عادت الاهتمامات اللبنانية اعتبارا من يوم امس، إلى قواعدها السياسية الداخلية بعد أسبوع من القلق والمخاوف جراء الاشتباكات في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، بين حركة «فتح» والتنظيمات الأخرى المدعومة من فريق «الممانعة» الإقليمية، وما تلاها من تحذيرات لرعايا الدول الخليجية مصحوبة بدعوة للمغادرة.
بداية الأسبوع اجتماع لمجلس الوزراء مخصص لدراسة الموازنة العامة واجتماع لمجلس الأمن الداخلي برئاسة وزير الداخلية بسام مولوي ظهر أمس، في ضوء البيانات التحذيرية لدول الخليج وألمانيا، وقد تقرر في هذا الاجتماع سد ما أمكن من ثغرات أمنية، مع تطمين من يعنيهم الأمر، إلى عودة الاستقرار والى الجهود التي تبذلها هيئة العمل الفلسطيني المشترك، لتثبيت وقف إطلاق النار، وتسليم المتورطين بقتل العميد محمد حسن العرموشي ومرافقيه الى القضاء اللبناني.
وطمأن الوزير مولوي في دردشة مع الصحافيين الدول العربية قائلا: «لا تخوف من أحداث أمنية». وقال: «لا نقبل التفلت الأمني في لبنان وأي دعم لفصائل مسلحة في لبنان هو أمر مرفوض ونرفض السلاح المتفلت «لا نقبل بأي تعرض لأمن اللبنانيين او العرب في لبنان، تعريض أمن لبنان للخطر أمر غير مقبول والجيش وقوى الأمن يضبطون الأمن على الأرض».
وختم: «المطلوب عدم وجود أي مسلح على الأراضي اللبنانية ونحن لا ننفذ أجندات أي طرف».
في هذا الوقت تابع عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد اتصالاته، على المستويين اللبناني والفلسطيني، لتنفيذ ما اتفق عليه بشأن تسليم الفاعلين في حادثة قتل القيادي أبوأشرف العرموشي، وإخلاء شوارع المخيم من الحواجز وغيرها من المظاهر المعيقة لعودة الحياة الطبيعية إلى المخيم وجواره.
وفي معلومات «الأنباء» أن ما كان مطروحا، على صعيد المعالجة الجذرية للوضع في المخيم، يبدو أنه ألغي أو جمد تجنبا للمواجهة مع الأطراف الداعمة للجماعات المسلحة داخل المخيم.
واليوم الثلاثاء، موعد الاجتماع الوزاري المثير للجدل، والذي دعا إليه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في المقر الصيفي للبطريرك الماروني بشارة الراعي في الديمان شمالي لبنان.
وقالت إذاعة «صوت لبنان» لا رجوع عن لقاء الديمان بين رئيس الحكومة ومن يحضر من الوزراء مع البطريرك الراعي والمطارنة الموارنة، سواء حضر الوزراء الموارنة في الحكومة، وغالبيتهم من «التيار الوطني الحر» أو قاطعوا، فإن الرئيس ميقاتي رابح على أي حال إذا حضر «وزراء التيار» الموارنة والمسيحيون اضطرارا، يكون قد أنهى مقاطعتهم للعمل الحكومي، وإذا استمروا في المقاطعة ولم يشاركوا في الاجتماع الوزاري- الكنسي يكون قد سلف البطريرك والمطارنة «جمعة» وزارية غير مسبوقة ولو اقتصرت على التشاور في الملفات الأساسية.
وفي معلومات لاحقة لـ«الأنباء» ان اجتماع الديمان مرشح للتأجيل ليس بسبب معارضة بعض التيارات المسيحية وحسب، إنما للأسباب الدستورية التي تحدد مكان اجتماع الحكومة في مقرها داخل العاصمة.
ويبدو ان مثل هذا الاجتماع التشاوري كان في نية الرئيس ميقاتي استكماله بلقاءات مع المرجعيات الدينية الأخرى، ما من شأنه توسيع دائرة العمل الحكومي.
على الصعيد الرئاسي، الحراك معلق بانتظار عودة الموفد الرئاسي الفرنسي الخماسي جان ايف لودريان إلى بيروت في سبتمبر المقبل، ليطلق محادثات لبنانية- لبنانية من شأنها ان تعيد ملف الرئاسة الى المربع الأول، أي إلى مواصفات الرئيس ومعاييره، مع فارق ان المعارضة اللبنانية تستبعد اي حوار او تشاور محلي قبل انتخاب رئيس للجمهورية.
على ان هذا الملف لم يغلق عند فريق «الممانعة»، فالاتصالات بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» توصلت إلى فتح باب الحوار بين التيار والمرشح الرئاسي سليمان فرنجية، وعلى أساس المقاومة السياسية.
وفي السياق، ردت «القوات اللبنانية» على إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري تمسكه بترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية. وقالت في تقريرها اليومي أمس: من حق الرئيس نبيه بري أن يقول: «أنا مستمر بترشيح سليمان فرنجية حتى النهاية»، فلا أحد يناقشه في هذا الحق الذي يشكل انعكاسا لقناعة ورؤية ونظرة ومشروع، كما لا أحد يناقش أي نائب أو كتلة في تمسكها بالمرشح الذي تريده، وهذا جزء لا يتجزأ من حقوقه كرئيس كتلة نيابية ترى في فرنجية رئيس الجمهورية الأفضل في هذه المرحلة.
وأضافت: «لكن ليس من حق الرئيس بري ولا أي نائب أن يخلط بين تمسكه بترشيح معين، وتعطيله للاستحقاق الرئاسي على غرار ما هو حاصل منذ انتهاء الولاية الرئاسية السابقة في نهاية أكتوبر الماضي، وهذا الفريق على رأسه بري يتحمل مسؤولية تعطيل الدستور، ويتحمل أيضا مسؤولية الشغور المتمدد، ويتحمل أيضا وأيضا مسؤولية استمرار الانهيار».