تزدحم هذه البلدة بمعالم أثرية وقصور تاريخية وساحات تراثية. وكانت مقر الإقامة الصيفي للأمراء المعنيين في لبنان. كما أنها تجمع الحداثة في مقاهيها ومراكز التسلية فيها. أما مطاعمها وبيوت الضيافة فتوفر لروادها إقامة مريحة في بيوت تراثية تم تجديدها. وتشتهر بلقمتها الشهية التي تشمل إلى جانب الأطباق اللبنانية العريقة أخرى غربية.
وحسب عالم الآثار الدكتور حارث البستاني، ابن البلدة، فإن «دير القمر» تطوي محطات تاريخية كثيرة. وكما ذكر لـ«الشرق الأوسط» فهي تجمع المشهد اللبناني الحقيقي من كنائس وجوامع وتحكي معالمها بجدرانها وأحجارها روايات لا تنتهي عن تاريخ لبنان أيام الأمراء الشهابيين والمعنيين. وتعد القيصرية (تشكل جزءاً من قصر فخر الدين الثاني) وهي اليوم مقر للمركز الثقافي الفرنسي في لبنان، نموذجاً حياً لتلك الحقبة.
معالم تاريخية رُمِّمت
فندق «دير الأمراء»
يعد فندق ومطعم «دير الأمراء» من المباني التي أُعيد ترميمها منذ مدة زمنية غير طويلة. فقد شيّده في عام 1827 الأمير بشير الشهابي. واختاره مقراً لشاعره الخاص بطرس كرامي الذي كان يُكنّ له احتراماً شديداً. وبعد أن تحول إلى مدرسة لفترة اصبح واحداً من ممتلكات مطرانية الروم الكاثوليك وأُهمل تماماً، فلفت انتباه منذر البستاني الذي قرر أن يستأجره من المطرانية ويحوله إلى فندق ومطعم بعد أن أعاد ترميمه. وهو يتألف من نحو 20 غرفة منامة ومطعم يقدم أطيب المأكولات اللبنانية.
ساحة «دير القمر» المعروفة بالـ«ميدان»
عندما تزور بلدة «دير القمر» أول موقع يطالعك فيها يعجّ بالزوار والسياح الأجانب هو «الميدان». ويُعرف اليوم بـ«ساحة داني شمعون» ابن الرئيس اللبناني الراحل كميل شمعون أحد رجالات البلدة المعروفين. شهدت هذه الساحة في عصر الأمراء المعنيين مبارزات ومباريات فروسية كثيرة، وتتوسطها بركة مياه مستديرة الشكل يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر، وقربها تقع «المنشية» على مدخل البلدة والتي يعود تاريخها إلى نحو 150 عاماً، وتشكل حديقة عامة مفتوحة أمام زوار البلدة حيث يستطيعون تمضية ساعات جميلة في رحابها.
ومن الساحة تتوجه إلى قاعة العمود التي تشكل امتداداً لها، وتُعرف بهذا الاسم لهندستها القائمة على عمود حجري. كانت هذه القاعة مركزاً لحاكمية الأمير بشير الشهابي.
سرايا الشهابيين
كانت السرايا في الماضي مركزاً لإقامة الأمير بشير الثاني قبل أن ينتقل للسكن في بلدة بيت الدين المجاورة. وهي عبارة عن بناء قديم يتميّز بفناء مستطيل واسع وتُعرف بقصر المير يوسف شهاب. وقد أُقيمت بساحته حفلات ومهرجانات كثيرة. وتم أيضاً عليها تصوير مقاطع أفلام وفيديوكليبات إعلانية. وتتميّز السرايا بتصميمها الشرقي وبوابتها الضخمة المزينة بزخرف وخطوط ونقوش حجرية، وحالياً تُعرف بقصر «دير القمر البلدي» ويحلو لزوار البلدة الوقوف على مداخلها، والتقاط صور تذكارية على درجها.
جولات سياحية سيراً على الأقدام
تحضر في بلدة «دير القمر» متعة التجول بين أزقتها وشوارعها القديمة الضيقة والمرصوصة بأحجار صخرية. وتنظَّم رحلات خاصة للاطلاع عليها وعلى نحو 21 معلماً أثرياً وتاريخياً خلالها. وإذا ما رغب السائح في أن يقوم بها فما عليه سوى الاتصال ببلدية «دير القمر» لتؤمِّن له الدليل السياحي المطلوب. ويقول رودريغ شعيا صاحب (Deq trail) التي تنظم رحلات مماثلة في «دير القمر» لـ«الشرق الأوسط»: « تملك (دير القمر) 32 معلماً تاريخياً ولكن نستطيع التعرف إلى 21 منها خلال ممارسة رياضة المشي. ومن يرغب في إكمال جولته لأماكن أبعد يستطيع أن يستأجر حافلة أو سيارة لذلك».
أماكن عليك زيارتها في «دير القمر»
كثيرة هي الأماكن التي في استطاعتك اكتشافها في أثناء جولتك في «دير القمر». واخترنا لك 3 منها:
– جامع الأمير فخر الدين المعني الأول
بُني هذا الجامع في عام 1493 وعُرف باسم الأمير فخر الدين المعني الأول بعد أن رممه في القرن السادس عشر. يتميز المسجد بهندسته البسيطة والتقليدية، فهو يتألف من قاعة صلاة مربعة الشكل مسقوفة بعقد مصلّب ومئذنة مثمّنة الأضلاع.
– كنيسة سيدة التل
تعد هذه الكنيسة وجهة لجميع الطوائف في منطقة الشوف. وكانت المكان الذي يحب ارتياده بشكل دائم الرئيس اللبناني الراحل كميل شمعون. يعود بناؤه إلى أيام الأمير بشير الشهابي الثاني. وقد تم ذلك على أنقاض معبد فينيقي قديم، مكرّس للإلهة عشتروت.
– متحف ماري باز
أنشئ هذا المتحف للشمع على يد سمير باز. ويروي تاريخ لبنان منذ عام 1512 من خلال تماثيل من الشمع لشخصيات تاريخية. ويقع المتحف داخل قصر الأمير فخر الدين المعني الثاني. ويحتوي القصر تماثيل 80 شخصية سياسية وتاريخية وأدبية وفنية على مر تاريخ لبنان من عام 1512 حتى اليوم.
وفي أوائل 1996 بدأ العمل فيه مع عشرة نحاتين فرنسيين لصنع تماثيل لشخصيات لبنانية معروفة. واستخدموا في صناعتها «الفيبر غلاس» والشمع. ويضم تماثيل من الشمع للأمير فخر الدين المعني والشاعر الفرنسي لامارتين، وكذلك أخرى لسياسيين راحلين أمثال كمال جنبلاط وكميل شمعون ورفيق الحريري وإلياس الهراوي، ولفنانين كصباح وماجدة الرومي ووديع الصافي. ويتألف من مستوى واحد للسكن، وطابق آخر حول دار داخلية أرضيتها رخامية.
«بيت القمر» للضيافة
تطول لائحة بيوت الضيافة والمطاعم المنتشرة في بلدة «دير القمر». ونذكر منها على سبيل المثال «منتجع الباشا» ومطعم «الكوارة» و«كاونتري غايت» و«بيت الجبل» و«دير الأمراء» و«ديوان الفرح» وغيرها.
ومن بيوت الضيافة التي تتضمنها البلدة «بيت القمر».
ويقع في حي الكروم الواقع على تلّة مشرفة في البلدة. ويُعرف بمعالمه الطبيعية المتمثّلة بمساحات شاسعة من الحدائق الغنّاء بالزهور والأشجار. وفي مطعمه تتوزّع الطاولات والكراسي لجلسات مستقلّة. يتألف مبنى «بيت القمر» من ثلاثة طوابق استُوحيت هندستها من العمارة اللبنانية القديمة، وجُهّزت غرفها بأثاث القرية البسيط والأنيق معاً، والمطعّم بأدوات حديثة لتقضي وقتاً عنوانه الاسترخاء لا ينقصك فيه أي وسيلة من وسائل الراحة.
وفي الطابق الأول من مبنى «بيت القمر» يقع مطعم «طاولة» التابع لسوق الطيّب، الشهير بتقديمه الأطباق اللبنانية بمكوّنات طبيعية مائة في المائة. فهذا المطعم الذي يتلاءم تماماً مع مفهوم بيت الضيافة هذا، والمرتكز على الطبيعة وحدها، يقدّم لك أكلات لبنانية صحية ومغذية حُضّرت بأيادي ربّات منزل ذوّاقة في هذا المجال.