تتحرك إيران دبلوماسيا لوقف التصعيد في شمال غرب سوريا ومنع سيطرة المعارضة السورية على مواقع جديدة خاصة مع اكتفاء القوات الحكومية السورية بالانسحاب بانتظار هجوم مضاد تراهن فيه على دور روسي فعال كما حدث في بداية الحرب. لكن الاستجابة للتحركات الدبلوماسية كانت محدودة ما قد يدفع الإيرانيين إلى الاعتقاد بأن الحرب في سوريا هدفها تطويق نفوذهم أكثر منها حربا ضد الرئيس السوري بشار الأسد.
ودعا وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي السبت إلى التعاون مع روسيا من أجل التصدي للهجمات الأخيرة التي تشنها هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة لها في سوريا.
وشدد عراقجي في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي سيرجي لافروف على “ضرورة اليقظة والتعاون” بين إيران وروسيا “لمواجهة الأفعال التي يقوم بها الإرهابيون في سوريا،” وفق ما أفاد بيان لوزارة الخارجية.
ويراهن الإيرانيون، وكذلك الأسد، على دور روسي فعال في إفشال هجمات المعارضة، فإيران لم تعد تمتلك وجودا عسكريا فعالا في سوريا بعد الضربات الإسرائيلية النوعية التي طالت أبرز كوادر الحرس الثوري والضربات التي طالت تمركزات حزب الله. كما أنه بات من الصعب على طهران استقدام قوات مباشرة للتدخل ولا استقدام الآلاف من مسلحي الحشد الشعبي لخوض المعارك في ظل تسليط الأضواء عليها من كل اتجاه، خاصة من إسرائيل.
لكن الاستجابة الروسية تأخّرت وسمحت بانتشار المعارضة في مناطق ما كان الطيران الروسي يسمح لأحد بالاقتراب منها، ما يوحي بأنها رسالة مباشرة إلى إيران والأسد معا مفادها أنهما استثمرا قوتها العسكرية وتدخلها المباشر ضد المعارضة منذ 2015، وأن كلا منهما يحاول تجيير الوضع لصالحه.
والبرود الروسي لا يمكن تفسيره فقط بالغرق في أوكرانيا. فمن الواضح أن موسكو وجدت الفرصة مناسبة لتقليص نفوذ إيران في سوريا، ووضع كل طرف في حجمه المباشر.
وأعلنت أنقرة أن وزير الخارجية الإيراني سيجري زيارة إلى تركيا غدا الاثنين من دون تقديم أي تفاصيل. ويزور عراقجي دمشق قبل ذلك.
وزاد الغضب الإيراني مما يجري ضد مصالحها في سوريا بعد استهداف قنصليتها في حلب. وأدان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي بشدة الهجوم الذي شنته فصائل مسلحة على القنصلية.
وقال بقائي “إنه وفقا لاتفاقية 1963 يحظر أيّ هجوم على المباني القنصلية ولا يقبل انتهاك هذه الاتفاقية من قبل أيّ شخص أو مجموعة أو حكومة،” مؤكدا “أن إيران ستتابع هذا الهجوم بشكل جاد عبر السبل القانونية والدولية،” وفقا لوكالة مهر الإيرانية للأنباء.
وما يثير قلق الإيرانيين أن روسيا لم تمارس ضغوطا كبيرة على تركيا لإجبارها على مطالبة المعارضة بوقف هجومها الواسع، ما بدا وكأن موسكو غير معنية بما يجري. واكتفى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في محادثة هاتفية مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بعبارات عامة وفضفاضة لا تظهر انزعاجا روسيا ممّا يجري.
وأشارت وزارة الخارجية الروسية إلى أن لافروف وفيدان “أعربا عن قلقهما البالغ إزاء التطور الخطير للوضع في سوريا في ما يتعلق بالتصعيد العسكري في محافظتي حلب وإدلب،” وفقا لوكالة أنباء سبوتنيك الروسية.
وبحسب البيان، أكد الطرفان على ضرورة التنسيق المشترك واتخاذ إجراءات لتحقيق الاستقرار في المنطقة، وذلك في إطار “صيغة أستانا”.
وقال الجيش السوري السبت إن العشرات من جنوده قتلوا في هجوم كبير لقوات المعارضة التي أكد اجتياحها أجزاء واسعة من حلب وإدلب، ما اضطر الجيش إلى إعادة الانتشار في أكبر تحد للرئيس بشار الأسد منذ سنوات.
وقال الجيش في بيان إنه يستعد لشن هجوم مضاد لاستعادة السيطرة على المدينة.
وقال مصدران عسكريان إن روسيا وعدت دمشق بمساعدات عسكرية إضافية للتصدي للمسلحين، وأضافا أن العتاد الجديد سيبدأ في الوصول خلال 72 ساعة.
واعترف الجيش في البيان بتقدم قوات المعارضة قائلا إنها دخلت أجزاء كبيرة من مدينة حلب.
وأظهرت صور من حلب مجموعة من مقاتلي المعارضة تجمعوا في ساحة سعدالله الجابري في المدينة بعد دخولهم المدينة ليلا، بينما تظهر في الخلفية لوحة كبيرة عليها صورة الأسد.
وقال الجيش في البيان “إن الأعداد الكبيرة للإرهابيين وتعدد جبهات الاشتباك دفعت بقواتنا المسلحة إلى تنفيذ عملية إعادة انتشار هدفها تدعيم خطوط الدفاع بغية امتصاص الهجوم، والمحافظة على أرواح المدنيين والجنود، والتحضير لهجوم مضاد“.
وذكر بيان الجيش أن قوات المعارضة لم تتمكن من “تثبيت نقاط تمركز… بفعل استمرار توجيه قواتنا المسلحة لضربات مركزة وقوية“.
وقال الجيش إن قواته “ستواصل عملياتها والقيام بواجبها الوطني في التصدي للتنظيمات الإرهابية لطردها واستعادة سيطرة الدولة ومؤسساتها على كامل المدينة وريفها“.
وقال مصدران من المعارضة إن قوات المعارضة سيطرت أيضا على مدينة معرة النعمان في محافظة إدلب وهو ما يعني أن المحافظة بأكملها باتت الآن تحت سيطرتهم، فيما قد يمثل ضربة كبيرة أخرى للرئيس الأسد.