وتستمر عملية احتساب الأصوات التي تظهر تقدم أزعور على فرنجية حسب أرقام المعارضة التي تتحدث عن احتمال نيل أزعور حوالي 68 صوتاً بينها 61 صوتاً مؤكداً موزعاً كما يلي: «تكتل الجمهورية القوية» 19 نائباً، التيار الوطني الحر 17، اللقاء الديمقراطي 8، الكتائب 4، تجدد4، التغييريون 3، الطاشناق 2، والمستقلون 4، فيما تستمر الاتصالات مع النواب المترددين من النواب التغييريين حيث هناك رهان على استمالة 6 نواب جدد، ما يعني فرض أمر واقع في انتخابات الرئاسة الأولى حتى ولو طيّر الثنائي الشيعي وحلفاؤهم الجلسة من أساسها علماً أن رئيس مجلس النواب نبيه بري كان أكد حضور الجلسة والتصويت للمرشح فرنجية.
في المقابل، تقلّل مصادر الثنائي الشيعي من أهمية ما تسوّق له المعارضة وتدعو لانتظار ما ستفرزه صندوقة الاقتراع، لأن كل ما عدا ذلك هو بوانتاج غير واقعي. وبقيت المصادر تشكّك بأن يصوّت كل نواب «تكتل لبنان القوي» لأزعور معوّلة على نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب وعلى النواب المعترضين مثل ابراهيم كنعان وسيمون ابي رميا وآلان عون واسعد درغام وعدم رغبتهم في الطلاق مع حزب الله والسير بمرشح ينظر إليه الثنائي كمرشح تحد.
وفي انتظار الجلسة، أحدث التهويل الذي يمارسه مقرّبون من حزب الله في إطلالاتهم الإعلامية تشنجاً سياسياً وطائفياً وتلويحاً بالفوضى عملت بكركي على محاولة احتوائه وكذلك فعَل الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر اللذان استغربا الاتهامات الموجهة إلى كل من وليد جنبلاط وجبران باسيل بالتآمر على «المقاومة» من خلال تحميلهما مسؤولية أساسية باتخاذ مواقف مماثلة لما حصل في 5 أيار/مايو 2008 التي ردّ عليها حزب الله بحركة 7 ايار في بيروت والجبل.
وقد ذهبت أوساط الثنائي الشيعي إلى حد اعتبار خطوة باسيل بالتقاطع مع المعارضة والسير بخيار جهاد أزعور «ضربة جزاء» وتجاوزاً للخطوط الحمراء ستلحق به خسائر سياسية من خلال فقدان الحليف الاستراتيجي وتوسيع الهوّة بينه وبين حزب الله بدل ترميم هذه الهوة من جهة ومن خلال اهتزاز وحدة التيار من جهة أخرى. ولعل هذه الرسائل التي وصلت إلى باسيل هي التي دفعت بالرئيس ميشال عون للقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد وطلب وساطته لحماية باسيل بعد إحراقه ورقة فرنجية وعدم الاستجابة لرغبة أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله بدعم خيار مرشح الممانعة.
ولا يختلف قلق الجنرال عون على صهره عن قلق قوى المعارضة من المعادلة التي يرفعها الثنائي «فرنجية أو الفوضى» في استعادة لتجربة «مخايل الضاهر أو الفوضى» التي حاول النظام السوري فرضها على المسيحيين عام 1988 والتي تصدّى لها في حينه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وقائد الجيش العماد ميشال عون والرئيس أمين الجميل. وللمفارقة فإن القوى المسيحية ذاتها ما تزال تعترض على محاولة حزب الله فرض رئيس رغماً عن الإرادة المسيحية مع تعديل بسيط وهو أن صهر الجنرال جبران باسيل تولى المهمة عن عون ونجل الجميّل الأب النائب سامي الجميل تولى المهمة وتوسّط بين التيار والقوات للوصول إلى التقاطع على رفض فرنجية والقبول بأزعور.
وتحرّكت بكركي في اتجاه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وخصوصاً في اتجاه الطرف الشيعي الآخر الرئيس بري فاتحة أبواب الحوار وشارحة موقفها القائل بانتخاب رئيس على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب» وتبديد الشكوك حول أي نية لاستهداف الطائفة الشيعية، قبل أن يصل وزير الخارجية الفرنسي السابق جان إيف لودريان موفداً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أخذ بعين الاعتبار ما دار من محادثات بينه وبين البطريرك الراعي وما سمعه من مسؤولي الفاتيكان حول ضرورة عدم تهميش إرادة المسيحيين في الاستحقاق الرئاسي وعدم تمرير أي تسوية على حسابهم خصوصاً أن شبه إجماع مسيحي تحقق للمرة الأولى حول مرشح، وهو ما كان ينادي به الرئيس بري الذي لطالما اعتبر أن عدم اتفاق الموارنة هو الذي يعطّل انتخاب رئيس الجمهورية.
وهكذا بين حديث فريق الممانعة عن «تجمع الأضداد» لإسقاط فرنجية وعزل المقاومة وبين إصرار المعارضة على عدم الخضوع لإرادة حزب الله ورفض هيمنته على القرار اللبناني، فإن تنفيس الاحتقان رهن الاحتكام إلى اللعبة الديمقرطية ونتائج الانتخاب تحت قبّة البرلمان، وإلا انتظار ما سيعلنه رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية في ذكرى مجزرة إهدن مع تراجع حظوظه الرئاسية، فهل يستمر في المعركة أو ينسحب؟