وكان المجلس البلدي أصدر قرار سحب حراس البلدية على أثر حادثة حصلت في إحدى شوارع بيروت خلال محاولة عناصر الحرس إيقاف دراجة نارية أثناء سيرها، ما أدى لمقتل شاب سوري وإصابة آخر بجروح بليغة.
وبعد توقيف الحارس المسؤول وبناء لقرار القضاء اللبناني قرر المجلس البلدي وقف الحواجز إلى حين تدريب وتجهيز حراس البلدية ووضع خطة متكاملة للحواجز.
تخوف أبناء العاصمة
وخلق هذا القرار تخوف أبناء العاصمة من ازدياد المخالفات الأمنية بعدما كانت تجربة الحرس قد قلصت منها، وطالب نواب المدينة المجلس البلدي بالعودة عن قراره على قاعدة أنه لا يمكن تصحيح شائبة في مرفق عام بإيقاف المرفق، بل بتذليل الشائبة. وأكد نائب رئيس الحكومة السابق النائب غسان حاصباني لـ”اندبندنت عربية” أن “أمن بيروت وحرسها خط أحمر”، وشدد على دعم استمرار حرس بلدية بيروت بتوقيف الدراجات النارية المخالفة وإقامة الحواجز بمؤازرة القوى الأمنية أو العسكرية وطالب بعدم إيقافهم عن ذلك.
ويشدد حاصباني على أن تجربة مؤازرة حراس بيروت لقوى الأمن في وقف المخالفات المرتبطة بالدراجات النارية والدوريات لمنع التعديات والسرقات كانت ناجحة جداً وتركت طمأنينة لدى أبناء المدينة، شارحاً أنه في ظل غياب تام لشرطة بيروت التابعة لقوى الأمن الداخلي، تمكن فوج الحرس من سد هذه الفجوة وبإمكانات محدودة.
وزير الداخلية يوضح
وفي حديث لـ”اندبندنت عربية” أكد وزير الداخلية بسام المولوي أن الوزارة مع المجلس البلدي مع محافظ بيروت في خندق واحد في دعم حراس البلدية والشرطة لتقوم بمهامها، خصوصاً أن الحراس يقومون بدورهم بصفتهم تابعين لسلطات محلية منتخبة، ومهمتهم إحلال النظام بمواكبةٍ من القوى الأمنية.
ويرفض المولوي تصوير الأمر وكأن هناك مواجهة بين المحافظ الذي رفض واعترض على قرار المجلس البلدي بإلغاء مهمة الحراس حالياً، وأكد أن الجميع مع تنظيم عملهم. وأوضح المولوي أن قرار تكليف فوج الحراس بتوقيف الدراجات النارية المخالفة وإجراء اللازم لضبط الوجود السوري العشوائي وغير المنظم إضافة إلى تكليفهم بإزالة مخالفات عدة، كان بطلب منه. وشدد على أنه مصر على تكليفهم بهذه المهمة ورفض إعطاء تفسيرات لقرار المجلس البلدي. وكشف أنه طلب من الحرس البلدي الاستمرار بعمله باستثناء توقيف الدراجات النارية، بانتظار خضوعهم للتدريبات اللازمة.
600 حارس في بيروت
ومع ازدياد المخالفات الأمنية في مختلف المناطق وبعد تلويح بعض البلديات والمناطق باللجوء إلى “الأمن الذاتي” نظراً لغياب القوى الأمنية وتراجع قدراتها وعديدها نتيجة الأزمة الاقتصادية والمالية، كان وزير الداخلية بسام المولوي كلف كل البلديات مؤازرة قوى الأمن وتكليف “حراس البلدية” ببعض الإجراءات المرتبطة بإيقاف الدراجات النارية وتسيير دوريات لضبط المخالفات والحد من السرقات.
ويبلغ عدد فوج حراس بلدية بيروت 600 عنصر من بينهم 200 مكلفين بوظائف مدنية داخل مبنى البلدية نظراً للشغور ببعض الوظائف.
من جهته، كشف محافظ بيروت مروان عبود لـ”اندبندنت عربية”، أن مهمة الحراس كانت في السابق حراسة الحدائق العامة وأملاك البلدية، لكن مع تراجع مستوى الخدمة لدى القوى الأمنية للأسباب الاقتصادية المعروفة اتخذ وزير الداخلية قراراً بأن تؤازر البلديات قوى الأمن الداخلي من خلال حراسها، لكن أن تحصر مهمتهم بمراقبة حركة الدراجات النارية المخالفة وتسيير دوريات. ويعتبر عبود أن وضع حراس البلدية يحتاج إلى إعادة النظر وأن العمل جار على وضع خطة أمنية بالتنسيق مع القوى الأمنية لتوزيع المهمات تجنباً للتضارب في ما بينها، ويبدي تأييده لاستمرار الحراس في عملهم ولكن بطريقة مدروسة ومنظمة لتجنب الأخطاء.
الحاجة إلى تجهيزات وتدريبات
ويدعم نواب المدينة قرار المجلس البلدي بتدريب حراس البلدية قبل عودتهم إلى الإجراءات الأمنية، ويؤكد حاصباني أن تدريبهم أمر ضروري لكنه ضد وقف عملهم الذي يمكن أن يترافق مع التدريبات وبمؤازرة القوى الأمنية. ويشرح حاصباني أن دور الحرس البلدي مهم جداً خصوصاً لجهة المساعدة في وقف السرقات ومراقبة الأماكن العامة والحرص على تطبيق القوانين والأنظمة ضمن نطاق البلدية، ومتابعة المخالفات المتعلقة بإقلاق الراحة والصحة والمطاعم وغيرها. ويشدد على ضرورة التكامل بين فوج الحراس والقوى الأمنية لملء الفراغ الأمني الذي عاشته مدينة بيروت.
وإلى حاجته الماسة للخضوع لدورات تدريبية مستمرة وحديثة، يفتقر فوج حراس بيروت حالياً إلى تجهيزات أساسية منها الأصفاد لتقييد المخالفين والموقوفين والعصي والخوذات. وهنا يؤكد حاصباني أن عدداً من النواب سيسعون مع بعض الجهات المانحة إلى تأمين الأموال لتوفير التجهيزات اللازمة لحراس البلدية حتى يتمكنوا من الحفاظ على السلامة العامة.
ويكشف محافظ بيروت أنه بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية لم تتوافر الأموال اللازمة للقيام بعمليات استثمارية ومن ضمنها تجهيزات وشراء معدات ولوازم، واقتصرت المصاريف على الحدّ الأدنى، إضافة إلى احتجاز أموال البلدية في المصارف مع أموال المودعين كافة.
من جانبه، كشف مصدر في وزارة الداخلية عن محاولات جرت سابقاً مع القطاع الأهلي وبعض السفارات لتعزيز الأمن في بيروت من خلال توفير التجهيزات اللازمة للحرس وللقوى الأمنية لكنها لم تلق آذاناً صاغية.
اتهامات بالعنصرية
وكانت الإجراءات الأمنية التي كلف بها فوج حراس البلدية في بيروت ترافقت مع اتهامات بالعنصرية لجهة تمييزها بين المخالف اللبناني والمخالف السوري. واستخدم كثيرون الحادثة التي وقعت في منطقة اليونسكو وأدت إلى وقوع قتيل سوري الجنسية على حاجز أقامه حراس البلدية لوقف الدراجات النارية المخالفة لتوجيه مثل هذه الاتهامات.
وينفي النائب حاصباني اتهام سكان بيروت بالعنصرية ضد النازحين السوريين، أو باعتماد الأمن الذاتي، موضحاً أن المخالفات يمكن أن يقوم بها أي شخص لبناني كان أم أجنبياً، والدليل أن شكاوى المواطنين التي وردت إلى القوى الأمنية ضمن الآلية التي نصت عليها مبادرة “كل مواطن غفير” التي كان أطلقها سابقاً، طاولت سوريين ولبنانيين أيضاً. ويشرح حاصباني أن تجربة المواطن المراقب منقولة عن عدد من المدن البريطانية، وأن التكنولوجيا تتيح هذا الأمر عبر خلق فعالية أكبر للأجهزة الأمنية تمكنها من الوصول بسرعة إلى مكان المخالفة وضبطها، إضافة إلى أن المخالف سيشعر دائماً أنه مراقب وسيفكر ملياً قبل أي مخالفة.