر انهيار الدولة بكل أشكالها تتجلى خصوصا في مؤسساتها الإعلامية المتعثرة، والتي تتكشف يوما بعد يوم. وإذا كان الإعلان عن “بيروت عاصمة الإعلام العربي 2023” يفتقد كل مقومات المناسبة، فإنه يترافق مع فوضى جديدة في “تلفزيون لبنان” يحاول وزير الإعلام تلقفها بإجراءات غير قانونية تزيد من الفوضى القائمة، خصوصا بعد التعيينات التي أجراها أخيرا، والتي أثرت فيها آراء المستشارين أكثر من اعتماد معيار الكفاءة، ولم تؤد الغاية المرجوة منها.
وقد نشطت حركة الاتصالات الرافضة للإجراءات الجديدة المتوقعة لكونها تعمق الهوة، ولأن وزير الإعلام لا يملك قانونا هذه الصلاحية، وأن تفويضه بالمهمة من مجلس الوزراء يعتبر تغطية للمخالفة.
وأفضت الاتصالات إلى وجوب الاعتراض الوزاري وإبلاغ رئيس الحكومة بهذا الاعتراض لأنه “في ما يتعلق بالبند 24 لكي يجيز مجلس الوزراء لوزير الإعلام هذه الصلاحيات، عليه تغيير وإلغاء النظام الأساسي للشركة والمراسيم التنظيمية اللاحقة التي صدرت عن الحكومة. وبالتالي إلغاء صفة الشركة المساهمة ش.م.ل عن شركة تلفزيون لبنان. والحل الأنسب يكون بالعمل على تعيين رئيس مجلس إدارة مدير عام من قبل القضاء المستعجل للمحافظة على هذا المرفق العام”.
ويرى الكاتب السياسي والخبير المصرفي أنطون سعادة وهو من العاملين في تلفزيون لبنان أن التلفزيون لم يتجاوز مرحلة الزبائنية في تعامله مع التعيينات في إداراته المختلفة. ويقول في حديثه لوسائل إعلام محلية إنّ مكاري تحوّل إلى مدير وأصبحت كل صلاحيات مجلس إدارة التلفزيون بيده، على الرغم من عدم علمه بكيفية إدارة أعمال التلفزيون وتسييرها. علاوةً على ذلك، يُلاحظ في التلفزيون توظيفًا لأشخاص غير أكفاء إذ “يفشل مديرا البرامج والمالية الحاليان في القيام بأبسط مهامهما”.
في المقابل، يدحض مكاري كل المعطيات التي تشي بعدم قانونية البند 24، لافتا إلى أنه “في وقت يصعب تعيين مجلس إدارة لتلفزيون لبنان في ظل استمرار الحكومة في تصريف الأعمال وللنهوض بالتلفزيون الذي يعاني من مشاكل عدة، يحق لوزير الإعلام إدارة أعمال تلفزيون وبالتالي طالبت بالقانون بتولي صلاحية إدارة التلفزيون”.
وأوضح “طلبي هو قانوني ومدعوم بدراسات، حيث يسمح لوزير الإعلام بتولي هذه المهام. ومع ذلك، إذا كان الطلب غير قانوني، سنناقش ذلك في مجلس الوزراء وسأتراجع عنه. ومنذ توليت مهامي، لم يحصل انتهاك للقانون في أي معاملة، ولو ارتكبت يومًا خطأ قانونيًا، فهو لصالح تلفزيون لبنان بغية وضعه على سكة الخلاص”.