استكمل الموفد الفرنسي جان ايف لودريان جولات زيارته الثالثة الى لبنان، امس، بلقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي، صباحا، والنواب المسلمين السنة الذين التقاهم، بعد الظهر، في دارة السفير السعودي وليد بخاري، وبحضور مفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان، وتخلل اللقاء خلوة ثلاثية بين المفتي والسفير السعودي والموفد الفرنسي.
وبدا من مجمل المباحثات والحوارات التي عقدها لودريان ان زيارته الثالثة والأخيرة للبنان لم تكن ثابتة، ولهذا لا تستبعد المصادر المتابعة ان تكون هناك زيارة رابعة، استتباعا لحرص حكومة ايمانويل ماكرون على الإمساك بالورقة اللبنانية، بعد خسارتها أوراقها الافريقية الواحده تلو الاخرى. الانطباعات التي تركتها زيارة لودريان الثالثة، بعد تسويقه لمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الحوارية، المرفوضة من «المعارضة»، تؤكد ان «فاقد الشيء لا يعطيه».
أما إذا صدقت المعلومات حول تخلي الطرفين، الممانع والمعارض، عن الأسماء الرئاسية المتداولة، أي سليمان فرنجية وجهاد أزعور، فذلك يشكل انجازا بذاته للموفد الفرنسي، لأنه يكون قد فتح الباب واسعا امام المرشح الثالث والغالب انه قائد الجيش العماد جوزاف عون.
وبالعودة الى جولات لودريان في يومها الثالث، فقد زار بكركي في الحادية عشرة ظهرا، حيث التقى البطريرك الماروني بشارة الراعي، وقد قارب اللقاء الساعة، خرج بعده لودريان وغادر بكركي دون الإدلاء بتصريحات، في وقت وصلت فيه السفيرة الأميركية دوروثي شيا الى بكركي والتقت البطريرك الراعي لاستطلاع آخر التطورات.
والى قصر الصنوبر عاد لودريان ليلتقي بكل من النواب: جهاد الصمد، عبدالرحمن البزري، غسان سكاف وكميل دوري شمعون.
النائب سكاف انتقل من قصر الصنوبر الى دار الفتوى، حيث التقى المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان، وبعد اللقاء قال: إن حظوظ اختراق الأزمة الرئاسية في لبنان أصبحت افضل اليوم بسبب التطورات الخارجية، وعلى اللبنانيين التحرك داخليا، والتقاط هذه الفرصة واستغلال التطورات الخارجية من أجل إنقاذ لبنان.
اللقاء الأساسي الأخير بعد بكركي كان مع النواب السنة، في دارة السفير السعودي وليد بخاري، في اليرزة، بمشاركة مفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان تكريما للأخير، بمناسبة تمديد ولايته وقد واستهل اللقاء بخلوة في دارة السفير بخاري باليرزة بين المفتي دريان والمبعوث الفرنسي لودريان، بحضور السفيرين السعودي والفرنسي، دامت نصف ساعة، وبعدها انتقلوا الى الصالة الكبرى، وكان النواب بانتظارهم، وغاب عن الاجتماع إبراهيم منيمنة وأسامة سعد، ولم يدع النواب جهاد الصمد وينال الصلح وملحم الحجيري وحليمة القعقور.
وقد تحدث السفير بخاري مهنئا المفتي الشيخ دريان بتمديد ولايته وتمنى له التوفيق في مهمته، وقد رد المفتي دريان بكلمة موجزة شكر فيها المملكة العربية السعودية على مساعيها لحل الأزمة اللبنانية، وأكد على الثوابت الوطنية اللبنانية وعلى ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، طبقا للمواصفات التي انطلقت من دار الفتوى، وقال انه بدون رأس للجمهورية لا وجود للجمهورية.
بدوره، هنأ الموفد الفرنسي المفتي دريان بتمديد ولايته، وقال إن دار الفتوى تشكل أساسا للعيش المشترك، وشكر السفير بخاري لتنظيمه هذا اللقاء، واصفا الوضع في لبنان بالكارثي، وشرح مطولا الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة فيه، مشددا على ضرورة إجراء الإصلاحات، وان الشغور في مؤسسات الدولة يشل الدولة.
وقال ان فرنسا والسعودية يدا بيد لمساعدة لبنان على الخروج من أزماته.
وأعلن النواب السنة تبنيهم مضمون كلمة المفتي دريان وتمسكهم باتفاق الطائف وبضرورة تطبيقه، مع تقديرهم لعمل «اللجنة الخماسية» التي ستجتمع في نيويورك يوم 23 الجاري، مشددين على أهمية الالتزام بالبيان الذي صدر عن اجتماعها الأخير في الدوحة.
وطبقا لما أشارت إليه «الأنباء»، سابقا، فقد فهم النواب من هذا اللقاء ان خيار سليمان فرنجية أو جهاد أزعور أصبح خارج المشهد الرئاسي، وان مختلف الأطراف السياسية تبحث عن الخيار الثالث.