تعرضت “جامعة بنسلفانيا” لانتقادات عدة بسبب احتفائها بفوز الأميركي درو وايزمان والمجرية كاتالين كاريكو بجائزة “نوبل” [للطب] عن جهودهما المبذولة في مجال اللقاحات المضادة، إذ زعم أنها أثنت الأخيرة عن المضي قدماً ببحوثها المميزة، تحت طائلة المخاطرة بفقدان منصبها الأكاديمي.
فاز الثنائي بالجائزة المرموقة عن بحوثه المتعلقة بـ”الحمض النووي الريبوزي المرسال” mRNA (إم آر إن أي) والإمكانات التي ينطوي عليها في السعي إلى إيجاد اللقاحات. ولاحقاً، شكلت تلك التطورات عناصر رئيسة في الابتكار السريع للقاحات المضادة لـ”كوفيد” التي تولت تطويرها شركات متعددة متخصصة في صناعة الأدوية.
بعد إعلان الجائزة، احتفت “جامعة بنسلفانيا” بهذا الفوز علانية، مشيرة إلى الباحثين الفائزين باسم “فريق جامعة بنسلفانيا التاريخي لبحوث لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال”.
صحيح أن الباحثين كليهما ما زالا مرتبطين بالجامعة، الدكتور وايزمان كبروفيسور في بحوث اللقاحات والدكتورة كاريكو كبروفيسورة مساعدة في جراحة الأعصاب، لكن بعضهم لفت إلى أن جامعة “بنسلفانيا” تنسب، من دون وجه حق، الفضل إليها في مشروع بحثي لم ينَل منها أي تشجيع على الإطلاق.
وفي 1995، حينما كانت البحوث حول اللقاحات المستندة إلى تكنولوجيا “الحمض النووي الريبوزي المرسال” لا تزال في مراحلها الأولى، زعم أن الجامعة أثنت الدكتورة كاريكو عن متابعة عملها وأزاحتها من منصب عضو في هيئة التدريس الأكاديمية.
وفي حديث إلى مجلة “وايرد”، أوردت تلك الباحثة الفائزة أن المعنيين في جامعة بنسلفانيا “أخبروني [آنذاك] أنهم عقدوا اجتماعاً وخلصوا إلى أنني لا أملك المؤهلات كي أكون ضمن أعضاء هيئة التدريس. حينما أخبرتهم أنني سأغادر هذا الصرح إلى “بيونتيك” BioNTech، سخروا مني مشيرين إلى أن تلك الشركة لا تملك حتى موقعاً إلكترونياً على شبكة الإنترنت”.
وأضافت الدكتورة كاريكو، “كانت تجربة مروعة لأنه في الأسبوع نفسه، شُخِّصت إصابتي بالسرطان”.
واسترجعت كاريكو تلك اللحظات الحرجة، “لقد خضت عمليتين جراحيتين، وزوجي الذي عاد إلى المجر لاستلام بطاقة الإقامة الدائمة، تقطعت به السبل هناك بسبب مشكلة في التأشيرة، مما يعني أنه لن يتمكن من العودة طوال ستة أشهر. لقد قاسيتُ الأمرين، ثم أخبروني بقرارهم”.
في 2013، غادرت الدكتورة كاريكو مختبرها في كلية الطب في “جامعة بنسلفانيا” للانضمام إلى “بيونتيك”، علماً أنها إحدى الشركتين اللتين صنعتا أول لقاحات “كوفيد”، بل اعتُبِر الأفضل بينها.
وفي سياق مشابه، ورد في مقالة عنها نشرتها مجلة “غلامور”، أن الدكتورة كاريكو توجهت إلى المعنيين في كلية الطب مشيرة إلى أنه “في المستقبل، سيكون هذا المختبر متحفاً. لا تلمسوه”.
وفي تعليق على تلك المعطيات، كتب عالم في الأوبئة وباحث اقتصادي في مجال الصحة في “معهد نيو إنغلاند للأنظمة المعقدة”، الدكتور إريك فايغل دينغ، “أين اعتذارك اللعين جامعة بنسلفانيا؟؟؟”، بحسب ما ظهر على موقع “إكس” ضمن بيان جامعي حول جائزة “نوبل”.
وعلى نحو مماثل، أضاف براديب رامانا، عالم في الأعصاب في “مختبر أوبن مينس” أنه يجب على “جامعة بنسلفانيا” أن “تتوقف عن هذه الاحتفالات المضللة”.
وكذلك غردت المرشحة لشهادة دكتوراه في قسم الأنثروبولوجيا في “جامعة بنسلفانيا”، نوشين ساميمي، “هل ادعوا للتو أن كاتالين كاريكو الحائزة جائزة ’نوبل‘ منتسبة إلى جامعة بنسلفانيا بعدما أقالوها من منصبها في 1995 كونها ’لا تتمتع بمؤهلات أعضاء هيئة التدريس‘؟ أين الاعتذار؟”.
وعلى منصة “إكس” نفسها، كتب عالم الأحياء الفلكية غراهام لاو، “نعم، بالتأكيد يمكننا أن نعرف ما الذي تفكر به [جامعة بنسلفانيا]”.
وأضاف غراهام، “لا تبدو صورة ’جامعة بنسلفانيا‘ جيدة في ظل الدور الذي اضطلعت به في القصة برمتها. وبأي حال، يتبين أنه يجب على مؤسستك الاعتذار بصدق فعلي، وتعترف بجزء من المسؤولية عن المشكلات التي دفعت كثيرين إلى الابتعاد من الأوساط الأكاديمية هذه الأيام”.