في الموازاة، وخلال استقباله منذ ايام في معراب المنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان عمران ريزا، شدد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على ان لبنان “تحمّل الكثير في سبيل نجدة وإيواء الشعب السوري، لكن الوضع اليوم لم يعد يحتمل وعلينا العمل سوياً وبشكل سريع، للانتقال من تنظيم بقاء النازحين الى تنظيم عودتهم”. واذ أكد “أن لبنان بلد عبور لا لجوء، وفق اتفاقية موّقعة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عام 2003، دعا “رئيس القوات” المجتمعَ الدولي إلى “البناء على التطوّرات الإقليمية الأخيرة بغية انتشال لبنان من هذه الازمة المستفحلة، باعتبار أن المسألة تعدّت وتجاوزت المفهوم الاقتصادي أو الإنساني أو تقدمة المساعدات وتحوّلت الى مشكلة وجودّية سياديّة، وبات حلّها أولى الأولويات، منعاً لتفاقمها وحفاظاً على استقرار البلد من جهة والاقليم من جهة أخرى”..
تأتي هذه الحملة المحلية للاسراع في مسار العودة، في وقت عادت سوريا الى حضن جامعة الدول العربية، وتستعد دمشق للمشاركة في قمة الجامعة التي تُعقد في الرياض غدا بحضور بشار الاسد شخصيا. واذ يشكّل تسهيلُ النظام السوري عودة النازحين احدَ ابرز اهداف احتضان العرب لبشار الاسد من جديد، فإن الخشية كبيرة، وفق المصادر، من ان يتحايل النظام على هذا المطلب من خلال اشتراطِه اعادة اعمار سوريا قَبل استقبال النازحين من جديد، تحت ستار ان المناطق اليوم منكوبة ولا منازل او اراض او اعمال يعود اليها مَن تهجّروا ليس فقط بسبب الحرب بل ايضا بسبب الزلزال الذي ضرب الشمال السوري.
فمن جدة، أكد معاون وزير الخارجية والمغتربين أيمن سوسان ان “الدولة قامت بكل ما يترتب عليها من مراسيم العفو والمصالحات الوطنية، وإجراءات تسهيل عودة المهجرين، لكن تلك العودة لها متطلبات وأهمها توفير الخدمات في مناطق هؤلاء المواطنين، وهنا ندرك التلازم بين عودة المهجرين وإعادة الإعمار لتوفير العودة الكريمة لهم، ولكن هل تتم إعادة الإعمار بوجود عقوبات وحصار اقتصادي؛ فالدول التي تمارس تلك الإجراءات القسرية على الشعب السوري هي التي تعيق عودة المهجرين السوريين إلى بلدهم”.
وعلى وقع هذا الموقف السوري المثير للقلق، تقول المصادر إن بكركي والقوى السياسية اللبنانية ستثير هذه القضية في كل المحافل الدولية والاممية وستضغط بقوة لعدم المماطلة وبدء مسار العودة. فالقضية ستحضر في محادثات الراعي مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الشهر المقبل، وسيثيرها الاطراف المحليون مع كل المسؤولين الامميين والدبلوماسيين المعنيين بالقضية وابرزهم مَن طبّعوا مع دمشق اخيرا، معززة بوثائق تثبت اخطار النازحين الاقتصادية والديموغرافية وتؤكد انهم باتوا نازحين اقتصاديين لا اكثر، وقد سلّم وزير الشؤون هكتور حجار الراعي امس مستندات وارقاما حول اكلاف وتداعيات اعباء النزوح. واذ تشدد على ان التواصل مع الاسد، لا ينفع، لانه لا يريد، او هو غير متحمس، لعودة النازحين بدليل ما قاله نائب وزير خارجيته ومواقف وزير خارجيته ووزير اقتصاده، في جدة، التي تمسكت باعادة الاعمار، تؤكد المصادر ان اللبنانيين عازمون على فعل كل ما يلزم لابقاء الملف حيا ومنع التسويف والمماطلة فيه، قطعا للطريق على تكرار التجربة الفلسطينية مع السوريين… غير انها تعتبر ان من الضروري ان تضطلع الحكومة بمهامها ومسؤولياتها في هذا الشأن، وان تضع خططا تباشر عمليا باعادة النازحين، بعيدا من الزيارات الفولكلوية الوزارية الى دمشق.. فهل تتصرف؟