صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

رغم الرسائل الدامية كيف صمدت الـ”يونيفيل” بقلب المواجهة جنوب لبنان؟

بقلم : طوني بولس - في ظل الصراع المستمر بين "حزب الله" وإسرائيل، تظل قوات حفظ السلام الدولية الـ"يونيفيل" قوة استراتيجية مهمة لإعادة الاستقرار بين لبنان وإسرائيل. منذ إنشائها عام 1978، تطورت مهماتها وخصوصاً بعد حرب 2006، وعلى رغم الهجمات المتكررة التي تعرضت لها، بما في ذلك الاعتداءات الدامية على قواتها، تبقى هذه القوات جزءاً حيوياً من أي حل مستقبلي للصراع في المنطقة، وسط توافق دولي على استمرار مهماتها

على رغم احتدام الصراع بين “حزب الله” وإسرائيل في جنوب لبنان، والتخوف من انزلاقه نحو حرب شاملة، لا تزال معظم الأطراف المحلية والدولية تعول على الأهمية الاستراتيجية لقوات حفظ السلام الدولية “يونيفيل” لإعادة ترتيب الاستقرار بين لبنان وإسرائيل، وهذا ما عكسه الإجماع الدولي على تجديد مهمة تلك القوات لعام آخر ينتهي في الأول من سبتمبر (أيلول) 2025.

وتكمن أهمية هذه البعثة الدولية والبالغ عديدها 10500 من قوات تأتي من أكثر من 47 دولة حول العالم، أبرزها إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وإندونيسيا والهند وغانا، ينتشرون في 50 قاعدة، في الصلاحيات التي تستمدها من القرار الدولي رقم 1701 التي تعطيها حق التحرك والتأكد من عدم وجود ميليشيات مسلحة وإدخال أسلحة إلى المنطقة الخاضعة لها بين الخط الأزرق على الحدود مع إسرائيل وصولاً إلى نهر الليطاني جنوب لبنان.

وتتلقى الـ”يونيفيل” تمويلها من موازنة الأمم المتحدة المخصصة لعمليات حفظ السلام، التي تحدد بناء على مساهمات الدول الأعضاء، وتبلغ 503 ملايين دولار سنوياً تخصص لتغطية تكاليف العمليات والرواتب واللوجستيات والصيانة، مما يخولها القيام بنحو 450 عملية مراقبة ونشاط يومي في نطاق جنوب لبنان.

رسائل دامية

وعلى رغم موافقة جميع الأطراف المحلية والدولية على دور الـ”يونيفيل” في حماية الاستقرار وحفظ السلام بين لبنان وإسرائيل، بعد إقرار مجلس الأمن الدولي القرار 1701 الذي توقفت بموجبه الأعمال الحربية بين “حزب الله” وإسرائيل في الـ14 من أغسطس (آب) 2006، إلا أنها تلقت رسائل عدة دامية، بهدف عرقلة دورها بمنع تنامي وجود الميليشيات عند الحدود.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

ويكشف مصدر عسكري لبناني، طلب عدم كشف اسمه، عن أن الرسالة الأقصى والأخطر كانت التفجير الذي طاول الكتيبة الإسبانية في يونيو (حزيران) 2007، وأدى إلى مقتل خمسة جنود من قوات الأمم المتحدة الموقتة في منطقة الخيام جنوب لبنان، إضافة إلى هجمات أخرى منها تفجير عبوة بدورية للكتيبة الإيطالية قرب صيدا، وعدد كبير من الاعتداءات التي كان آخرها عام 2022 حين تعرضت دورية تابعة للكتيبة الإيرلندية لإطلاق نار في بلدة العاقبية مما أدى إلى مقتل أحد عناصرها وجرح آخرين.

وبرأيه فإن تلك الهجمات ممنهجة لتقييد حركة الـ”يونيفيل” ومنعها من القيام بدورها، ولم تتوصل التحقيقات للكشف عن الجهة التي نفذتها، باستثناء الاعتداء الأخير على الكتيبة الإيرلندية الذي ضبط بالجرم المشهود، إلا أن المحكمة العسكرية أطلقت سراح المشتبه فيه الأساسي بالاعتداء ولم تلاحق متهمين آخرين هم جميعهم عناصر في “حزب الله”.

انتقادات واتهامات

وبعيداً من الهجمات الدامية التي تعرضت لها، واجهت الـ”يونيفيل” انتقادات من “حزب الله” الذي يوجه لها اتهامات بالانحياز إلى إسرائيل والتجسس لمصلحتها، مما انعكس على العلاقة مع “الأهالي” (التسمية التي اصطلح “حزب الله” على اعتمادها في شأن الحوادث الواقعة بين أبناء القرى الجنوبية وقوات الـ”يونيفيل”) في بعض المناطق إذ كان السكان يعيقون دوريات القوات الأممية للكشف عن محاولات تهريب أسلحة وترسانات عسكرية ومسلحين إلى الجنوب.

وكان “حزب الله” يتنصل من تصدي المواطنين للدوريات ويبرر تصرفهم بأن دوريات الـ”يونيفيل” تستفز “الأهالي” داخل القرى والبلدات، وخصوصاً إذا لم تكن مؤازرة بدوريات مشتركة مع الجيش اللبناني.   

ما بعد الحرب

وفي السياق يؤكد نائب رئيس عمليات القوات المسلحة اللبنانية السابق العميد حسن جوني أهمية استمرار عمل قوات الـ”يونيفيل” في جنوب لبنان وفقاً للقرار 1701، ولكن في هذه المرحلة بات دورها معطلاً بشكل كامل في ظل الاشتباكات الحاصلة بين “حزب الله” وإسرائيل في نطاق عملياتها، مشيراً إلى أن الحرب الدائرة عطلت أيضاً جميع البنود المدرجة في القرار الدولي.

وتوقع أن يعود دور البعثة الدولية ليكون فاعلاً في مرحلة ما بعد الحرب الدائرة حالياً، لأنه سيرتكز عليها بشكل أساس في ترتيبات نهاية الصراع، وفق الصيغة التي سيتوصل إليها سواء عبر العودة للقرار 1701 أم التوصل إلى تعديلات في مدرجاته.

رفض فرنسي

وحول التمديد الأخير لمهمة الـ”يونيفيل”، يكشف الصحافي المتخصص في الشؤون الأوروبية تمام نورالدين عن أن إسرائيل وأميركا حاولتا تقديم مسودة تتضمن بعض التعديلات على مهمات القوات الدولية تتناسب مع متطلبات المرحلة، إلا أن فرنسا رفضت أي تغيير أو تعديل في نص التجديد لاسيما في ظل إمكان استخدام “الفيتو” الروسي.

وبرأيه فرنسا لا تريد الاصطدام مع “حزب الله” في لبنان في الظروف الحالية وتفاقم التوترات المحلية والإقليمية، لافتاً إلى أن أي تعديل في المهمات التي عدلت العام الماضي، يحتاج إلى مناخ من التوافق الدولي ليمر في مجلس الأمن الدولي، مشدداً على أن أي تعديل في بنود مهمة الـ”يونيفيل” قد يعرض القرار الدولي 1701 لانتكاسة.

أقدم بعثة في الشرق

وتعد قوات الـ”يونيفيل” واحدة من أقدم بعثات الأمم المتحدة في الشرق الأوسط وأطولها خدمة، إذ بدأت عملياتها في لبنان منذ عام 1978. وهي ليست فقط قوة عسكرية، بل تمثل أيضاً رمزاً للجهود الدولية بغية تحقيق السلام والاستقرار في منطقة مضطربة. ومنذ تأسيسها لعبت دوراً محورياً في محاولة الحفاظ على الأمن في جنوب لبنان، وهو دور تعزز وتوسع عبر العقود في مواجهة تحديات أمنية وسياسية كبيرة.

بدأت بعثة الـ”يونيفيل” في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان في مارس (آذار) 1978، وأنشئت بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 425 و426، الذي طالب إسرائيل بالانسحاب الفوري من الأراضي اللبنانية، وأكد ضرورة دعم الحكومة اللبنانية في استعادة سلطتها على كامل أراضيها. وكانت مهمة هذه القوات في البداية مراقبة الانسحاب الإسرائيلي، ومساعدة الحكومة اللبنانية في استعادة سلطتها، وتوفير بيئة آمنة للمدنيين.

لكن دور الـ”يونيفيل” تطور بشكل كبير بعد حرب عام 2006 بين إسرائيل و”حزب الله”، حين عززت قوتها البشرية وتوسيع صلاحياتها بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1701. وكلفت بمراقبة وقف إطلاق النار، ودعم الجيش اللبناني في منطقة العمليات، ومنع تهريب الأسلحة عبر الحدود. هذه المهمات جعلت الـ”يونيفيل” جزءاً لا يتجزأ من أية استراتيجيات دولية لتحقيق الاستقرار في لبنان.

وفي تصريح سابق لـ”اندبندنت عربية” أكد المتحدث الرسمي باسم قوات الـ”يونيفيل” في لبنان أندريا تينينتي أن البعثة الدولية لن تغادر لبنان في أي ظرف من الظروف، وقال “كنا هنا منذ عام 1978 وأثناء الاحتلال والحرب الأهلية والحرب في عام 2006 ولم نغادر أبداً، وحتى الآن نواصل المراقبة والبقاء على الأرض، لذا في الوقت الحالي نحن هنا”، ويضيف مشدداً على أنه إذا تدهور الوضع تماماً وتحول إلى نزاع أوسع، سيقرر حينها مجلس الأمن الذي من صلاحياته حسم مسألة بقائنا أو المغادرة.

شبعا وكفرشوبا

وعلى رغم جهود مجلس الأمن الدولي لبناء السلام والاستقرار على جانبي الحدود بين لبنان وإسرائيل، إذ جسد القرار 1701 الخريطة الدولية لتفكيك الاشتباك بين الطرفين، إلا أن أموراً عدة بقيت عالقة منها النقاط الـ13 على الخط الأزرق، إذ نجحت الجهود في ترسيم الحدود البحرية لكنها لم تتوصل إلى ترسيم الحدود البرية على رغم تنظيم الـ”يونيفيل” لنحو 150 اجتماعاً بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي.

وكذلك تكمن الإشكالية الأبرز في هوية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، إذ تدعي إسرائيل أنها جزء من الجولان السوري الذي احتلته عام 1967 وبالتالي هو غير تابع للقرار الدولي 425، في حين لم يعط القرار الدولي 1701 صلاحية للـ”يونيفيل” بالدخول إلى تلك المنطقة المتنازع عليها، إلا أنه كان أصدر القرار 1680 الذي يدعو إلى اتفاق الحكومتين اللبنانية والسورية على ترسيم الحدود بين الدولتين، وبالتالي ينتفي الجدل حول هوية هذه المنطقة، وهو الذي لم ينفذ على رغم مرور نحو 20 عاماً على القرار.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading