وسأل جعجع في قداس “شهداء المقاومة اللبنانية” في معراب “كيف يسمح حزب الله لنفسه بأخذ اللبنانيين إلى حيث لا يريدون وإلى حيث يريد هو فقط وبما يخدم مشروعه وارتباطاته. ومنْ أجاز لحزب الله واعطاه التفويض لأنْ يصادر قرار اللبنانيين وحريتهمْ ويحتكر قرار الحرب والسلم، وكأن لا دولة ولا حكومة ولا سلطة ولا مؤسساتٍ ولا شركاء له في البلد، ولا شعب حتى”.
وقال جعجع في خطاب عالي السقف ووسط حشد من مناصري القوات “لا يعتقدنّ أحدٌ بأن الواقع الذي نعيشه اليوم يمثّل حقيقة لبنان واللبنانيين أوْ أنّه مقيّضٌ له الاستمرار. إنه واقعٌ مصطنعٌ، تجمّعتْ عدة عناصر خارجية، أهمها إيرانية أسدية، وداخلية، أهمها التواطؤ والفساد والذمّية، الجبْن والانهزامية، أدّتْ الى قيامه، ولكنْ، ما قام على باطلٍ وتواطؤٍ وفسادٍ وعوامل خارجيةٍ قاهرةٍ، آيلٌ حكْماً للسقوط مع سقوط أيٍّ من العوامل التي أدّت إلى قيامه”.
وأضاف “إذا كان البعض يعتقد بأنّه في نهاية الحرب التي نمرّ بها، ومهْما كانتْ نتائجها، فإن المجموعة الدولية كما العربية ستفاوض محور الممانعة بخصوص مستقبل لبنان لأنّه الفريق المدجّج بالسلاح، فهْو مخطئ. لأن أحداً لنْ يقبل بأنْ يعود الوضع في لبنان الى ما كان عليه قبْل الحرب وأنْ تسْتمرّ الدولة في فقدان قرارها وتفكّكها. الجميع في اليوم التالي للحرب سيتفاوضون مع من يملك مفاتيح اليوم التالي، مفاتيح المستقبل، معْ منْ يملك الرّؤيا والخّطّة والإصلاح، لا مع الذي لا رؤية له إلا الحرب، ولا إصلاح لديه إلا التجارات الممنوعة والاقتصاد الرديف”، معتبراً “أن اليوم التالي في لبنان هو لنا، “بكرا إلنا” ليس لسببٍ سوى لأننا أولاد الغد”.
وتوجّه جعجع لـ”حزب الله” بالقول: “إنّ سلاحك لا يحمي الطائفة الشيعية، كما أن أي سلاحٍ لا يحمي طائفةً معينة. وإنْ كان هناك من حمايةٍ فهْي حتماً في كنْف الدولة الفعليّة العادلة القادرة. فالضمانات من مسؤوليتها، وطمْأنة بعضنا البعضْ من مسؤوليتنا جميعاً. إنّ ما نريده ونعمل من أجله هو الغد لنا جميعاً كلبنانيين، فقدْ آن الأوان أنْ نخرج معاً من الماضي لكي نبني المستقبل بناءً يجسّد طموحات كلّ مكوّنٍ منّا بعيدا عن منطق الهواجس الظرفيّة او الوجودية. إنّ ملاقاة بعضنا البعض في الوطن من شأنها تبديد كلّ المخاوف وإسقاط كلّ الرهانات الخارجية من أيّ جهةٍ أتتْ. إنّ أوّل خطوةٍ غايةً في الإلحاح في الوقت الحاضر هي انتخاب رئيسٍ للجمهورية”.
وأضاف “انتخاب رئيس الجمهورية يجبْ ألا يكون موضع مساومةٍ بلْ يجبْ أنْ يبقى مستنداً إلى قواعد دستوريةٍ واضحة لا لبْس فيها ولا تخضع لأيّ اجتهاد. وعلى الرئيس نبيه بري أنْ يدعو وكما نصّ الدستور إلى جلسة انتخابٍ مفتوحةٍ بدوراتٍ متتاليةٍ حتى التوصل إلى انتخاب رئيسٍ للجمهورية. ولْيفزْ منْ يفزْ ويلْقى التهنئة والمباركة من الجميع بدلاً منْ أنْ نظلّ في دوّامة التعطيل والدعوات العقيمة إلى حوارٍ، جرى ويجري كلّ يومٍ ومنْ دون أنْ يؤدّي إلى أيّ نتيجة. على الرئيس بري أنْ يفكّر ويتصرّف من موقعه الدستوري المسؤول كرئيسٍ لمجلس النواب وليس منْ موقعه السياسيّ كطرفٍ وحليفٍ لحزبٍ لديه حساباتٌ ابعد منْ رئاسة الجمهورية وأبْعد منْ لبنان حتّى”.
وأعلن جعجع “أننا مع القضية الفلسطينية ليس على أساسٍ ديني أو عرقي بل على أساس الحق والعدل، بالوقت الذي نحن فيه ضد السلاح الفلسطيني على أرض لبنان، هذا ما أدركتْه القيادة الفلسطينية مشكورةً ولو بعد حينٍ وهذا ما يجبْ أنْ تكون عليه العلاقة بين الشعبين اللبناني والفلسطيني. أما بالنسبة للقضية الفلسطينية وحرب غزة، فقال: “نحن نتضامن أشد التضامن مع الشعب الفلسطيني ومعاناته الهائلة في غزّة. نتضامن مع الشعب الفلسطيني بما لنا من قدرةٍ وطاقةٍ عليه، تضامنٌ صادقٌ من القلب، تضامنٌ صافٍ ومباشر، ومن دون ادّعاءاتٍ فارغة ولا بهْوراتٍ في غير محلها، ولا استعراضاتٍ لا تغْني ولا تسْمن، ولا على (ضهْر) البيعة في سياق استراتيجيّاتٍ أخرى لها أهداف ومرامٍ أخرى”.
وكان ترأس القداس البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ممثلاً براعي أبرشية جونيه المارونية المطران أنطوان نبيل العنداري بحضور حشد من المطارنة والرهبان. ولفت حضور سياسي تقدمه النائب مروان حمادة ممثلاً رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” النائب تيمور جنبلاط والرئيس السابق للحزب وليد جنبلاط، النائب نديم الجميّل ممثلاً رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميل ورئيس حزب “الكتائب اللبنانية” النائب سامي الجميّل، النائب سجيع عطية ممثلاً كتلة “الاعتدال الوطني”، رئيس حزب “الوطنيين الأحرار” النائب كميل شمعون، رئيس حزب “السند” النائب أشرف ريفي، رئيس “حركة الاستقلال” النائب ميشال معوّض، أمين عام حزب “الطاشناق” النائب هاغوب بقرادونيان، رئيس حزب “مشروع وطن الإنسان” النائب نعمة افرام، ونواب القوات اللبنانية وحشد من الفاعليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية وأهالي الشهداء.