صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

ركاب القارب اللبناني العالقون في ليبيا.. سيناريوهات مرعبة ومصير مجهول

بقلم : أسرار شبارو - "الجوع والفقر والحرمان ودموع طفلتيّ التي لا تنفك تنهمر عندما أعجز عن تأمين ما تطلبانه، كل ذلك دفعني إلى اتخاذ قرار مصارعة الموت في البحر على أمل الوصول إلى بلد يحترم الإنسان وحقوقه، صعدت وإياهما في قارب للهجرة غير الشرعية وانطلقنا من الشاطئ اللبناني باتجاه إيطاليا، لكن سارت الرياح بعكس ما تشتهي أمنياتنا"... بهذه الكلمات بدأت سمر البطن الحديث عما حصل معها ومع ركاب القارب الذين تم إيقافهم في ليبيا.

كان القارب يسير إلى وجهته حين اعترضته عناصر من كتيبة طارق بن زياد مغيرة مساره بالقوة، وتقول سمر لموقع “الحرة”، “تم ايقافنا مدة أسبوع في الحجز، لنجد بعدها أنفسنا في الشارع، تكفلت بعدها عائلة من شمال لبنان تقيم في ليبيا منذ عام 1982 بتأمين مأوى عبارة عن شقتين لـ 21 لبنانياً”.

ما حصل بحسب سمر كارثة، شارحة “باع زوجي العسكري في الجيش اللبناني منزلنا بـ15,000 دولار، وكذلك الأثاث وكل ما نملك، وانتقل للعيش في منزل أهله، وذلك لدفع ثمن رحلتي وطفلتيّ، حيث كان ذلك الخيار الوحيد بالنسبة لنا لتغيير مجرى حياتنا، لكن بدلاً من ذلك خسرنا كل شيء، وبعد الذي حصل يستحيل أن أعود إلى لبنان، فلا سقف لديّ ليأويني وراتب زوجي لا يتعدى الـ70 دولار”.

جميع من تحدث معهم موقع “الحرة” ممن كانوا على متن القارب، عبّروا عن ندمهم لتعليق أملهم على قارب خشبي، ظهر أنه عاجز عن ايصالهم إلى أحلامهم، واجمعوا على عبارة “اخترب بيتنا” ورفض العودة إلى وطنهم، منهم ميرفت إبراهيم، التي باعت أثاث منزلها وكل ما تملك واستدانت 6000 دولار، لكي تتمكن من جمع 12,000 دولار وهو المبلغ الذي طلبه صاحب المركب مقابل حجز خمسة مقاعد، لها ولزوجها وأطفالها الثلاثة، وتقول “فضّلنا المغامرة على البقاء في وطن نعجز فيه عن تأمين قوت يومنا، فراتب زوجي من العمل في محل حلويات لم يكن يكفي لكي نسد به جوعنا”.

وتضيف “بعدما وجدنا أنفسنا في ليبيا بدلاً من إيطاليا، لا أعرف ماذا سنفعل، لكن بالتأكيد لا نفكر بالعودة إلى لبنان، فأولاً لا نملك المال لسداد ديونا ولا حتى لمعاودة استئجار منزل ما يعني أن مصيرنا الشارع”.

أما منال شقيقة ميرفت فتقول لموقع “الحرة” “سافرت برفقة أولادي الأربعة، في حين بقي زوجي العاطل عن العمل منذ سنتين في لبنان، ورغم أننا نعيش الآن مصيراً مجهولاً إلا أني أرفض العودة إلى وطني لأن ذلك يعني دماراً شاملاً لعائلتي، وعلى مسؤول الرحلة الذي لم يرافقنا أن يتكفّل بنا، لكن إلى حد الآن لم يتواصل معنا، وكما عملت يتابع مع أهلنا في عكار المستجدات”.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

تفاصيل تغيّر المصير

وعن الرحلة المشؤومة تحدث رئيس مركز سيدار للدراسات القانونية والمدافع عن حقوق الإنسان، محمد صبلوح، حيث قال “في 11 أغسطس أبحر مركبان من شاطئ الشيخ زناد في عكار، أحدهما تمكّن الجيش اللبناني من إيقافه، فأعاد الركاب الذين كانوا على متنه إلى الشاطئ، أخلى سبيل اللبنانيين منهم ونقل الركاب السوريين إلى منطقة وادي خالد الحدودية، حيث سلّمهم إلى مهرّبين، لكنهم تمكنوا من دخول لبنان مرة ثانية بعدما دفع كل واحد منهم 600 دولار لهؤلاء، أما المركب الثاني فتمكّن من تجاوز المياه الإقليمية، بـ 37 طفلاً و14 امرأة و56 رجلاً”.

تعرّض القارب في 18 أغسطس لإطلاق نار من قبل قراصنة ليبيين، ما أدى بحسب ما يقوله صبلوح لموقع “الحرة” إلى إصابة بعض ركابه بجروح، “حينها تواصل معي أحدهم، مطلعاً إياي عما يواجهونه، وبأنهم تمكّنوا من الهروب، لكن بعد مرور يومين وقبل وصول القارب إلى الشاطئ الإيطالي، اعترضته عناصر من كتيبة طارق بن زياد، فحاول قائده الهرب لكنه فشل، ليُنقل الركاب بداية إلى مصراتة”.

سارع صبلوح وتواصل مع منظمة هاتف الإنذار، التي تهتم بقضايا من يتعرضون لانتهاكات في البحر، فوجّهت نداء عاجلاً بشأن المركب المختطف، ويقول “ما إن علمت أن الخاطفين يطلبون فدية مقابل إطلاق سراح المختطفين حتى أبلغت مفوضية شؤون اللاجئين والصليب الأحمر لحمايتهم”.

من مصراته إلى ميناء بنغازي نقل ركاب القارب، ويشرح صبلوح “وضعوا في الحجز، وقبل أربعة أيام أطلق سراح العدد الأكبر منهم، حيث لا يزال هناك 30 موقوفاً، وقد وعدنا أن يطلق سراحهم في القريب العاجل”.

الحجز بحسب سمر “عبارة عن خيمة فيها كل الحاجيات من فرش وبطانيات، وكل ما طلبناه من دواء وملبس وحليب أطفال وحفاضات جرى تأمينه لنا، وعلى عكس ما تداوله البعض لم يطلب محتجزونا فدية، بل هم من أعطونا المال، وبعد أن حجزوا هواتفنا عادوا وسلمونا إياها”، مضيفة “أصرينا على إطلاق سراحنا مشددين على أنه يمكننا تدبّر أمرنا وهو ما حصل”. 

من جانبه يتساءل صبلوح “ما مصير الركاب، لبنانيين وسوريين على حد سواء، فإلى حد الآن لم تتواصل السلطات اللبنانية مع السلطات الليبية لمتابعة القضية، كما أن العدد الأكبر من الركاب يحملون الجنسية السورية، وإعادتهم إلى وطنهم تعتبر جريمة كون من بينهم معارضون للنظام”.

لكن سفير لبنان لدى ليبيا، محمد سكينه، أكد لموقع “الحرة” متابعته القضية، معلناً أن ” جميع الركاب الذين كانوا على متن القارب بخير حيث جرى التحقيق معهم من قبل الجهات المختصة الليبية ليطلق بعدها سراح العديد منهم، فاستأجر من بحوزتهم مالاً، مسكناً، والبقية احتضنتهم عائلات لبنانية وليبية” لافتاً إلى أن معلوماته مستقاة من شهود عيان لبنانيين وليبيين ثقات، كونه يتواجد على بعد 2000 كم عن الحدث.

ويشدد “طلبت من دائرة الهجرة والجوازات لائحة بأسماء اللبنانيين، لمعرفة عددهم والتثبت من لبنانيتهم، وأنا أنتظر الحصول عليها ليبنى على الأمر مقتضاه، ووزارة الخارجية اللبنانية بكافة أجهزتها على استعداد كامل لمتابعة الموضوع حتى النهاية، وأتمنى الوصول إلى خواتيمه السليمة”، وتوجّه إلى أهالي الركاب بالقول “السلطة اللبنانية ووزارة الخارجية بشكل خاص لا تترك رعاياها” وفيما إن كان لدى السلطة أموالاً لإعادتهم على نفقتها أجاب “هذا الموضوع يبحث لاحقاً، نريد أن نطمئن على سلامتهم أولاً، وكل شيء مادي له حل”.

تحذيرات من سيناريوهات مرعبة 

منذ فقدان أثر القارب، تتابع مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان الليبية القضية، وبحسب ما يقوله مديرها التنفيذي، طارق لملوم، “المعلومات التي حصلت عليها تشير إلى إطلاق سراح العائلات والإبقاء على الشبان العازبين”.

ويضيف أن “من كانوا على متن القارب هم من جنسيات طالبي اللجوء باستثناء اللبنانيين، ولا يوجد حل أمامهم جميعاً سوى بالتواصل مع مفوضية شؤون اللاجئين لتسجيل أسمائهم لديها كما يمكن لمن يريد العودة من اللبنانيين إلى وطنه التواصل مع المنظمة الدولية للهجرة لتتكفّل بذلك على نفقتها”.

وحذّر لملوم في حديث لموقع “الحرة” من “الخطر الشديد الذي يحيط بمن أطلق سراحهم في حال غادروا مساكنهم، قائلاً “هم معرضون للخطف من قبل عصابات، ولعمليات الإتجار بالبشر وكذلك الاعتقال من قبل جهة أمنية بهدف الابتزاز”.

وتعيش ليبيا حالة انقسام سياسي، وكتيبة طارق بن زياد بحسب سكينه “هي إحدى الكتائب الكبيرة المشرفة على أمن السواحل في الشرق الليبي، وما قامت به من اختصاصها وليس عمل عصابات”، لكن منظمة العفو الدولية سبق أن أشارت إلى أنه “منذ ظهورها في 2016، قامت جماعة لواء طارق بن زياد المسلحة بترويع الناس في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات المسلحة العربية الليبية، ما أدى إلى وقوع سلسلة من الفظائع، بما في ذلك عمليات القتل غير المشروع، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، والاخفاء القسري، والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، والتهجير القسري – بدون خوف من العواقب”.

ومنذ أواخر عام 2021، شارك لواء طارق بن زياد بحسب المنظمة الدولية “في الإبعاد القسري لآلاف اللاجئين والمهاجرين من سبها والمناطق المحيطة بها.

واطلعت منظمة العفو الدولية على منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي وصفحة على موقع فيسبوك يديرها أحد أعضاء اللواء، والتي أظهرت بشكل متكرر أعضاءً من اللواء وهم يقومون بتحميل اللاجئين والمهاجرين في شاحنات متجهة إلى الحدود مع النيجر “لتخليص” ليبيا من “المهاجرين غير الشرعيين”. وحُرم المطرودون من الحق في تقديم طلب لجوء أو الطعن في ترحيلهم، وتُركوا في الصحراء بدون طعام أو ماء”.

وتحذرصبلوح من “تجار الموت ومن شباكهم الخبيثة، فهم يوقعون بكم في مصيدتهم بتصويرهم الرحلات عبر البحر آمنة والحديث عن المستقبل الجميل الذي ينتظركم”.

وتقول: “الحقيقة أنكم تعرضون أنفسكم وعائلاتكم إلى خطر الموت غرقا، أو خسارة أموالكم فيما لو تم توقيفكم من قبل الجيش اللبناني أو في حال اعتقلتم خارج المياه الإقليمية حيث ستتعرضون حينها للإذلال والسجن ولمصير مجهول”.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading