شهدت مطاعم ومقاهي مدينة جبيل الساحلية المتوسطية زحمة نهاية الأسبوع الماضي تزامنا مع مناسبات دينية (القربانة الأولى لدى الطوائف المسيحية) واستحقاقات عائلية (اعراس وحفلات خطوبة) ومدرسية (احتفالات نهاية السنة الدراسية لدى الصفوف النهائية) أثمرت حجوزات ضخمة في المطاعم، فعاش روادها أجواء صاخبة، وأنفق أصحاب الدعوات الكثير من الدولارات لتقديم الافضل لضيوفهم. ولا داعي للتذكير بأماكن السهر التي تشهد إقبالا من جمهور ثابت يقصد أماكن ومناطق معينة على مدار السنة وفصولها.
وتتزامن مشاهد المطاعم المكتظة مع شعار وزارة السياحة اللبنانية للسنة الحالية «مشوار رايحين مشوار»، بعد عامين طغى عليهما شعار أغنية الشحرورة صباح «أهلا بهالطلة (في السنة الأولى) أهلا (في السنة الثانية)».
تدرك وزارة السياحة ومعها العاملون في القطاع السياحي، والمؤثر بقوة في الاقتصاد اللبناني، ان الغاية من الحملة، تشجيع اللبنانيين في بلدان الانتشار على الحضور إلى بلدهم لتمضية فصل الصيف. والشيء عينه للمقيمين، بتحفيزهم على السياحة الداخلية، التي توفر لهم التعرف إلى أمكان جميلة والنوم في بيوت ضيافة من مستوى متقدم خدماتيا.
«لا تعرفة تقل عن 150 دولارا، ثمن الإقامة مع فطور فقط في أحد بيوت الضيافة في المناطق اللبنانية، شمالا وتحديدا في إهدن (قضاء زغرتا)، مع احتساب مصاريف الانتقال والعشاء وقبلها تناول القهوة او مشروبات خفيفة عصرا». الكلام لسيدة اختارت تمضية عطلة عائلية قصيرة ليومين يتخللهما النوم ليلة واحدة في أحد بيوت الضيافة في ساحة الميدان الشهيرة بإهدن.
من جهته، يحرص جورج جمال (لبناني يحمل جواز سفر أميركي مقيم ثابت في كاليفورنيا)، على الحضور سنويا إلى بيروت «لرؤية الأصدقاء هنا، ذلك ان العادات في أميركا تختلف، وتغيب معها الجمعة مع الأصحاب في مناسبات عفوية. أواظب سنويا على الحضور منذ بداية تسعينيات القرن الماضي. جئت بعد وقف العمليات العسكرية في حرب يوليو 2006، وأمضيت ساعات انتظار طويلة على محطات الوقود منذ عامين، في عز أزمة المحروقات في لبنان. وسأحضر قريبا»، كما قال لـ «الأنباء» من مقر أقامته في «بلاد العم سام».
الجنوب وقرى قضاء النبطية وإقليم التفاح وتلك الواقعة قرب الخيام والبلدات الحدودية المتاخمة لفلسطين المحتلة، خارج الخريطة السياحية هذه السنة، علما ان عددا من أبناء تلك القرى والبلدات حضر بيوت ضيافة وتولى تجهيزها للاستثمار فيها، بعد الرواج الكبير لهذا القطاع في لبنان. الا ان الميدانيات في الحرب جنوبا وبقاعا وخصوصا في محيط مدينة بعلبك، خففت من رغبة الناس في قصد تلك الأماكن.
وفي أجواء مكاتب السفر والسياحة حديث عن أرقام كبيرة من اللبنانيين الراغبين تمضية إجازات قصيرة في أوروبا وتركيا، مع انخفاض نسبة قاصدي مصر بسبب ارتفاع درجة الحرارة في القاهرة وحوض النيل في صعيد مصر.
وتقول عزة العاملة في شركة معروفة تعنى بتأمين خدمات السفر والسياحة «الطلب مرتفع على البلدان ذات المنتجعات البحرية، وخصوصا اليونان. الزبائن يريدون التوجه إلى سانتوريني وميكونوس، على رغم معرفتهم بأن الأخيرة مكلفة أكثر من غيرها، بدءا من أسعار تذاكر السفر والإقامة. ولعل استضافة باريس لدورة الألعاب الأولمبية وارتفاع الأسعار هناك، جعل دولا أوروبية أخرى مقصدا للسياح اللبنانيين والعرب».
بين السفر بضعة أيام، وتمضية صيف كامل في الربوع اللبنانية من المقيمين، يكمن الفارق بين احتساب الأكلاف والتعرف إلى أماكن جميلة في البلاد. وفي أي حال، التعويل أكبر على المقيمين في بلدان الانتشار، الذي يحضرون صيفا في موعد إجازاتهم السنوية لرؤية الأهل، وتمضية فسحة أقل كلفة من تلك المقدر انفاقها في مدن أوروبية.
«قليل من الأمن، كثير من الحركة السياحية الاقتصادية». ربما هو الشعار المناسب لصيف لبنان 2024.