لم تهدأ الاتصالات ولا الاجتماعات السياسية والأمنية اللبنانية والفلسطينية، من أجل سحب فتيل تفجير الوضع الأمني في عين الحلوة – أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان (صيدا)، على خلفية اغتيال أحد عناصر الأمن الوطني الفلسطيني ياسين عقل، وما أعقبه من استنفار عسكري غير مسبوق لحركة «فتح» التي طالبت بتسليم المتهَم وهو أحد الناشطين الإسلاميين الفلسطيني محمد جمال حمد.
وأعادت عملية الاغتيال عين الحلوة إلى المربع الأول من الأمن الهش، الذي ما زال المخيم يعيشه منذ الاشتباك المسلّح الذي وقع بين «فتح» والناشطين الإسلاميين في 30 يوليو 2023، عقب اغتيال قائد «قوات الأمن الوطني الفلسطيني» في منطقة صيدا اللواء أبو أشرف العرموشي ومرافقيه وبقيت تداعياته أشهراً عديدة حتى قررت «فتح» إزالة المظاهر المسلحة والدشم والمتاريس ومعاودة فتح الطرق بعد عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر الماضي.
وتوقّفت مصادر فلسطينية باهتمام بالغ أمام توقيت الاغتيال. وقالت لـ «الراي» إن «توتير الوضع الأمني في عاصمة الشتات الفلسطيني في هذا الوقت بالذات، يهدف إلى إرباك الساحتين الفلسطينية واللبنانية في خضم التصعيد العسكري على جبهة الجنوب اللبناني وتهديدات المسؤولين الإسرائيليين بشن عدوان واسع على لبنان، ناهيك عن استمرار الحرب على غزة وحرب الإبادة».
على أن اللافت، أن الاغتيال جاء بعد أيام قليلة على الضجة الإعلامية التي أثيرت حول قيام «الجبهة الشعبية – القيادة العامة» بزعامة أحمد جبريل بإخلاء موقعها العسكري في الناعمة – ساحل الشوف، وتبيّن عدم صحتها حيث أكد مسؤولها في لبنان غازي دبور «أبوكفاح»، أن ما جرى هو إخلاء طريق مدني تسهيلاً لحركة المدنيين، وقرأتْه المصادر الفلسطينية على أنه محاولة لإعادة تسليط الأضواء على السلاح الفلسطيني في لبنان، كما جريمة اغتيال عقل في عين الحلوة.
وفيما رفض ذوو عقل دفنه، استنفرت «فتح» عناصرها في جميع مواقعها العسكرية للضغط باتجاه تسليم المتهم حمد، وبدا المخيم في سباق محموم بين مساعي التهدئة والتفجير، فيما عقدت القيادة السياسية للقوى الوطنية والإسلامية في منطقة صيدا اجتماعاً طارئاً في مركز «النور»، واتفقت على تسليمه في وقتٍ طلب ذووه مهلة لذلك.
في المقابل، نفى «تجمع الشباب المسلم» أي علاقة له بالحادث، وأكد في بيان «أننا لم نرضَ ولم نقبل به ولا نتبناه بل نرفضه ونستنكره ونضعه في سياق الحادث الفردي ونحن مستعدون للتعاون مع المرجعيات للوصول إلى حل يرضي الله سبحانه وتعالى».
وشهد المخيم توتراً محدوداً وإطلاق نار في الهواء وإلقاء قنبلة احتجاجاً، وأقفلت حركة «فتح» الطرق الرئيسية عند مداخل عين الحلوة أمام حركة السيارات وعند منطقتي الطوارئ – التعمير، بينما أغلقت المحال التجارية أبوابها في الشارع الفوقاني، وخلا سوق الخضار من الباعة والمتسوقين، ونزحت عشرات العائلات تخوفاً من أي تطور أمني.