وجد العلماء أن الأشخاص ذوي البشرة الفاتحة في المملكة المتحدة يفتقرون إلى الجينات التي تحميهم من الضرر الذي تسببه الأشعة فوق البنفسجية (UV) مما يعرضهم إلى خطر أكبر للإصابة بأكثر أنواع سرطان الجلد شيوعاً.
وقال الباحثون من معهد “ويلكام سانغر” Wellcome Sanger Institute إن أصحاب أنواع البشرة من شمال أوروبا يعانون ضرراً في الحمض النووي نتيجة تعرضهم للأشعة فوق البنفسجية الناجمة عن أشعة الشمس أو أجهزة التسمير أو كليهما.
وقارن فريق البحث عينات من خلايا البشرة مأخوذة من جفون العين من أشخاص في المملكة المتحدة وسنغافورة، وتوصلت النتائج التي نشرت في مجلة “نايتشور جينيتيكس” Nature Genetics إلى أن المتحورات أو الطفرات التي تصيب الحمض النووي في أنواع البشرة الشمال أوروبية في المملكة المتحدة هي نتيجة الأشعة فوق البنفسجية، في حين أنه في سنغافورة كانت هذه التغيرات ناتجة بصورة أساس من عمليات التقدم الطبيعية في السن.
وأشار الباحثون إلى أن أصحاب أنواع البشرة الشمال أوروبية، أي “الأقل محمية”، معرضون من بين الأشخاص ذوي البشرة الفاتحة لخطر أكبر للإصابة بأنواع سرطان كيراتينية (keratinocyte) أو اللاميلانوما (non-melanoma).
وفي هذا السياق قالت المؤلفة الرئيسة للدراسة والباحثة ما بعد الدكتوراه في معهد “ويلكوم سانغر” الدكتورة شارلوت كينغ، “تساعدنا هذه النتائج في فهم سبب انتشار أنواع سرطان الجلد الكيراتينية بشكل كبير في المملكة المتحدة، ونأمل في أن تشجع دراستنا الآخرين على البحث بصورة عميقة في أوساط مختلف الشعوب وحول نطاق أخطار السرطان، وعن مؤشرات تدلنا على كيفية تجنب نوع السرطان الشائع بشكل أفضل”.
وتقع سنغافورة قرب خط الاستواء، وبالتالي فإن الأشعة فوق البنفسجية هناك تكون ثلاث مرات أقوى من الأشعة في المملكة المتحدة.
ولكن نسب السرطان الكيراتيني في المملكة المتحدة تزيد بـ 17 مرة أعلى مع حوالى 156 ألف حالة سنوياً مقارنة بسنغافورة.
وفي سياق متصل أظهرت التحاليل التي أُجريت على أكثر من 400 عينة بأن فئة المملكة المتحدة لديها أربعة أضعاف الطفرات في الحمض النووي المرتبطة بالسرطان، وخصوصاً تلك التي تؤثر في جينات السرطان المعروفة مثل النوع “TP53”.
كما وجد الفريق عدداً غير طبيعي من الكروموسومات، أي الخلايا ذات الحمض النووي الطويل، داخل 13 في المئة من الخلايا في البشرة الأكثر شيوعاً في المملكة المتحدة، مقارنة بحوالى واحد في المئة فقط من الخلايا في سنغافورة.
وقال الباحثون إنه مع بلوغ سن 60 سنة تكون كل خلية تقريباً في بشرة العينات المأخوذة من المملكة المتحدة حاملة لطفرة في الجين المرتبط بالسرطان.
بعد ذلك قام العلماء بمقارنة علم الوراثة الجرثومي (germline genetics) أي الحمض النووي المتوارث من الأهل، من متبرعين من المملكة المتحدة وسنغافورة، ووجد الفريق أنه على رغم امتلاك سنغافورة نسبة مرتفعة من التعرض للأشعة فوق البنفسجية مقارنة بالمملكة المتحدة، ورث الأشخاص هناك تحورات جينية لديها تأثير حماية على بشرتهم، وتشمل هذه التحورات جينات مرتبطة بالتصبغات، وهي معروفة بأنها تحمي الخلايا من الأشعة فوق البنفسجية فضلاً عن الجينات المرتبطة بالالتهاب والجهاز المناعي.
وفي هذا الإطار قالت الدكتورة كينغ إن “بوسع التصبغات في البشرة أن تحمي الخلايا من الأشعة فوق البنفسجية، ولكن من شأن اختلافات أخرى على غرار كيفية تعامل الجسم مع الالتهاب أن تفسر الاختلاف في خطر الإصابة بالسرطان من شخص إلى آخر”، وتابعت أن “بوسع دراسة الشعوب التي تتمتع بخطر منخفض للإصابة بالسرطان أن تعلمنا في شأن آليات الحماية الموجودة أصلاً في الطبيعة”.
وأضاف المشرف الرئيس على الدراسة ورئيس فريق البحث في معهد “ويلكوم سانغر” وبروفسور تطور السرطان في جامعة كامبريدج والمستشار في مستشفى أدينبروك في كامبريدج الدكتور فيل جونز، “تظهر دراستنا بأن الأشخاص في المملكة المتحدة يفتقرون إلى الجينات التي تحمي بشرتنا من الشمس، ومن المهم لنا جميعاً أن نتذكر السلوكيات والخطوات التي تحمينا من الشمس، مثل ارتداء ملابس واقية ووضع واق شمسي والجلوس في الظل خلال أوقات الذروة التي تكون فيها الأشعة فوق البنفسجية مرتفعة، ولكن كما تظهر هذه الدراسة فإن هذه الأهمية تبرز بصورة خاصة لدى الشعوب المعرضة لأخطار جينية مرتفعة”.