طبعاً هذا الكلام لن يُعجِب الممانعين لأنه لا يتلاءم مع طروحاتهم التضليليّة التي تصوِّر هذه المواجهة على أنها “مقاومة” ولا تجرؤ على توصيفها على حقيقتها التي هي انتحار.
لن نقف في صف المطبِّلين الذين من مقاعدهم الوثيرة، من لبنان أو من وراء البحار، يزايدون. في مزايداتهم هذه، لماذا لم يتقدّموا العائدين؟ بدل أن يغرِّدوا ويزايدوا؟
أين النواب السبعة والعشرون من كتلتي “حزب اللّه وحركة أمل”، لم يكونوا في الصفوف الأمامية، لماذا بقيت “مقاومة” معظمهم من بيروت والضاحية ومن البقاع؟
شجّعتم الناس على العودة، وأنتم تعرفون أنها محفوفة بالمخاطر، فماذا حقّقتم سوى المزيد من الدماء؟
توقّفت الحرب وأُعلِن اتفاق وقف النار، ووافقتم عليه بالإجماع عبر وزرائكم، فلماذا رميتم أهلكم في النار؟ إذا كنتم لا تريدون وقف إطلاق النار، فلماذا لم تُكمِلوا الحرب؟ ألم تُشعلوا الضاحية الجنوبية “رصاص ابتهاج” بوقف النار؟ فلماذا ترجمونه اليوم وأنتم الذين أطلقتم الرصاص ابتهاجاً بالتوصل إليه؟
أنتم لستم سوى مُزايدين تستعملون الشعب الصادق الجبَّار العفوي وقوداً لتحقيق أهدافكم، تماماً كما استعملتموه منذ الثامن من تشرين الأول 2023، حين ورَّطم لبنان وبيئتكم في حرب “الإسناد والمشاغلة” والتي أقلّ ما يقال فيها إنها انتحارية!
هل تجرؤون على مكاشفة الرأي العام بالحقيقة؟
هناك اتفاق تمَّ توقيعه، فإذا كان لم يعجبكم، لماذا وافقتم عليه؟ لماذا لم تُكمِلوا الحرب؟
بعد أسابيع معدودة على وقف إطلاق النار، أطلّ الأمين العام الجديد لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم ليقول:
“لقد رمّم حزب الله نفسه على كل المستويات”، فإذا كان الأمر حقيقياً، لماذا لم تستأنفوا الحرب؟
مزايدتكم مكشوفة. تزايدون في الجنوب بهدف إحياء معادلة “شعب وجيش ومقاومة” لاستخدامها في الداخل. فاتكم أن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء.
ومزايدتكم كلّفت دماء…
رحم الله الضحايا وعددهم تخطى العشرين، والشفاء العاجل لأكثر من مئة جريح.
نجحتم في استخدام الجنوبيين كبش فداء، لكن هذا النجاح سيأتي على حساب توريط الدولة اللبنانية بأنها لا تلتزم اتفاق وقف النار. هلَّا طلبتم من الرئيس نبيه بري الذي فاوض باسمكم ووافق على الاتفاق، أن ينشره بنصّيه باللغة الإنكليزية وباللغة العربية؟ وهلّا طلبتم من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن ينشر محضر جلسة مجلس الوزراء التي تمّ فيها إقرار الاتفاق بالإجماع؟