وهذا ما حصل خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمملكة العربية السعودية. وكان سبق ذلك توجيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعوة للرئيس السوري أحمد الشرع إلى باريس المعتبرة بوابة أوروبا. إلى ما هنالك من حركة ديبلوماسية مكثفة في اتجاه سوريا الجديدة، وإن لم تكن استقرت على صيغة ثابتة. ولعل المسار السوري ذاهب إلى ما هو أبعد من خلال إبداء الشرع استعداداه للانفتاح أيضا على علاقات تعاون مع إسرائيل.
في لبنان الخطى في اتجاه طي صفحة السلاح من خارج الشرعية، ونعني بذلك سلاح “حزب الله”، بطيئة للغاية. والحديث عن السلاح شمال نهر الليطاني معدوم تماما. وموقف الدولة ليس موحدا. فرئيس الجمهورية يقول شيئا، ورئيس الحكومة يقول شيئا آخر، وبينهما رئيس مجلس النواب يقول ويتصرف على قاعدة أن شيئا لم يتغير في لبنان بعد الحرب بين إسرائيل و”حزب الله”.
طبعا يسجل لرئيس الحكومة أنه أدلى خلال زيارته دولة الإمارات بمواقف متقدمة عن قرينيه في “الترويكا” الرئاسية، لكن تلك المواقف تبدو محاصرة بالعديد من العناصر والاعتبارات السياسية والظرفية. لكن ما يغيب عن بال كبار المسؤولين في لبنان أنه يستحيل وضع لبنان على سكة التعافي الاقتصادي والسياسي قبل نزع سلاح الحزب المذكور وسائر الأحزاب، إضافة إلى المنظمات الفلسطينية. أما التذرع بالاحتلال الإسرائيلي لخمس نقاط في الجنوب، ومواصلة إسرائيل استهداف مقاتلي الحزب وقادته الميدانيين فحجة ضعيفة للغاية نظرا إلى المطلوب دوليا وعربيا، وحتى من غالبية ساحقة من اللبنانيين نزع كل الذرائع لتوريط لبنان بنزاعات لا علاقة له بها.
في مطلق الأحوال، وفي ضوء رفض الحزب المذكور وحلفائه المعلنين وغير المعلنين نزع السلاح، سيبقى لبنان واقفا على قارعة الطريق فيما ستستقل سوريا قطار الاندماج السياسي والاقتصادي في الحاضنة العربية-الدولية.
بناء على ما تقدم، نقول ل “الثنائي الشيعي” الذي لا يهمه سوى إيقاف عقارب الزمن عند تاريخ ٧ تشرين الأول ٢٠٢٣ وشدّ البلاد نحو القعر، إن إعادة الإعمار لن تحصل ما لم يدرك “الثنائي الشيعي” أن المنطقة تغيرت، ولبنان خرج من دائرة نفوذ إيران الإقليمية إلى رحاب الأسرة العربية والمجتمع الدولي.