لا شيء في الوقت الراهن لبنانياً يوحي بأن الأمور تتجه إلى التهدئة، بل على العكس، فلسان حال معظم المتابعين أنه لا وقف إطلاق نار قريباً بين إسرائيل و”حزب الله”.
وفي التطورات الميدانية استهدفت طائرات إسرائيلية قبل أيام قليلة ثاني معبر أساس يربط لبنان بسوريا، وهو معبر جوسية – القاع، آخر معبر من البقاع الغربي إلى الأراضي السورية، وذلك بعد ثلاثة أسابيع من قصف الطريق الدولية بين البلدين عند نقطة المصنع، مما أدى إلى إقفال المعبر هناك أمام السيارات والشاحنات، لكن بقي الناس يعبرون الطريق المدمرة سيراً على الأقدام متوجهين نحو الداخل السوري.
ومن شأن إغلاق معبر جديد بين البلدين أن يفرض مزيداً من التضييق على اللبنانيين والاقتصاد اللبناني، بخاصة لناحية تصدير واستيراد المواد الأساسية، كالمواد الغذائية والصناعية والمنتجات الزراعية من وإلى لبنان.
هذا لناحية المعابر البرية، أما لناحية مطار لبنان الوحيد، وهو مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، فلا يزال يشهد حركة طيران، لكن خجولة جداً تكاد تقتصر على شركة “طيران الشرق الأوسط” اللبنانية، فيما علقت الطائرات الأجنبية غالبية رحلاتها بسبب الأخطار الأمنية، بخاصة أن القصف الإسرائيلي طاول مناطق قريبة من المطار تبعد مئات الأمتار، مما يثير مخاوف جدية من استهدافه مباشرة أو توقف حركة الملاحة فيه تماماً مع تفاقم الوضع الأمني أكثر.
وأكد وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني علي حمية أن “لبنان يتلقی خلال اتصالات دولية تشمل تطمينات من ناحية عدم استهداف إسرائيل مطار بيروت، لكنها لا ترقى إلى ضمانات”، وقال إن الحكومة تسعى إلى أن تبقى المرافق العامة براً وبحراً وجواً سالكة.
يؤكد متخصصون في مجال الملاحة والطيران أن الوضع في مطار بيروت غير مستقر تماماً، بخاصة أن الضربات باتت قريبة جداً من مباني المطار ومدارج الطائرات، كما أن عمل الطيران المدني في أوقات الحروب، يعتمد بصورة أساسية على تقييم يومي للأخطار تجريه شركات الطيران، لاتخاذ قرار الإقلاع أو الهبوط، بالتالي حركة الملاحة عرضة لأن تتوقف في أية لحظة.
كذلك ينوه متخصصون إلى أن غالبية الرحلات في مطار رفيق الحريري راهناً هي رحلات مخصصة لإجلاء أو إيصال المساعدات، وعادة ما يكون لهذه الرحلات ضمانات من المنظمات الدولية.
تحذير للشواطئ اللبنانية
في سياق آخر، حذرت إسرائيل مرتادي الشواطئ ومستخدمي القوارب في المياه اللبنانية من الوجود على شاطئ البحر، بداية “من خط نهر الأولي جنوباً”، مما أثار مخاوف جدية من احتمال إطلاق تل أبيب عملية بحرية قد تتضمن إنزالاً على الشاطئ، وربما فرض حصار بحري، مما يعني حكماً تعذر وصول البواخر إلى لبنان بالتالي تأثر عمل مرفأ بيروت واحتمال انقطاع المواد الغذائية والاستهلاكية.
وفي هذا الإطار قال رئيس مجلس إدارة ومدير عام مرفأ بيروت عمر عيتاني للوكالة الوطنية للإعلام في لبنان إن هناك خطة طوارئ واحتياط تحسباً لأي تعدٍّ إسرائيلي على المرفأ. وحول العمل في المرفأ في الوقت الراهن قال، “حركة الملاحة تأثرت بحكم المخاوف وارتفاع كلف التأمينات “لكن القدرة التشغيلية في مرفأ بيروت، ما زالت هي نفسها ولم تتأثر”. وأضاف، “لا حديث رسمياً عن حصار بحري على لبنان باستثناء ما ذكر في الإعلام عن المحاذير التي طاولت نهر الأولي، وصولاً إلى الناقورة”.
خوف من حصار تام
وما بين التطورات الأمنية المتسارعة والتحذيرات الإسرائيلية، تبرز مجموعة أسئلة يطرحها اللبنانيون، ومن بينها هل نحن على بعد أيام أو ربما أسابيع قليلة من حصار تام، وماذا لو بات هذا الحصار أمراً واقعاً، هل تكفي المواد الغذائية والطبية والمحروقات لفترة محددة؟ وما الخيارات البديلة؟
نقيب الصيادلة جو سلوم كشف في حديث إلى “اندبندنت عربية” عن أن 80 في المئة من الأدوية مؤمن، وهناك تطمينات من وزارة الصحة ومن المستوردين أن هناك مخزوناً دوائياً يكفي لأربعة أشهر، كما أن هناك تطمينات بأن جزءاً من حركة الطيران مخصص لاستيراد الأدوية ونتأمل اليوم أن يستمر هذا الوضع.