أفادت مصادر دبلوماسية عربية بأن اجتماع لجنة الاتصال العربية الوزارية الخاصة بالملف السوري في القاهرة الأسبوع المنصرم لم يكن ايجابياً بالنسبة للنظام السوري، والاختراق الوحيد الذي حققه النظام يتمثل في التوافق حول تحويل مكان استضافة اللجنة الدستورية إلى سلطنة عمان، وهذا المطلب بالأصل هو مراعاة من العرب لحساسية الدول الداعمة للنظام السوري، إذ ترفض روسيا استمرار اللجنة في جنيف بحكم التوترات مع الغرب، كما أن إيران تثق بالدور العماني والوساطات التي تقوم بها السلطنة.
مصادر دبلوماسية عربية مطلعة على أروقة لجنة الاتصال العربية الخاصة في سوريا، والمؤلفة من وزراء خارجية السعودية ومصر والأردن والعراق ولبنان، كشفت لموقع تلفزيون سوريا عن ثلاثة ملفات ساهمت في إبطاء تطبيق خطة خطوة بخطوة التي تم التوافق عليها في لقاء عمان التشاوري شهر أيار/مايو الماضي.
دور الميليشيات المدعومة من إيران العابر للحدود
وبحسب المصادر فإن السعودية اشترطت مسبقاً على النظام السوري مغادرة الميليشيات المدعومة من إيران العابر للحدود، وعلى رأسها ميليشيا حزب الله اللبناني للأراضي السورية من أجل ضمان سير خريطة الطريق القائمة على خطوة مقابل خطوة.
كما تسعى السعودية أيضاً لكف يد حزب الله عن ملف اليمن، حيث تقود كوادر الحزب من الخلف المفاوضات السياسية التي تجريها جماعة الحوثي مع الرياض، ويشرف مدربون من الحزب على تقديم المشورة العسكرية للجماعة المتمردة في اليمن.
وتتلخص رؤية السعودية بتغيير الواقع القائم على ربط ملفات اليمن ولبنان وسوريا مع بعضها بعضا، لأن هذا من وجهة نظرها يعقد الحل، ويصعّب عملية إقناع المجتمع الدولي بتغيير تعاطيه مع الملف السوري.
تنامي التهديدات على الحدود الأردنية
كما أشارت المصادر إلى استياء الأردن من تنامي التهديدات على الحدود الأردنية القادمة من الأراضي السورية.
وتطورت التهديدات إلى درجة إرسال الميليشيات المدعومة من إيران – التي عززت حضورها قرب الحدود الأردنية- طائرة مسيرة محملة بالذخائر، أسقطها الجيش الأردني في 16 آب/ أغسطس الجاري.
وبالإضافة إلى ما سبق، فإن النظام السوري يرفض إلى اليوم التعاون مع الجانب الأردني في الكشف عن قوائم المقاتلين الأردنيين، الذين شاركوا في القتال ضمن سوريا، وهو مسألة أمنية مقلقة للجانب الأردني، كما أن منسوب محاولات تهريب المخدرات والأسلحة إلى داخل الأراضي الأردنية لم يتراجع.
تفعيل الحل السياسي
لا يزال النظام السوري محجما عن الانخراط بشكل حقيقي في جهود الحل السياسي، ويعمل على كسب الوقت من أجل فرض رؤيته على الحل، والمتمثلة بتطبيق القرار 2254 عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية، تشارك فيها من يصنفها بـ ” المعارضة الوطنية المصنوعة في سوريا”.
كما لم يستجب النظام السوري للمطالب العربية بتخفيف سطوة الأجهزة الأمنية والميليشيات على “الدولة السورية”، وهذا ما يجعل مهمة الدول العربية بإقناع الدول الغربية برفع العقوبات عن النظام السوري صعبة، حيث يصر الأخير بشكل كبير على ربط أي خطوات عملية من طرفه ببدء تدفق أموال إعادة التعافي المبكر ودعم اقتصاد البلاد المتدهور.
يبدو أن تباطؤ مسار خطوة بخطوة مرتبط بسياقات إقليمية ودولية، أكثر من كونه مرهونا بسلوك النظام السوري، ومن الواضح أن عملية التباطؤ تزامنت مع المؤشرات التي ظهرت مؤخراً عن عودة جزئية للاهتمام الأميركي بمنطقة الشرق الأوسط، ودخول واشنطن بمفاوضات متعددة مع جهات إقليمية لثنيها عن المضي قدماً في الشراكة مع روسيا وإيران، واحتمالية صياغة أميركا لسياسة أمنية تستهدف الميليشيات الإيرانية العابرة للحدود، مما قد يعطي خيارات بديلة للدول العربية عن التعاطي مع النظام السوري، ويدفعها لرفع سقفها أكثر في المباحثات.