لم يمضِ وقت طويل على الموقف الذي أعلنه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الأسبوع الماضي وأثار جدلاً ولا يزال، حتى أطلّ أمس بموقف مناقض لا بدّ من أن يترك تأثيره على المسرح السياسي والخارجي معاً. فبعد أن ربط ميقاتي يوم الجمعة الماضي خلال آخر جلسة لمجلس الوزراء انتهاء مواجهات الجنوب بنهاية حرب غزة متماهياً مع موقف «حزب الله»، ها هو يعلن أمس أنّ «قرار الحرب جاء من حزب الله». وهذا الإعلان يعيد مجدداً تسليط الأضواء على مستوى التناقض الذي بلغته الإدارة الرسمية لشؤون هذا البلد الغارق أصلاً في بحر الأزمات. فأي دولة يعيش في كنفها مواطنون يرون الممسكين بمقاليد السلطة يستسلمون لقرار حزب جرّ لبنان منذ 8 تشرين الأول الماضي الى حافة حرب اختبر لبنان ويلاتها؟ والى متى يستمر تضليل الرأي العام والتلاعب بالألفاظ خدمة لنهم السلطة والرغبة المشتركة الجامحة بين التعطيليين والرماديين في البرلمان والحكومة للاستمرار بمصادرة دور رئيس الجمهورية؟
وأتى كلام ميقاتي على هامش مشاركته في أعمال «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس – سويسرا. وفي حديث الى قناة «الحدث»، أشار ميقاتي إلى أنّ لبنان يدعو الى «تهدئة واستقرار طويل المدى على الحدود مع إسرائيل». وأضاف: «بدأنا التحضير لاستقرار طويل المدى في الجنوب»، مشدداً على أنّ «لبنان يجب أن يكون بعيداً عن أيّ صراع». وأكد أنّ « قرار السلم في يد الدولة اللبنانية والحرب خسارة للجميع»، وقال: «إنّ قرار الحرب جاء من «حزب الله» وهو يردّ على الاستفزازات الإسرائيلية». ولفت إلى أنّ «لبنان لا يستطيع أن يتحمل تبعات الحرب الآن».
وبالانتقال من التناقضات السياسية الى الويلات الميدانية. فقد شنّت إسرائيل أمس غارات كثيفة على وادي السلوقي في القطاع الأوسط من الجنوب. وأفاد مسؤول ومصدر أمني محليان لوكالة «فرانس برس»، أنّ وتيرة الاستهداف تعدّ «الأعنف» لمكان واحد منذ بدء التصعيد مع «حزب الله».
وفي المقابل، أعلن «حزب الله» في بيانات متلاحقة استهداف تجمّعات لجنود إسرائيليين ومواقع عسكرية.
الى ذلك، قال الجيش الإسرائيلي إنّ «قوات اسرائيلية خاصة تسلّلت إلى داخل الجنوب اللبناني، وأزالت ألغاماً في قرية عيتا الشعب»، إلا أنّ مصدراً في قوات «اليونيفيل»، قال: «لم نتلقَ أي تقرير عن تسلل إسرائيلي عبر الحدود مع لبنان، ونفحص الأمر حالياً». كما نفى النبأ «حزب الله».
وفي سياق متصل، أعلن الميجر جنرال أوري غوردين قائد القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، حالة استعداد عالية وسط تصاعد الهجمات على الحدود، متحدثاً إلى الكتيبة 5030 خلال تمرين شمل محاكاة عملية في لبنان. وقال: «التمرين الذي نقوم به هو جزء مهم لزيادة استعدادنا لتوسيع القتال والهجوم على لبنان. نحن مستعدون لهذا أكثر من أي وقت مضى، الليلة إذا اضطررنا إلى ذلك».