ترجح أوساط عربية وغربية استجابة قطر لضغوط أميركية بطرد قادة حماس المقيمين لديها نتيجة استمرار الحركة في المماطلة بشأن مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن التي عرضها الأسبوع الماضي وستفضي إلى تهدئة يتم على إثرها إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين وزيادة المساعدات إلى قطاع غزة.
وترى هذه الأوساط أن الوقت لم يعد في صالح قطر ولا في صالح حركة حماس، في ظل ضغوط بايدن على الدوحة لأجل أن تمارس ضغوطها هي الأخرى على قادة حماس الموجودين على أراضيها للقبول بمبادرة بايدن.
ولئن كانت قطر قد أوحت في مناسبات سابقة بأنها تقف إلى جانب حماس وتترك لها حرية اتخاذ قراراتها، فإن الأمر تغير الآن في ظل تمسك الرئيس الأميركي بإنجاح مبادرته، خاصة أن إسرائيل لم ترفضها بشكل واضح، ولم تبق إلا حماس التي تناور بربح الوقت وتؤجل الإعلان عن موافقتها أو رفضها.
ولن يجد القطريون من خيار أمامهم سوى دعوة قادة حماس إلى مغادرة الدوحة، والأمر ليس سوى مسألة وقت، طالما أن الحركة ترفض القبول بالمبادرة الأميركية، والتي لا توجد فيها ضمانات واضحة بوقف الحرب كما تريد حماس، بل على العكس تترك لإسرائيل خيار استئناف الحرب في الوقت الذي تريد.
وأمضت إدارة بايدن الأسبوع الماضي في دفع الحلفاء في الشرق الأوسط إلى توجيه تهديدات محددة لحركة حماس، كجزء من حملة عاجلة لدفع الحركة نحو القبول بما عرضه بايدن.
وحثت الولايات المتحدة قطر على الإعلان عن أنها ستطرد حماس إذا لم تقبل خارطة بايدن، وفقا لأحد المسؤولين الأميركيين.
وقال مسؤول أميركي لـ”سي أن أن” إنه “بعد مرور أشهر على إخبار قادة حماس بأنهم قد يهددون بالطرد، وجهت قطر هذا التهديد بالفعل”.
وفيما تريد قطر تأكيد دعمها لمبادرة بايدن بشكل واضح لتبديد ما سبق أن وجه إليها من تهم في الداخل الأميركي، لا تبدو حماس مهتمة بالحرج القطري أو أنها تفكر في منح الوسيط المحسوب عليها ورقة لتقوية موقفه.
ورغم عناد حماس قد تجد قطر نفسَها مضطرة إلى الضغط على الحركة لقبول الخارطة؛ فهذه فرصة أمام الدوحة لتأكيد أنها وسيط محايد، وأنها ليست محسوبة على حماس ولا راعية لها، وأن وجود بعض قادة الحركة على أراضيها يأتي ضمن تفويض أميركي.
لكن المسؤولين القطريين يعرفون أن فشل مبادرة بايدن قد يسبب لهم الكثير من المشاكل، أولها خسارة دورهم كوسيط، وهي مهمة تراهن عليها الدوحة لتظهر أن لها حظوة لدى الأميركيين. ثانيها إثارة غضب الأميركيين على قطر بعد فشلها في تحقيق ما كانوا يريدونه منها، والغضب سيتجاوز البيت الأبيض ليطال دوائر مختلفة كانت لها مؤاخذات على ما تقوم به قطر في علاقتها بالجماعات الإسلامية.
وظهرت أصوات تطالب الدوحة بقطع التمويل عن حماس وطرد قادتها خارج قطر، محذرة من أن الأميركيين سيعيدون تقييم علاقتهم معها، ما قد ينتهي إلى مراجعة تصنيف قطر كدولة صديقة.
ويتخوف القطريون من أن يتطور المناخ المناوئ لهم إلى مرحلة تهدد مصالحهم الاقتصادية والمالية.
وكان منتدى الشرق الأوسط الذي يُحسب على اللوبي اليهودي الأميركي قد وجه رسائل إلى 12 شركة وصندوق تحوط، يحثها فيها على قطع علاقاتها الاستثمارية مع جهاز قطر للاستثمار.
وأطلق المنتدى حملة رقمية على موقعه الإلكتروني يحث من خلالها “شركات الاستثمار الأميركية والشركات الخاصة على قطع علاقاتها الاستثمارية مع قطر ردا على دعمها مذبحةَ حماس في إسرائيل”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر الأربعاء إن الولايات المتحدة رأت أن مصر وقطر “تمارسان ضغوطا كبيرة على حماس”، لكنه رفض الخوض في تفاصيل حملات الضغط المنفصلة تلك.
وأضاف “لقد رأينا كلا البلدين يلعبان، على ما أعتقد، دورا مهمًا للغاية في التوسط في هذه الصفقة، وفي توضيح أن هذه الصفقة في مصلحة الشعب الفلسطيني، والقيام بذلك بشكل مناسب”.
ويقول المسؤولون الأميركيون إن مصر تمارس المزيد من الضغوط على حماس أكثر مما كانت عليه في الماضي، ولكن التفاصيل الدقيقة للمدى الذي ذهب إليه المصريون في حوارهم الخاص مع الحركة لا تزال غير واضحة.
وأضافوا أن الولايات المتحدة تريد من القاهرة التهديد بقطع نقاط الوصول من مصر إلى غزة، وهي شريان الحياة الرئيسي للقطاع.
وأجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ما يقرب من 12 اتصالا هاتفيا مع لاعبين رئيسيين في المنطقة منذ الجمعة، وشارك مسؤولون كبار آخرون من وزارة الخارجية بشكل وثيق في الجهود الأميركية الشاملة للإقناع بالمبادرة.
وسافر منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك إلى مصر هذا الأسبوع، كما توجه مدير وكالة الاستخبارات المركزية وليام بيرنز إلى قطر على أمل إضفاء المزيد من الزخم على المفاوضات، لكن المسؤولين الأميركيين ظلوا صامتين إلى حد كبير حيال الرحلات حتى الآن، مشيرين إلى حساسية المحادثات الدبلوماسية الجارية.