بالتالي، فإن هذا الصمت يشكل علامة فارقة لم تشهدها أي دولة، ولم تلحظ مثيلا لها أي معركة انتخابية في دولة طبيعية، ولها دلالات تقتصر فقط على الواقع اللبناني المصادرة سيادته.
وفي حين، تكلم مطولا عن مشروعه، المرشح الأول للمعارضة النائب ميشال معوض، لم يجرؤ غيره ممن دخل اسمهم بازار الترشيح على النطق بما لديهم مخافة زلة لسان تتعارض مع ما يريد فرضه المحور الممانع، فيخسر ويتم خذفه من المعادلات.
حتى أن المرشحين العالمين سلفا أن ترشيحهم ليس جديا، لم ينبسوا بجملة ولو غير مفيدة بشأن حقيقة الأزمة اللبنانية، تحسبا لإمكانية دخولهم جنة الحكم، لسبب أو لغيره، إن هم حفظوا خط الرجعة.
فهذا الصمت ليس وليد حكمة، وانما وليد انصياع كامل شامل من جانب من رشحه المحور، أو لم يرشحه، عله ينتبه إلى وجوده ومزايا صمته، فتكبر حظوظه ويُطرح اسمه.
وليس مهما بالنسبة لهؤلاء المرشحين أن أزمة انتخاب رئيس للجمهورية تقف عند تطور مفصلي منذ دخول المبادرة القطرية على خط الحوار مع القوى السياسية اللبنانية. ويكرس هذا التطور تخلي الموقف الفرنسي مع إدارته عن التمسك بمرشح الممانعة سليمان فرنجية بعد اقتناع باستحالة توافق اللبنانيين عليه، ويعكسه العمل الجاد بين باريس والرياض من جهة والدوحة من جهة ثانية، لبحث وسائل إخراج الداخل اللبناني من براثن المسؤولين عن عرقلة إنجاز الاستحقاق الرئاسي.
ليس مهما أن التوجهات الحالية للدول المشاركة في اللجنة الخماسية (المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وقطر ومصر، بالإضافة إلى فرنسا)، وتحديدا مع إعلان الموفد الفرنسي جان إيف لو دريان طي صفحة ترشيح سليمان فرنجية، والبحث عن مرشح تنطبق عليه مواصفات بيان الدوحة الصادر عن اللجنة بشأن انتخاب رئيس عبر الدستور، أولا وآخراً، ومن دون شروط، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، وإسقاط كل البدع والأعراف التي يسعى فريق الممانعة إلى تكريسها ان عبر اشتراط الحوار قبل فتح المجلس النيابي للعملية الانتخابية، او عبر العناد والتعنت والتمسك بترشيح فرنجية وإلا.. لا انتخابات من أساسه.
فهؤلاء المرشحين العلنيين وغير العلنيين يربطون مصيرهم بمواقف أذرع محور الممانعة دورانها في فراغ العناد والتعنت، والحؤول دون الشروع في عملية دستورية بسيطة لانتخاب رئيس للجمهورية، لأن الصفقة التي يرمي إليها المحور لم تنضج بعد.
وهم غير معنيين بمضامين الصفقة، وما إذا كانت شروط نضوجها مرتبطة بمآل العلاقة بين إيران التي تحتجز الورقة اللبنانية، وبين الولايات المتحدة لجهة المفاوضات المأمولة المتعلقة باستئناف الحوار بغية حل أحجية الملف النووي الإيراني ورفع العقوبات عن الجمهورية الإسلامية.
هم يراهنون فقط على قدرة “حزب الله” وحلفائه على شل الاستحقاق الرئاسي خدمة لرأس محوره.
اهتمامهم ينصب فقط على تقديم فروض الطاعة والانصياع، وعدم التطرق إلى السيادة المصادرة لمصلحة رأس المحور الإيراني. فهم يؤمنون أن طريق الوصول إلى كرسي الرئاسة سيكون عبر من يصادر السيادة وينفذ مشاريعه التخريبية حتى يرغم المجتمع الدولي على سؤال خاطره والتنازل له والا على لبنان السلام..
لذا هم يقدمون أوراق اعتمادهم وصمتهم مقابل الكرسي.. أما لبنان ومصيره فهو ليس من شأنهم، لأن محور الممانعة ومن يمثله هم أصحاب الشأن..