كشف مصدر في مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي لـ «الجريدة»، أن المرشد استضاف مساء أمس الأول، اجتماعاً سرياً لقادة الفصائل الموالية لطهران في لبنان والعراق وسورية وفلسطين واليمن المنضوية فيما يطلق عليه البعض «محور الممانعة» الذي يدور في فلك طهران، إذ شدد خامنئي على ضرورة توحيد الصف، ودافع عن استراتيجية تجنب الدخول في حرب شاملة، التي اعتمدتها طهران و«حزب الله» اللبناني بشكل واضح في التعامل مع حرب غزة.
وأفاد المصدر بأن الاجتماع جرى على مستويين، الأول شاركت فيه الفصائل الموالية لإيران إلى جانب فصائل إسلامية وغير إسلامية من دول إفريقية وشرق آسيا، في حين شارك في الآخر قادة وممثلون عن الفصائل الموالية لإيران حصراً، وأُحيط بسرية تامة.
وحسب المصدر، فقد مثّل «حزب الله» اللبناني، رئيس الهيئة التنفيذية للحزب هاشم صفي الدين، نيابة عن الأمين العام للحزب حسن نصرالله، كما مثّل جماعة الحوثيين اليمنية سفيرها لدى طهران إبراهيم الديلمي نيابة عن عبدالملك بدرالدين الحوثي، في حين حضر الاجتماع باقي قادة الفصائل الأخرى، بمن فيهم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة.
وأشار إلى أن خامنئي شدد في الاجتماع مع قادة الفصائل، على ضرورة توحيد صف «جبهة المقاومة» حول كيفية التعامل مع حرب غزة، وعلى الاستراتيجية التي تم اتباعها حتى الآن، والتي قال إنها تقوم على التركيز على غزة حيث تلقت إسرائيل ضربة كبيرة في 7 أكتوبر، وعدم الانجرار إلى أي معارك جانبية تصرف الأنظار عما يجري في القطاع الفلسطيني، معتبراً أنه رغم التكلفة والخسائر التي يتكبدها الشعب الفلسطيني، فإن الظروف الدولية حالياً تصب في مصلحته ومصلحة القضية الفلسطينية، بعد أن خسرت إسرائيل مصداقيتها، ولم يعد المجتمع الدولي اليوم في صفها تماماً.
وذكر أن خامنئي دافع عن خطاب الأمين العام لـ «حزب الله» اللبناني، الحليف الأول والأقوى والأقدم لطهران في المنطقة، الذي ألقاه يوم الجمعة الماضي، وخلا من أي إعلان لتصعيد جبهة جنوب لبنان ضد إسرائيل، لافتاً إلى أن المرشد أكد لمنتقدي كلمة نصرالله، أن الخطاب تم تنسيقه مع قائد «فيلق القدس» إسماعيل قآني والمسؤولين المعنيين في «جبهة المقاومة»، وأن الرسالة الأساسية كانت إظهار الدعم للجبهة في غزة، دون فتح أي جبهات أخرى، تصرف الأنظار وتضيّع الإنجاز الفلسطيني.
وأقر خامنئي بأنه رغم وجود تباينات حول أهداف وأيديولوجيات، وحتى استراتيجيات الحاضرين، لكن المصلحة العليا حالياً هي مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة، داعياً الجميع إلى الالتزام بربط الهجمات على الأميركيين والإسرائيليين في المنطقة بوضع الحرب في غزة، وأن تتم زيادة حدة الهجمات أو تخفيضها بناءً على الوضع الميداني في القطاع.
ورغم ذلك، أشار خامنئي إلى أن الهجمات ضد القوات الأميركية الموجودة في سورية والعراق «شرعية حسب القوانين الدولية»، لأن الوجود الأميركي في هاتين الدولتين غير شرعي على حد قوله، وبالتالي حيّد الهجمات المستمرة منذ أسابيع ضد قواعد تضم قوات أميركية في سورية والعراق عن التطورات في غزة.
وشككت تقارير غربية في قدرة إيران على ضبط جميع الفصائل الشيعية في العراق أو سورية، في حين حاولت واشنطن في البداية عدم الربط بين الهجمات المتواصلة وبين الحرب في غزة، لتجنب توسيعها. وأعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أن سلاح الجو الأميركي أغار، أمس الأول، على مخزن أسلحة مرتبط بإيران في شرق سورية رداً على تلك الهجمات.
وكانت «الجريدة» ذكرت في عددها، أمس الأول، نقلاً عن مصادر إيرانية، أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أوصل إلى طهران «إنذاراً أخيراً» من واشنطن، بضرورة وقف الهجمات أو توقع رد أميركي.
وبينما من المتوقع أن يشارك الرئيس الإٍيراني إبراهيم رئيسي في اجتماع منظمة التعاون الإٍسلامي الأحد في الرياض، لتكون أول زيارة له للمملكة التي تشهد غداً قمة عربية طارئة، أكد خامنئي للحاضرين في الاجتماع السري أنه لا يجب التعويل على التحركات الإقليمية أو الدولية، لأن الخلافات لا تزال شاسعة بين الدول الإسلامية، وبالتالي يجب الاستمرار «بتوجيه ضربات صغيرة تدريجية لكن موجعة للأميركيين والإسرائيليين».
وقال المصدر إن خامنئي اقترح توسيع الأهداف لتشمل مصالح أميركية متعددة في المنطقة، لما في ذلك من مصالح اقتصادية، وليس فقط القواعد العسكرية، مشدداً على أن الأميركيين والإسرائيليين لا يفهمون إلا لغة التكلفة المادية والبشرية، وأشاد بحملات مقاطعة البضائع الأميركية أو تلك التي تنتجها شركات موالية لإسرائيل.