عندما يُوَجِهْ المال القذر أجهزة الإعلام وبرامجها ورموزها، عندما يُخٌتَصر الجمال بحقنات البوتكس، عندما يغرف احد الفنانين الاجانب مئات أُلاف الدولارات خلال ساعتين من بلد مفلس تنهشه الحرب والفوضى والويلات، عندما يَستَغِل التجار حال الفلتان ليسرقوا شعبهم الموجوع بشكل غير مسبوق، عندما يشكل عديد النازحين ٥٠% من إجمالي عدد السكان،
عندما تصبح القدرة الشرائية للنازح أقوى بأضعاف واضعاف من القدرة الشرائية للمواطن اللبناني في عرينه، عندما تؤمن الأدوية والطبابة للاجئين ويموت ابن البلد على ابواب المستشفيات، عندما تدمر ضيع بأكملها خدمة لمشاريع اقليمية لا ناقة لنا فيها ولا جمل، عندما ترفع المدارس والجامعات التابعة للمؤسسات الدينية اقساطها بشكل صاعق ومتصاعد في خضم المعاناة، عندما يهرول شبابنا الى الغربة بحثاً عن غدٍ افضل، عندما يتحكم اولاد الاقطاع بإرث فخر الدين ويوسف بك كرم وهم يتغنون بالمساواة والديمقراطية،
عندما ترحل طيور الحب وتجتاح الغربان سمانا، عندما يصبح مصير أُسود الغابة بيد الحمير والقرود، عندما يقف مُدَعي الكرامة وحاملي لواء القضية اذلاء على ابواب الضاحية طمعاً بالمال، عندما نفتقد الرجال ولا نجدها الا في القبور، عندنا يسحق الشر والدم والعمالة والاجرام الحق، عندما تبكي فيروز على مفرق دارينا، عندنا تصبح الصلاة باب رزق وفرصة عمل، عندما تنتفي الأخلاق وتزدهر الدعارة، عندنا تغتال الواسطة سنين الخبرة والشهادات الجامعية، عندما تتبدل المواقف كما تتبدل الاحذية، عندما تسود شريعة الغاب لحساب سطوة الشبيحة والزعران،
عندما تصبح عمولات ورسم طوابع الميكانيك ولاصقِِهِ اغلى من قيمته، عندما نموت نحن ولا يبقى لبنان، نكون ذاهبون بثبات نحو أفول نجم وطننا، كما نكون قد سمحنا بإستكبارنا الفارغ لأحقر الناس بنحر تاريخنا المجيد ووأد عظمة وطن كان يوماً ما مقلعاً للرجال والعباقرة، كما ونكون متوجهين بثبات الى يوم سنبكي فيه وطناً إرتدى أبناؤه ثوب الخنوع في وجه جلاديهم من أرباب منظومة الفساد دون ان نتمكن من المحافظة عليه كالرجال.
حينها فقط، سيسجل التاريخ اننا لم نَقُمْ بِبْيع ارضنا فحسب، وإنما بعنا المبادىء والاخلاق وحقيقة البسالة والانتماء لأرضٍ لطالما حفر نساكها والرهبان أسرار قداستها.