تتكرر على مسامع اللبنانيين وفي وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي أخيراً، أخبار عن غرق شبان على الشواطئ، وبخاصة في الأسابيع الأخيرة، التي شهدت وفاة كثير منهم، غالبيتهم شبان يافعون، فيما يقترب فصل الصيف، ومعه ترتفع حوادث الغرق، سواء على الشواطئ العامة أو في المنتجعات.
وتمكن الدفاع المدني اللبناني قبل أسابيع قليلة من انتشال جثتين على شاطئ بيروت، لشابين سوريين، كانا غرقا على شواطئ الرملة البيضاء في العاصمة، بسبب ارتفاع الأمواج وسرعة التيار المائي.
وتسببت الأمواج المرتفعة في غرق عدة شباب قبل أيام على شاطئ جبيل شمال البلاد، وأنقذت عناصر من مغاوير البحر والإنقاذ البحري في الدفاع المدني عدداً منهم، وعثر على جثة اثنين آخرين بعد أيام من البحث عنهما.
حركة التيارات البحرية الشديدة
وكانت المديرية العامة في الدفاع المدني حذرت من ارتياد الشاطئ بسبب ارتفاع الأمواج وسرعة الرياح خلال هذه الفترة، مما يهدد السلامة العامة. وقالت “نظراً لما يشهده الشاطئ من ارتفاع الأمواج والأخطار المرافقة لحركة التيارات البحرية الشديدة، التي تتأثر بحركتي المد والجزر الناتجتين من سرعة الرياح، تحذر المديرية العامة للدفاع المدني المواطنين والمقيمين والسياح من السباحة في مناطق التيارات البحرية، مما يعرضهم إلى خطر الغرق”.
وخصت المديرية الصيادين في تحذيرها، إذ شددت على ضرورة أن يأخذ صيادو الأسماك وأصحاب المراكب السياحية وكل من يمارسون رياضة الدراجات المائية أعلى درجات الحيطة والحذر عند ارتياد الشاطئ، وتجنب أي نشاط في هذه الأجواء المناخية البالغة الخطورة.
رئيس وحدة الإنقاذ البحري في الدفاع المدني سمير يزبك، كشف لـ”اندبندنت عربية” أن عدد من توفوا في حوادث غرق مماثلة حصلت خلال الأشهر القليلة الماضية بلغ 15 شخصاً، وهي حوادث شهدتها معظم الشواطئ اللبنانية في صور، وصيدا، وعين المريسة، وجبيل البترون وصولاً إلى عكار.
150 حالة غرق تحصل كل عام
يزبك الذي تحدث عن نحو 150 حالة غرق تحصل كل عام، في لبنان، بسبب الظروف المناخية، عدد جملة أسباب تقف في الغالب وراء هذه الحوادث، ومنها ما يتعلق بالعمر، إذ إن عدداً ممن قضوا غرقاً تتراوح أعمارهم بين 13 و18 سنة، مما يعني أنهم يافعون، وربما لا يجيدون السباحة بتمرس، ناهيك عن الأمواج المرتفعة التي تشهدها الشواطئ في هذه الفترة، والتيارات البحرية التي تحصل عندما يكون البحر هادئاً، وأسباب أخرى.
ويتابع رئيس وحدة الإنقاذ البحري في الدفاع المدني، مؤكداً أنهم كفريق إنقاذ في ظروف تكون فيها الأمواج مرتفعة أو هناك تيارات في المياه، لا يمكنهم النزول إلى البحر من دون تجهيزات ومعدات محددة واحتياطات كثيرة، فكيف الحال بشبان لا يمتلكون أية وسائل للنجاة، هنا تكون احتمالية غرقهم كبيرة ونسبة نجاتهم شبه معدومة، حتى لو كانوا يجيدون السباحة.
وعن السباحة في هذه الفترة من العام، يقول يزبك إنه على المواطنين ألا ينزلوا إلى البحر عندما يرون الأمواج عالية، والأفضل التوجه إلى الأماكن التي تتوافر فيها الرقابة ومعدات الإنقاذ، فالحوادث تحصل في مكان لكن معظمها يقع خارج المنتجعات السياحية، أي في الشواطئ العامة والأماكن المفتوحة.
ويضيف مشدداً على أهمية ارتداء سترة النجاة لمن سيذهب في القوارب، وأن يتقيد بالقوانين والتدابير الموضوعة، كما على صيادي الأسماك ألا يذهبوا للصيد بعيداً عندما يكون البحر هائجاً.
غياب الوعي والحماسة الزائدة
ويقول طوني عكاري، وهو مدرب سباحة منذ أكثر من 25 عاماً في لبنان، إن أخطر ما يحصل اليوم في موضوع غرق الشبان هو غياب الوعي والحماسة الزائدة. ويؤكد أن السباحة في الظروف المناخية الحالية غير مسموح بها، ويجب أن توضع علامة حمراء على الشواطئ تؤشر إلى خطورة الوضع، وعدم السماح لأحد بدخول المياه حين تكون الأمواج مرتفعة، والتيارات البحرية كثيفة.
ويؤكد عكاري أن جيل اليوم لا يعي خطورة الحماسة الزائدة، ويقول “حتى لو كان الشخص يتقن جيداً السباحة، فهناك جملة أمور تؤدي إلى كارثة، ويجب أن نكون على قدر من الوعي والمعرفة والجاهزية العقلية والبدنية قبل دخول المياه”، وكذلك يتحدث مدرب السباحة عن ظاهرة أسهمت في زيادة حالات الغرق، ألا وهي ذهاب الفتيان الصغار، أي بعمر 16 سنة أو 14 سنة أو حتى أقل، إلى السباحة بمفردهم، ومن دون أية مرافقة صحيحة من بالغين، أو بوجود منقذين مدربين.