وقد أدى الموقف الجنبلاطي ومعه موقف التيار العوني إلى غضب في أوساط الثنائي الشيعي عبّر عنه مقرّبون من الثنائي، ولفت المراقبون إلى ما خرجت به صحيفة “الاخبار” المقرّبة من حزب الله، التي حملت على الزعيم الدرزي ورئيس التيار جبران باسيل، سائلة “مَن يتآمر لعزل المقاومة؟”، واتهمت جنبلاط بأنه “أكمل حلقة داعمي إطاحة فرنجية”، وكتبت “مجنون من لم يراجع نفسه جيداً، وانتحاري من يتوهّم نفسه في موقع تغيير المعادلات الصلبة القائمة. إنها ساعة الحقيقة التي تخص الجميع، داعمين وناخبين ومرشحين. أما من يريد العودة بالتاريخ إلى ما سبق، فيمكن التوضيح ببساطة أن هناك مسؤولية أساسية تقع على عاتق شخصين: الأول، جبران باسيل وهو اليوم في موقع مماثل لموقع وليد جنبلاط في 5 أيار/مايو 2008، عندما قال لاحقاً انه تحمس وأخطأ، والثاني هو جهاد ازعور، الذي تحوّل إلى فؤاد سنيورة ثان، وقبل أن يكون فتيل الانفجار!”.
وتعليقاً على ما ورد، أكدت مصادر التيار والاشتراكي “أن الجو متشنج وغير مريح”، لكنها لم تشأ اتهام حزب الله بالوقوف وراء ما ورد من تلويح بـ 7 أيار، وأكدت مصادر الطرفين لـ “القدس العربي” أن “لا أحد يسعى لضرب المقاومة وعزلها وأن لا أحد قادراً على هذا العزل، وكل ما حدث أن تقاطعاً حصل بين أفرقاء على ترشيح أزعور البعيد عن الاصطفافات السياسية ولا داعي لكل هذا التخوين”.
أما مصادر القوات اللبنانية فذكرت لـ “القدس العربي” أن “زمن التهديد والوعيد والتهويل انتهى وأن الشعب اللبناني لن يستسلم أو يخضع لفريق يتحمّل بذاته مسؤولية عزل لبنان عن محيطه والإمعان في فرض خياراته الكارثية على اللبنانيين”. واعتبرت المصادر “أن الثنائي الشيعي يزايد بالكلام عن الحوار والتوافق، ويقصد بذلك القبول بخياراته والسير بتوجهاته وإلا استمرار الفراغ والتلويح بعظائم الأمور”.
التشنج الطائفي
وأرخت هذه الأجواء بظلالها على مواقف بعض النواب، فرأى نائب طرابلس كريم كبارة، الذي يميل للتصويت لسليمان فرنجية، “أننا على مشارف منعطف خطير، فإضافة إلى الكارثة المعيشية التي يعيشها لبنان عاد التشنج السياسي والطائفي إلى الواجهة منذراً بانفجار الوضع”. ونبّه من “مغبة الانخراط بأي مشروع مشبوه”، وقال: “فليكن همّنا الأساسي معالجة أمور الناس وحفظ الأمن والاستقرار”.
تزامناً، واصل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي تهدئة الأجواء وأوفد المطرانين بولس عبد الساتر ومارون العمار إلى عين التينة للقاء الرئيس بري في زيارة هي الثانية بعد زيارة الضاحية الجنوبية للقاء أمين عام حزب الله حسن نصرالله والتعبير لهما عن موقف بكركي، التي لا تتبنّى مرشحاً بحد ذاته لكنها مع إتمام العملية الانتخابية وضرورة انتخاب رئيس في أسرع وقت. وعلم أن الرئيس بري أجاب على دعوة المطرانين إلى الحوار بأنه كان السبّاق إلى الدعوة إليه لكن الأحزاب المسيحية رفضت، فاقترح المطرانان أن يتم الحوار ضمن جلسات الانتخاب وأن تكون متتالية حتى انتخاب رئيس إلا أن نتيجة الاجتماع كانت “راوح مكانك”. وشملت زيارة المطرانين ايضاً كليمنصو حيث التقيا رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ونجله تيمور وتم التداول في ضرورة إنجاز الاستحقاق الرئاسي.
لا رواتب في حزيران
إلى ذلك، فإن الأزمة المالية تمثّلت ببيان صادر عن وزارة المال تحدث عن عدم قدرة على صرف الرواتب والتعويضات لموظفي القطاع العام عن شهر حزيران/يونيو الحالي، وجاء في البيان: “بمناسبة حلول عيد الأضحى في الثامن والعشرين من شهر حزيران الحالي، يهم وزارة المالية الإشارة إلى أنها لن تستطيع صرف الرواتب والتعويضات والأجور والزيادة المنصوص عليها في المادة 111 من قانون موازنة 2022 المستحقة آخر شهر حزيران قبل حلول العيد المبارك بسبب عدم تأمين الاعتمادات المالية لغاية تاريخه، الأمر الذي سيحول دون القدرة على تحويل هذه الحقوق إلى أصحابها”.
أما رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي فقد أعلن أنه بصدد الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء للبحث في موضوع النزوح السوري، وطلب وزارة العدل الموافقة على عقد اتفاق بالتراضي مع محاميين فرنسيين لمعاونة رئيس هيئة القضايا في الدعوى المقدمة بملف آنا كوساكوفا ورفاقها.
ومن المعلوم أن الكتل والاحزاب المسيحية تعارض عقد جلسة تشريعية كما تطلب وزارة المال لإقرار الاعتمادات المالية الإضافية كما ترفض انعقاد جلسات لمجلس الوزراء قبل انتخاب رئيس للجمهورية.