ففي الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، قال ميقاتي إنه أبلغ جميع الموفدين الدوليين أن «الحديث عن تهدئة في لبنان فقط أمر غير منطقي»، مضيفاً: «نحن لا نقبل بأن يكون إخوة لنا يتعرضون للإبادة الجماعية والتدمير، ونحن نبحث فقط عن اتفاق خاص مع أحد».
وبينما تضغط المعارضة لتحييد لبنان من خلال العودة إلى تطبيق القرار 1701، أتى موقف ميقاتي هذا وكأن لبنان الرسمي تبنى موقف «حزب الله»، وبات يربط مصير الساحتين الفلسطينية واللبنانية ببعضهما.
واستنكر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، قيام الحكومة اللبنانيّة بـ«تجيير القرار الاستراتيجي، أي العسكري والأمني، إلى حزب الله، وبالتالي وضع الشعب اللبناني ومصالح لبنان العليا في مهبّ رياح المنطقة والصراعات المفتوحة بين أطرافها كافّة».
وقال جعجع، في بيان: «في الوقت الذي تنأى كل الدول العربيّة بنفسها عن الصراع الدائر حالياً في غزة والشرق الأوسط، لا نفهم بأي منطق يجري إقحام لبنان في هذه الحرب»، معتبراً أن «القوى السياسيّة المكوّنة لهذه الحكومة، وتحديداً محور الممانعة والتيار الوطني الحرّ وبعض المستقلّين، وبغضّ النظر عن (خنفشارياتهم) الداخليّة وخلافاتهم المصلحيّة، يتحمّلون جميعهم مسؤوليّة ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في لبنان، في حال استمرّت حكومة تصريف الأعمال في عدم تحمّل مسؤوليّاتها من خلال تبنّيها موقف محور الممانعة لجهة الحروب الدائرة في الشرق الأوسط».
وخلال لقاءاته أثناء مشاركته في أعمال «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس في سويسرا، يوم الأربعاء، شدد ميقاتي على «أولوية العمل على وقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، تمهيداً للعودة إلى البحث عن حل سلمي من خلال الاعتراف بالحق الفلسطيني في العيش بوطن آمن». ودعا ميقاتي «الدول الفاعلة إلى الضغط على إسرائيل لوقف تعدياتها على جنوب لبنان وانتهاكاتها المستمرة للسيادة اللبنانية»، وجدد «تأكيد التزام لبنان بمندرجات القرار الدولي رقم 1701 وسائر القرارات الدولية»، مطالباً بـ«الضغط على إسرائيل لتطبيق القرار كاملاً والعودة إلى الالتزام بكل القرارات الدولية منذ اتفاقية الهدنة الموقعة عام 1949».
ورأت عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائبة غادة أيوب، أن ميقاتي يستكمل المسار نفسه الذي انتهجه منذ إقراره مع انطلاق الحرب بأن قرار الحرب ليس بيد الحكومة، وهو مسار الإذعان لقرارات «حزب الله»، مذكرة إياه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأنه «رئيس حكومة، وبالتالي من المفترض به الالتزام بالبيانات الوزارية المتتالية للحكومات المتعاقبة، وآخرها حكومته، التي تتحدث بوضوح عن القرار 1701 الذي يتحدث عن قيام الحكومة بإدارة حدودها ومنع تسرب السلاح والتصدي لوجود مسلحين في منطقة جنوبي الليطاني». وأضافت: «هل يسعى ميقاتي من خلال مواقفه للقول إن الدولة مخطوفة، أم أنه فعلياً انتقل للتمترس بمحور وخط الممانعة؟».
من جهته، رأى عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» إلياس حنكش، أن هناك تناقضاً كبيراً يطبع مواقف الرئيس ميقاتي، الذي بدأ بالحديث عن أن قرار الحرب والسلم ليس بيد الحكومة، وعاد ليقول إن قرار السلم لديها، قبل أن يربط بين الساحات بربط مصير غزة بمصير لبنان.
وأكد حنكش، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك تعطيلاً ممنهجاً لانتخاب الرئيس، لأن حزب الله وحلفاءه لا يريدون أن يكون هناك قائد أعلى للقوات المسلحة ورئيس يتحدث باسم كل اللبنانيين، في وقت تشهد المنطقة مفاوضات ترسم ملامحها». وأضاف: «الرئيس ميقاتي مؤتمن حالياً على الشعب اللبناني، وبالتالي لا يجب أن تكون له أولوية إلا هذا الشعب».
في المقابل، شدد النائب أحمد الخير، عضو تكتل «الاعتدال الوطني»، وهو قريب من الرئيس ميقاتي، على أنه «لا يمكن قراءة موقف ميقاتي على قاعدة (لا إله) من دون أن نكمل (إلا الله)، وذلك بالاستناد إلى كل مواقفه السابقة واللاحقة التي تشدد على مرجعية الدولة في قرار الحرب والسلم، والتزام لبنان بالقرار 1701، والحرص الرسمي على النأي بلبنان عن مخاطر توسع الحرب في سياق ملاقاة جهود كل الدول العربية والغربية في هذا الإطار»، مشيراً، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «لا يمكن وضع موقف الرئيس ميقاتي في خانة تبني موقف حزب الله على الإطلاق، إنما في خانة مقاربة الأمور بواقعية ومسؤولية، من منطلق إنساني ووطني وعروبي، يُجمع على تحميل العدو الإسرائيلي مسؤولية استمرار الحرب بفعل الإبادة التي يرتكبها بحق أهلنا في غزة، ومسؤولية أي احتمال لتوسع الحرب بفعل الاعتداءات الموصوفة التي يرتكبها بحق السيادة اللبنانية، التي يخرق من خلالها القرار 1701 بشكل خطير جداً، من دون أي رادع، ومن دون أن يقيم أي وزن لأي اتفاقات أو قرارات دولية».