كيف تنظرون إلى عملية إنتخاب العماد جوزاف عون رئيسًا للجمهورية بعد فراغ دام سنتين وأكثر ؟
أولاً – أهلاً بكم وأشكركم على الإستضافة ، ثانيًا – أعتقد أنّ إنتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون هي بدء مرحلة جديدة من التاريخ السياسي اللبناني وكلي أمل أن تكون الولاية بداية إلى تغيير جذري في الأداء السياسي ، وإسترجاع الوطن من خاطفيه ، كما بناء جمهورية يكون فيها كل مواطن تحت سقف القانون والقضاء . ما حصل في التاسع من هذا الشهر هو ثمرة جهود قامتْ بها اللجنة الخماسية مع سلطة الأمــر الواقع في لبنان بالرغم من كل العوائق التي ظهرت خلال مرحلة المفاوضات والجدير ذكره وفقًا لما إطلعتُ عليه من خلال أحد الدبلوماسيين المعنيين أنّ اللجنة الخماسية وضعتْ خريطة طريق لهذا الإنتخاب وحصل ذلك من خلال مشاورات صعبة جدًا مع الكتل السياسية للإتفاق على المرشح العماد جوزاف عون . ومهمة اللجنة الخماسية من ضمن مهامها كانتْ تعتبر أنّ المطلوب ” رئيس يوّحد البلد ويعطي الأولوّية لحق الشعب اللبناني بعيش كريم ويشكل تحالفًا واسعًا وشاملاً في سبيل إستعادة الإستقرار السياسي وتنفيذ الإصلاحات السياسية – الإقتصادية ، كما تطبيق القرارات الدولية ، ومن مهام الرئيس أيضًا ضمان وجود لبنان بفاعلية في موقعه على طاولة المناقشات الإقليمية وكذلك إبرام إتفاق دبلوماسي مستقبلي بشأن حدود لبنان الجنوبية “.
هل تعتقد أنّ العهد سيواجه عقبات معيّنة ؟
نحن أمام سلطة غير ديمقراطية وهي نتيجة أزمات تفاعلت وتكاثرت وأثمرت حروبًا كبيرة وافضتْ إلى المزيد من الخراب هذا إذا نظرنا إلى ما حصل مؤخرًا من تبعات الأحداث الأخيرة المدمِّرة . أضف إلى ذلك نحن في جمهورية باتتْ تشكل في واقعها الحالي أزمة خطيرة لناحية التدمير الممنهج للمؤسسات الرسمية الشرعية المدنية والعسكرية ( ما في مؤسسة إلاّ ومنهارة) يكفي أنْ أستشهد بواقع المؤسسة العسكرية وهنا أحمِّل تبعات هذا الفشل للسلطة السياسية القائمة وتحديدًا لكل رؤساء الجمهورية ورؤساء الحكومات ولرئيس مجلس النوّاب وكل النواب الذين تعاقبوا على ممارسة النظام منذ إقرار وثيقة الوفاق الوطني ، وهذا الأمر ينطبق على سائر المؤسسات . نحن في جمهورية “مكذب خانا ” تديرها مجموعة من الساسة الفاقدي الحس الوطني والضمير ويمتهنون البغاء السياسي … من هنا علينا جميعًا التنّبُه للعديد من المخاطــر التي ستواجه العهد بدءًا من تسمية رئيس للحكومة إلى التكليف إلى الإستشارات التي ستُفضي إلى التشكيل ، وكل هذه المراحل تمُّرْ عبر هذا المجلس الفاقد للشرعية التمثيلية وللحس التشريعي وإلاّ كيف يُفسِّرون للرأي العام هذا الكمّْ من المشاكل السياسية -–الأمنية -–الإقتصادية -–المالية -–الإجتماعية . نحن بحاجة لمساعدة عربية أممية لكي نصل إلى بر الأمان ولكي نستطيع التغلُّب على كل الصعوبات التي ستواجهنا .
ما هو المطلوب من العهد الجديد وفق وجهة نظركــم وهل بإستطاعة العهد تطبيق هذه المطالب ؟
المطلوب أمور كثيرة من العهد ولكن ليس العهد وحده مسؤول عن هذه المطالب الذي سأحددها ولكن على المراجع الروحية المسيحية والإسلامية مساعدة العهد في تطبيق الحــد الأدنى من هذه المطالب ، علمًا أنّ مقام رئاسة الجمهورية بعد الطائف بات محدود نوعَا ما الصلاحيات ولكن إذا تضافرت الجهود بإمكاننا إعتبار هذه المطالب قابلة للتحقيق هذا إذا صفيت النوايا أما في بعض المطالب فسألخصها على الشكل التالي :
- رئاسة الجمهورية : وهي حتمًا تمثل الموقع الأول في النظام السياسي وحتى المتقدِّم عند المسيحيين عامة والموارنة خاصةً ، المطروح وفق وجهة نظرنا هو بدايةً تعزيز دور وصلاحيات رئاسة الجمهورية ليس من باب إستعادة الصلاحيات وإنما من باب تصحيح وضع غير سليم وخلل كامن تؤكده تجارب ووقائع السنوات الرئاسية السابقة وما خلفته من ثغرات في التطبيق وما أنتجته من أزمات دستورية وسياسية .
- حضور المسيحيين في إدارات الدولة : وهذا أمر ليس محصورًا فقط برئاسة الجمهورية ، ونلاحظ بعد سنوات إتفاق الطائف أنّ حضور المسيحيين ووجودهم في إدارات الدولة ووظائفها الأولى ومراكزها الأساسية أو ما يمكن إدراجه تحت بند المشاركة المسيحية في مشروع إعادة بناء الدولة وخصوصًا مع بداية العهد برئاسة العماد جوزاف عون يجب أن يكون مشاركة فاعلة ومؤثرة بعيدة كل البعد عن مشاعر الإحباط والخيبة والإنكفاء وحصر التوظيفات بالأحزاب الحالية . كما نلاحظ أيضًا أنّ الممارسة السياسية هي التي أفضتْ إلى هذا الخلل المتمادي في التوازن الوطني المبني على توازنات طائفية دقيقة ، وبالتالي علينا جميعًا أن نتشارك والعهد من أجل تصحيح الخلل …
- قانون الإنتخابات : في النظام الديمقراطي قانون الإنتخابات هو أساس أي إصلاح سياسي وتصحيح للخلل المشكو منه على صعيد التمثيل والمشاركة ، المطلوب وبصيغة أخوية من صاحب الفخامة تشكيل لجنة لوضع قانون إنتخابات ثابت يؤمن التمثيل الشعبي السليم ويحفظ التوازنات الطائفية – المذهبية – الوطنية ، ويُتيح لكل المكونات السياسية إختيار ممثليهم ونوابهم ، فلا يكون النواب المسيحيون خاضعين إنتخابيًا لأصوات المُسلمين ولا يكونون بعد إنتخاباهم مهمّشين أو تابعين .
- اللامركزية الإدارية : موضوع اللامركزية الإدارية الموّسعة الوارد في إتفاق الطائف هو الطريق الأسرع والأقصر إلى الإنماء المناطقي المتوازن ، كما أنّ النظام اللامركزي يوفر على المواطنين الكثير من الجهد ويُساهم في تحقيق العدالة الإجتماعية والإنمائية .
- السلاح الغير شرعي : يُعتبر لبنان غابة سلاح غير شرعي وهذا الأمر يعود إلى ضعف المسؤولين مما أضعف الدولة وبالتالي أصبحنا تحت سلطة الأمر الواقع وسلاح وافد من الجمهورية الإسلامية الإيرانية بحجة الدفاع عن لبنان وقد رأينا ما حصل مؤخرًا نتيجة هذا السلاح . المطلوب نزع السلاح الغير شرعي وحصره بيد القوات الشرعية اللبنانية تطبيقًا لقانون الدفاع الوطني . إنّ سلاح حزب الله أو ما تبقّى منه هو غير قانوني ويكفي التذاكي في البيانات الوزارية علمًا أنه أوصلنا إلى حالة عودة الإحتلال الإسرائيلي لبعض مناطق الجنوب ، وها هي اليوم الجمهورية اللبنانية مُطالبة بتطبيق وقف إطلاق النار . نأمل أن تُشكل لجنة لبنانية – عربية – دولية بشكل سريع وعند تشكيل الحكومة لإتخاذ القرارات النهائية وسحب هذا السلاح من أيدي حزب الله وبشكل حاسم ودون جدل وإطالة للوقت ، لقد إنتظرنا كثيرًا وعانينا الويلات من هذا السلاح . وأستطرد لأقول أنّ هذا السلاح ما كان يومًا للدفاع عن لبنان بل كان لإقامة دويلة داخل الدولة ولتعكير صفو الأمن ولتدمير ممنهج لإدارة الدولة ، ولم يكُن يومًا من أجل توازن الرعب مع العدو الإسرائيلي ، ولم يكن يومًا من أجل ردع المخيمات الفلسطينية ، وعليكم كإعلاميين مراجعة ما قاله رئيس السلطة الفلسطينية أثناء زيارته ل لبنان إّذ طالب بأن تكون المخيمات تحت سلطة الدولة اللبنانية … يكفي مراوغة ورياء في هذا الموضوع فليُحسم .
هل بإستطاعة العهد حماية الجنوب من أي إعتداء يقوم به العدو ؟
نعم إذا حَسُنتْ النوايا وتمّ إنتشار الجيش اللبناني بمشاركة قوات الأمم المتحدة وإذا تمّ كما أسلفت سحب السلاح الغير شرعي ومراكز المُسلّحين من أرض الجنوب ، الجيش وحده يستطيع حماية الأرض والأهالي ، وللتذكير هناك إتفاقية الهدنة والتي يجب أن يُبنى عليها ، وأيضًا وقف إطلاق النار الأخير . كفى المتاجرة بأرض الجنوب وبالجنوبيين وفي هذه المناسبة أتمنى على العهد الجديد النظر قانونيًا بموضوع المبعدين إلى إسرائيل ، وهل يُعقل أن تترك الدولة رعاياها في عهدة دولة عدوّة ؟! على الدولة اللبنانية بقضائها النزيه والغير مُسيّسْ النظر في قضية هؤلاء فور توفر المناخات المآتية .
تطرح في بعض وسائل الإعلام قضية إستقالة البطريرك الراعي ، هل لديكم علم بهذا الأمر ؟
صراحة لا لكني سمعت وقرأت عنه في وسائل الإعلام ويُدرجون الأسباب إلى أوضاع البطريرك الصحية … لستُ مطلع على هذا الأمر ، لكني من الأشخاص الذين يزورون غبطته بشكل دوري بمعية لجان أشارك في عضويتها ، ولم ألحظ هذا الأمر ، إنما يتم تناقله عبر وسائل الإعلام … وبما أنكم طرحتم هذا السؤال علمًا أنني كنتُ رافضًا له ، أود أن أشير إلى أنّ البطريرك الراعي حاول جاهدًا جمع “الأقطاب المسيحيون” لكنه سعى وإذا كان من فشل فالفشل يقع حتمًا على هؤلاء الذين يمتهنون مهنى الكذب والبغض والأنانية ، أضف إلى أنّ البطريرك وقبل أن يصل إلى السدّة البطريركية سعى من مجموعة من المفكرين إلى إطلاق مذكرة ” شرعة العمل السياسي في ضوء تعاليم الكنيسة وخصوصيّة لبنان ، من أجل الوطن الرسالة ” ، ومن ثم وفي العام 2014 ، أطلق ” المذكرة الوطنية ” ، وفي العام 2020 أطلق “مذكرة الحياد ” ، عدا عن العظات والمواقف الذي أطلقها في مناسابات معينة . لا يا سادة لا يُلام البطريرك ، الملامة تقع على الذين أطلق عليهم لقب “أقطاب” هم أصل البلا . كم أتمنى أنْ تُعالج أمور البطريركية وكل الأمور الكنسية بعيدًا عن الإعلام والتسييس . كفى إنّ الإستقالة إنْ كانتْ موجودة فهي حتمًا شأن السادة المطارنة وهم يتدّبرون أمورهم بوحي من السيد المسيح إله السلام .
سؤال أخير ماذا تطلبون من العهد ؟
أنا لا أطلب أي شيء من العهد ، إنما أضع نفسي وصدقاتي في تصرف العهد ، رغبتي الشخصية ورغبة أصدقائي وكل الغيارى نجاح العهد وبإسمي الشخصي وبإسم رفاقي المناضلين نعلن أننا نضع كل إمكانياتنا بتصرف العهد سواء أكان على المستوى الداخلي أو الإقليمي أو الدولي .