مع اشتداد الأزمة أصبحت ماهيتها ومسبباتها واضحة وجليّة أمام أعين جميع اللبنانيين، وبالتالي أصبح الجميع مجبراً على البحث عن الحلول، لذا هناك أمل أكبر في إيجاد الحل. وشدد على ضرورة تعرية من تسبّبا بهذه الأزمة ومواجهتهما، وهما “فريق الممانعة” و”التيار الوطني الحر”، اللذان يُعيقان التغيير في البلاد”.
كلام جعجع، جاء في كلمة ألقاها خلال العشاء السنوي لإذاعة “لبنان الحر”، في حضور النواب بيار بو عاصي، شوقي الدكاش وايلي خوري، والنواب السابقين: أنطوان زهر، عماد واكيم ماجد ايدي ابي اللمع، الامين العام اميل مكرزل، الأمين المساعد لشؤون الإدارة رفيق شاهين، رئيس جهاز الإعلام والتواصل شارل جبور، مستشار رئيس الحزب لشؤون الرئاسة أنطوان مراد، السيدة روز انطوان الشويري، عدد من أعضاء المجلس المركزي، وحشد من الفاعليات الإعلاميّة والإجتماعيّة ورجال الأعمال.
وأشار جعجع إلى أن الشعب اللبناني أصبح واعياً بشكل أكبر للأسباب الحقيقية للأزمة، ولم تعد الشعارات الفارغة تخدعه. وأضاف: “اللبنانيون اليوم أكثر وعياً وإدراكاً لحقيقة الأمور، وهم مستعدون لدعم أي جهود حقيقية للتغيير. نحن أقرب من أي وقت مضى لتحقيق مشروعنا، وهناك عقبة رئيسية زالت من أمامنا، وهي الغش الذي كان يستعمله “التيار الوطني الحر” للناس الذين أصبحوا اليوم يدركون تماماً حقيقة الأمور، وأن المسألة بحاجة إلى حل جذري وقد أصبحوا معنا في هذه الرؤية. علينا أن نستجمع الحد الأدنى من القوى السياسية من أجل الوصول إلى تلك الحلول”.
وفيما يتعلق بالمعارضة، أعرب جعجع عن تقديره لدورها في الحفاظ على الحد الأدنى من عدم تدهور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه، على رغم قلة عدد نوابها نسبيا وعدم قدرتها على فرض التغييرات المطلوبة. وقال: “المعارضة تلعب دورها، ونوابها أبطال بكل ما للكلمة من معنى، صامدون، لديهم مبادئ واضحة، ويقومون بطرحها يومياً ويعيدون التأكيد عليها. كما يقومون كل يوم بخطوة في الاتجاه الذي يؤمنون به، ويحاولون بكل ما لديهم من قوة. وقد تمكنت المعارضة من تجنيب البلاد الكثير من السلبيات التي كانت ستحدث، لكنها تحتاج إلى مزيد من الدعم لتتمكن من فرض التغيير”.
.انتقد جعجع النواب الذين يقفون في الوسط ويتهربون من المواجهة تحت شعار “أنهم ضد الاصطفافات”، مطالباً إياهم باتخاذ مواقف واضحة وجريئة. وأوضح أنه “لا يمكن لمن لا يريد المواجهة أن يكون نائباً، لأنه لا يمكن لموقف النائب أن يكون زئبقياً، باعتبار أن عليه أن يتخذ مواقف حاسمة في المسائل الجوهرية، وتالياً لا يمكنه الوقوف في الوسط ما بين الخير والشر أو الجيّد والسيء”. وقال: “عملُنا الآن ينصب على محاولة إقناع هذه شريحة من المجتمع بأنه، ومن أجل مصالحهم المباشرة، يجب أن يكون للنائب الذي يمثلهم موقف واضح، أيًّا يكن هذا الموقف، وألا يقف في الوسط تحت شعار “ضد الاصطفافات”، فصحيح أن من حقّه أن يختار ألا ينضوي في إطار حزبي أو يعلن وقوفه إلى جانب هؤلاء أو أولئك، ولكن في بعض المسائل يجب عليه أن يختار”.
وأوضح جعجع أن فريق الممانعة، من خلال حروبه العبثية وزج لبنان في صراعات لا علاقة له بها، دمر البنية الأساسية للدولة اللبنانية. وقال: “هذا الفريق اضطر للتعامل مع أفسد الفاسدين من أجل تدعيم وضعيته الداخلية، ما أدى إلى تفشي الفساد في أنحاء البلاد كافة”، معتبراً أنه لا يمكن للبنان أن يتعافى في ظل سيطرة هذا الفريق الذي وصفه بأنه Anti تغيير.
كما اتهم جعجع “التيار الوطني الحر” بالسعي وراء مصالحه الضيقة على حساب المصلحة الوطنية، قائلاً: “أعضاء هذا التيار يبحثون دائماً عن مكاسب سياسية ومنافع شخصية من دون النظر إلى مصلحة البلد”. وأشار إلى أن سياساتهم الانتهازية أدت إلى شلل المؤسسات وتعطيل أي جهود للإصلاح، وقال: “بعد تجربة التيار في الحكم على مدى ست سنوات، حيث كان لديه رئيس جمهورية وأغلبية وزارية وأغلبية نيابية، وانتهت به الأمور إلى ما انتهت إليه، كان من المنطقي أن يقوم اهل التيار بإعادة قراءة لمسارهم ومواقفهم ، كي يروا ما الذي قاموا به وأدى إلى وصول الأمور إلى ما وصلت إليه، إلا أنهم لم يقوموا بإعادة قراءة ولا بإعادة كتابة، وهم مستمرون على ما كانوا عليه في تفاصيله كلها”.
وفي تقييمه للوضع الراهن، أوضح جعجع أن المشكلة الحقيقية تكمن في الطبقة السياسية الحالية التي ترفض الاعتراف بأخطائها وتستمر في تكرار د السياسات الفاشلة ذاتها. وقال: “لبنان يحتاج إلى تغيير جذري في النهج والسياسات المتبعة، وهو ما يتطلب شجاعة سياسية ووضوح رؤية. لا يمكننا أن نخرج من الوضع الراهن من دون أن نواجه الأسباب الجذرية التي أدت إليه”.