3 اجتماعات أو مبادرات منفصلة وغير متزامنة حول سوريا في باريس وبروكسيل وجنيف، ففي المدينة السويسرية وبعد توقف دام ثلاثة أعوام، تجتمع هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، اليوم السبت، لأول مرة منذ 2019، بحضور كافة مكوناتها، في محاولة لإعادة ترتيب أوراق المعارضة، في وقت تتسع موجة التطبيع العربي والإقليمي مع النظام السوري.
يجري ذلك بينما أعلن ممثلون عن 150 منظمة من منظمات المجتمع المدني السوري، إطلاق نواة مبادرة “ﻣدﻧﯾﺔ” من باريس العاصمة الفرنسية لمتابعة تطورات الملف السوري. وأكدت مبادرة “مدنية” التي أعلن عنها رجل الأعمال البريطاني – السوري الملياردير أيمن الأصفري أنها ستعقد أول اجتماع لها يوم الثلاثاء المقبل في معهد العالم العربي في باريس، مضيفة أنها “جهة مستقلة عن أي نفوذ سياسي أو أجنبي، تهدف إلى حماية الفضاء المدني السوري وتعزز فاعليته في منصات صنع القرار”.
«مستقبل سوريا»
كما تستضيف العاصمة البلجيكية بروكسيل، النسخة السابعة من مؤتمر “دعم مستقبل سوريا والمنطقة” المزمع انعقاده في 14 و15 يونيو/ حزيران الجاري. وذكرت دائرة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي في بيان الجمعة، أن اليوم الأول سيشهد “يوم الحوار” بمشاركة قادة المجتمع المدني من داخل سوريا والمنطقة والشتات، حيث سيتحدثون عن الصعوبات التي تواجه الشعب السوري.وأضافت أن اليوم الثاني سيشهد اجتماعا على المستوى الوزاري، بمشاركة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ودول الجوار السوري، وممثلين عن الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى.
ويهدف المؤتمر إلى إعادة التأكيد على التزام الاتحاد الأوروبي ودعمه للشعب السوري، وحشد الدعم الإنساني والمالي لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسوريين في بلادهم والدول المجاورة. كما يهدف إلى ضمان توفير الدعم السياسي والمالي للدول التي تظهر تضامنا مع النازحين واللاجئين السوريين، مثل لبنان والأردن وتركيا ومصر والعراق. وشهدت النسخة السابقة من المؤتمر، تعهد الدول المشاركة بتوفير 6.4 مليارات يورو.
وتهدف مبادرة الأصفري وفق بيان تسلمت “القدس العربي” نسخة منه إلى “تعزيز الفاعلية السياسية للفضاء المدني السوري، كما تعمل “مدنيّة” على حشد الفاعلين المدنيين السورين داخل سوريا وفي دول الجوار والشتات حول مجموعة من القيم المبنية على الحقوق، لينتظموا ضمن فضاء مدني موحد يتجاوز الانقسامات الجيوسياسية ويعزز الشعور بالملكية والانتماء. وتبني “مدنيّة” على الموارد والقدرات والمعرفة والتأثير السياسي الجمعي للفاعلين المدنيين السوريين لضمان دور رائد للسوريين في عمليات صنع القرار المتعلقة بسوريا على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. و”مدنية” مبادرة سورية بحتة مستقلة عن التأثير السياسي والأجنبي، ومفتوحة لجميع الفاعلين المدنيين السوريين بما في ذلك المنظمات المجتمعية والمبادرات المحلية ومجموعات الضحايا والاتحادات والنقابات والمؤسسات الإعلامية والبحثية والثقافية وفي مرحلة لاحقة الأفراد الذين يؤمنون بقيم مدنية”.
وحسب موقع “كلنا شركاء” المحلي والذي يديره المعارض السياسي أيمن عبد النور، فإن “رجل الأعمال البريطاني – السوري الملياردير أيمن الأصفري سيطلق حملته الانتخابية يوم الاثنين المقبل 5 يونيو/حزيران من قاعة مركز العالم العربي في باريس”.
كما أنه سيطلق خلال يومي عمل مؤتمراً ضخماً، مرجحاً أن “يحضره الرئيس الفرنسي وعدة وزراء خارجية دول أوروبية وبتمثيل دولي كبير تحت عنوان (الأحقية السياسية للفضاء المدني السوري) وسيتم من خلاله إطلاق منصة سميت بـ(منصة مدنية) يترأس مجلس إدارتها الأصفري”.
وبحسب بيان المبادرة فإن الأحقية “السياسية كفاعلين مدنيين تحت مظلة مدنية “لا تعني بأي شكل رغبتنا في الحلول محل الأجسام السورية المنخرطة في العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254. أحقيتنا السياسية تأتي من إيماننا بضرورة أن يكون لنا كفاعلين مدنيين سوريين دور فعال وواضح في التأثير على كافة مسارات العمل للوصول لحل سياسي وهو حق مصان وفق ذات قرار مجلس الأمن. نحن تجمع قيمي، نعمل للوصول لدولة مواطنة تحترم الحقوق والحريات، ويسودها القانون نؤطر برامج عملنا المؤسساتية وفق هذه الرؤية ونعمل بجد ليكون لنا دور فاعل على مستوى صنع القرار لضمان أن عمل مختلف الأطراف السياسية والدولية يصب في هذه الرؤية”. وقال أحد المدعوين لحضور المبادرة طلب عدم ذكر اسمه “إن المنصة هي تجمع لمنظمات المجتمع المدني لا أكثر وتسعى لأن تكون هي المعتمدة في تمثيل المجتمع المدني السوري في الأمم المتحدة بدلاً من غرفة المجتمع المدني الموجودة حالياً والتي لا تقدم شيئاً مفيداً للشعب السوري”.
اجتماع هيئة التفاوض
في غضون ذلك، تجتمع هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، اليوم السبت، لأول مرة منذ 2019 في مدينة جنيف السويسرية، بحضور كافة المنصات، في محاولة منها لإعادة ترتيب أوراق المعارضة، بينما تتسع موجة التطبيع العربي والإقليمي مع النظام السوري. وتجري هيئة التفاوض خلال أيام الجمعة والسبت والأحد لقاءات مع ممثلي الدول المعنيين بالأزمة السورية، فضلاً عن مشاورات مكثفة مع المبعوث الأممي غير بيدرسون، في إطار الحشد والدعم الدولي. وقالت مصادر من هيئة التفاوض في جنيف لـ “القدس العربي” إن الهيئة بدأت اجتماعاتها الجمعة بلقاء المبعوث الأممي للأزمة السورية غير بيدرسون، وذلك بعد جولته الشهر الماضي إلى القاهرة والأردن. وتجري الاجتماعات، بحضور ممثلي بعض الدول العربية والغربية، حيث ستتناول خيارات المعارضة السورية ومحاولة لرفع مستوى التنسيق والعمل المشترك تحت مظلة هيئة التفاوض وإعادة تنشيط العملية السياسية بعد إيجاد موقف موحد لها.
ووفقاً للمصادر، تجمع “هيئة التفاوض على رفض نقل مشاورات اللجنة الدستورية إلى دمشق دون التوصل إلى اتفاق سياسي، معتبرة أن نقلها اعتراف بشرعية النظام السوري” قبل تطبيق القرار 2254 الذي ينص على رعاية الأمم المتحدة لأي اتفاق سياسي، فضلاً عن تطبيق المرحلة الانتقالية. وسيحضر الاجتماع وفق المصدر، جميع مكونات هيئة التفاوض “هيئة التنسيق الوطنية، بحضور المنسق العام لها حسن عبد العظيم، ومسؤول العلاقات الخارجية للهيئة أحمد العسراوي وأليس مفرج، ومنصة موسكو ممثلة بمهند دليقان وعلا عرفات ويوسف سليمان، فيما يشارك إلى جانب المكونات السياسية لهيئة التفاوض ممثلو الفصائل أيضاً، فضلاً عن مشاركة رئيس الائتلاف الوطني والمستقلين”.
وأكد المصدر حضور منصة القاهرة ممثلة بجمال سليمان، مشيراً إلى “تأييد مصري لهذا الاجتماع، خصوصاً أن ممثل الجانب المصري يحضر هذا الاجتماع إلى جانب الدول الغربية وبعض الدول العربية الأخرى مثل قطر”. وقال المتحدث إن “اجتماع هيئة التفاوض بجميع المنصات للمرة الأولى منذ العام 2019، في هذه المرحلة الحرجة من مسار الأزمة السورية، من شأنه أن ينقل رسالة إلى الدول المعنية بالأزمة السورية أن قوى المعارضة اليوم متمسكة بكل أطيافها بالحل السياسي على قاعدة القرارات الدولية وبرعاية الأمم المتحدة وليس عبر المسارات الثنائية مع النظام السوري”.
«منصة القاهرة»
في غضون ذلك، أعلن عضو منصة القاهرة فراس الخالدي مقاطعة اجتماع هيئة التفاوض المزمع في جنيف. وقال في بيان نشره عبر صفحته الشخصية “ردّاً على الدّعوة الأخيرة التي تلقّيناها في منصّة القاهرة لحضور جلسات جديدة لهيئة التّفاوض في جنيف، تعلن منصّة القاهرة أننا في كتلة شباب الحراك الثوري اتخذنا قرار المقاطعة والعزوف عن أيّ نشاط يخصّ الهيئة”. وعزا الخالدي ذلك إلى “استمرار الأسباب التي أدّت لقرارنا هذا وعلى رأسها عدم الالتزام الفعلي بآليّة توافقيّة وطنيّة لاتّخاذ القرارات التي من شأنها إظهار وجود نواة صلبة في المعارضة السوريّة قادرة على فرض نفسها أمام المجتمع الدّولي كشريك أساسي في تقرير مصير سوريا وشعبها وكشريك حتمي في تطبيق القرار 2254 وفق مرجعيّة بيان جنيف التي توافقت حولها جميع الأطراف المعنيّة في الصّراع السوري (الشّعب السّوري والدّول المنخرطة في هذا الصّراع)”.
وقال البيان: إن الفشل في إيجاد هذه النواة الصّلبة أَفْقَدَنَا القدرة على مقاومة حالة الاستقطاب الدّولي والإقليمي وإمكانيّة رفض سياسة المحاور التي تفرّقت حولها تيّارات وشخصيّات المعارضة السّوريّة والتي شكّلت بمجملها هيئة التّفاوض السّوريّة.