بينما يتزايد خوف اللبنانيين من مجهول ينتظر حاكمية مصرف لبنان، مما سيؤدي الى زيادة المخاوف من تدهور سعر صرف الليرة أكثر فأكثر، تبذل جهود داخلية وخارجية مكثفة لتأمين نصاب لجلسة جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية قبل منتصف شهر يونيو القادم، بحيث يمكن للرئيس العتيد أن يساهم في تسمية حاكم جديد للبنك المركزي، وعندها لا مانع عند غالبية القوى الأساسية من اقدام الحكومة الحالية على تعيينه، حتى ولو كانت مستقيلة ولا تقوم الا بتصريف الأعمال الملحة والضرورية، فملء الفراغ في البنك المركزي ضرورة قصوى وملحة، لأن رياض سلامة سيترك الموقع في 2 يوليو، والثنائي «الشيعي» يعارض تسلم نائب الحاكم وسيم منصوري للموقع، لأن الإدارة المالية في الدولة بكاملها ستكون حينها بيد هذا الثنائي، فإضافة لمنصوري فإن وزير المالية والمدعي العام المالي ورئيس ديوان المحاسبة محسوبون من حصتهم ايضا.
من الواضح أن التفاهمات الإقليمية ـ لاسيما التعاون المستجد بين المملكة العربية السعودية وايران ـ انعكست على ملف الشغور في موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية، على اعتبار أن لتعطيل عملية الانتخاب امتدادات خارجية واضحة. وتحرك سفير المملكة وليد البخاري الأخير، أضفى أجواء إيجابية، وحرك بعض الركود، لاسيما لناحية إعلانه أمام كل القوى البرلمانية التي التقاها، أن بلاده ليس لها أي مرشح، وهي لا تضع فيتو على أي اسم، وما يهمها أن ينتخب البرلمان اللبناني رئيسا قادرا على إدارة التعاون مع أصدقاء لبنان وأشقائه، لتخليص الشعب اللبناني من المأساة التي يمر بها.
معلومات نقلتها مراجع متابعة أكدت أن جهود داخلية وخارجية تبذل من أجل تأمين حضور النواب لجلسة الانتخاب التي أعلن رئيس المجلس نبيه بري أنه سيدعوا لها قريبا. والمداولات التي تجري بين العواصم المعنية، كما بين القوى المحلية التي ذاقت ذرعا من التعطيل القائم، تصب جميعها في مجرى اقناع الكتل النيابية المختلفة والمستقلين لحضور جلسة الانتخاب، وعدم المساهمة في تعطيل النصاب الذي يحتاج الى حضور ثلثي الأعضاء، أي 86 نائبا، ويمكن حينها الشروع في عملية التصويت، وليربح من يحصل على الأكثرية البسيطة من أصوات أعضاء المجلس، أي 65 نائبا او أكثر، حتى ولو تكرر سيناريو انتخابات العام 1970 حيث فاز الرئيس سليمان فرنجية (جد المرشح الحالي النائب السابق سليمان فرنجية) بفارق صوت واحد عن منافسه الرئيس الراحل إلياس سركيس.
لا يملك أي فريق حتى الآن أي تأكيد لحصول مرشحه على 65 صوت، ومرشح قوى الممانعة سليمان فرنجية قد لا يتجاوز عدد مؤيديه 49 صوتا، وإذا تمكن حزب الله من اقناع حليفه السابق جبران باسيل بالسير معهم الى جانب فرنجية، لن تصل أصواته الى ما يزيد على 64. بينما مرشح القوى السيادية النائب ميشال معوض أعلن أنه غير متمسك بالترشيح، وما يهمه هو عدم تمكين مرشح قوى الممانعة من الوصول الى قصر بعبدا، لأنه سيكرر نهج الرئيس ميشال عون الذي أدى الى خراب الدولة.
فرصة توفير النصاب لجلسة الانتخاب، ستكون على الأرجح لمصلحة وصول شخصية وسطية او معتدلة، لا تشكل تحديا لأحد، وقادرة على إدارة الملفات الساخنة، لاسيما المالية منها. وهذه الجلسة ستجري بقوة ضغط الدول الخارجية المعنية كما أكدت لنا مراجع متابعة. والدول الخمس التي تتحرك من أجل لبنان، هددت كل نائب يتغيب عن الحضور بفرض عقوبات عليه تشمل تحركاته الخارجية وتحويلاته المالية. بينما غالبية القوى المحلية أصبحت مدركة لخطر استمرار الفراغ الذي قد يطول إذا ما تم إجهاض الفرصة السانحة اليوم