وتؤدي دار الفتوى الدور الأكبرعلى الساحة السنّية للَجم أي تطوّر سلبي، وعلى رغم وجود مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في المملكة العربية السعودية، إلا أنّه يتابع الوضع دقيقة بدقيقة. وأوعز إلى المفتين التصرّف بحكمة وتعقّل لإطفاء نار الفتنة وعدم السماح بدخول الشمال في صراع دموي، خصوصاً بين بشرّي والضنية اللتين تُعتبران العمود الفقري في الحفاظ على سيادة لبنان ودعم المشروع الإستقلالي.
وتؤكد مصادر دار الفتوى لـ»نداء الوطن» ضرورة التنبّه الى ما يُحاك لمنطقتي بشرّي والضنية، ففي نظر الدار، أنّ بشرّي والضنية في المنزلة نفسها، وشهداء بشرّي هم شهداء الضنية وكل لبنان، ومن يحاول افتعال فتنة مارونية – سنّية سيفشل لأنّ وعي القيادات أكبر من مخطّطي الفتن. وتنتظر دار الفتوى إنتهاء تحقيقات الجيش، وهي تطالب بالعدالة في أسرع وقت، خصوصاً أنّ أهل بشرّي والضنية يدعمون مشروع الدولة ويثقون بقدرة الجيش اللبناني على معالجة الأمر.
وتدرس المرجعيات السنّية تشكيل وفد رفيع للقيام بواجب التعزية في بشرّي، لكنها تنتظرعودة المفتي دريان غداً إلى بيروت وهدوء النفوس، علماً أنّ المفتي يتابع الملف وكأنه موجود في بيروت، وقد اتصل برئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع وبالنائب فيصل كرامي لإحتواء الموقف ولجم الفتنة في مهدها.
واتّخذت دار الفتوى الموقف الحاسم بعدم جرّ منطقة الشمال إلى فتنة، ووضعت هذا الملف في عهدة الجيش اللبناني، وتشدّد على تصدّيها لمن يحاول زرع الفتنة، في حين يُبدي مشايخ الشمال حرصهم على العيش المشترك، ويتحرّكون على الأرض لمنع تطوّر الأوضاع وجرّها إلى مواجهة طائفية في منطقة تتميز بالتعايش المسيحي – الإسلامي.
ومن الواضح قيام المفتي دريان بتحركات على الأرض بعد عودته غداً، بعدما أنهى الشقّ الديني من زيارته السعودية وإنطلق في جولة إتصالات مع مسؤولين سعوديين لعرض القضية اللبنانية. وتشير معلومات «نداء الوطن» إلى حصول خلوة بين المفتي دريان ووليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وذلك بعد الغداء الذي نظّمه الديوان الملكي السعودي في القصر الملكي في منى على شرف الضيوف، وشارك فيه محمد بن سلمان بعد تعذّر حضور الملك سلمان لأسباب صحية. وتؤكّد المعلومات تطرّق المفتي أمام بن سلمان إلى الملف اللبناني من كل جوانبه، خصوصاً للمسائل الكيانية والخطر على وجود الدولة، وأزمة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، وشدّد المفتي على ضرورة عودة العلاقات اللبنانية – السعودية إلى سابق عهدها ووجود إجماع لبناني على إيجابية الدور السعودي، وعلى أنّ لبنان لن يكون خارج المظلة العربية، وطلب مساعدة الرياض للخروج من الأزمة التي تعصف بلبنان، ووعد بن سلمان المفتي خيراً.
ولم تقتصر لقاءات المفتي على بن سلمان، إذ استكملها مع عدد من المسؤولين السعوديين لوضعهم في صورة التطورات اللبنانية، ولحضّهم على مساعدة لبنان وسط التأكيد على هوية البلد العربي. وتُعتبر هذه اللقاءات ضرورية لمعرفة حقيقة الموقف السعودي بعد الإتفاق السعودي – الإيراني وبعد الضبابية التي يحاول البعض إلصاقها بالموقف السعودي، خصوصاً من الإستحقاق الرئاسي.
ويبقى الهدف الأساسي للمفتي هو تصحيح مسار العلاقات مع الرياض، وهذا الأمر سيتأكد في المرحلة المقبلة، وما إذا كانت هناك عودة سعودية فعلية إلى لبنان.