بقيت حادثة إطلاق النار على السفارة الأميركية في عوكر ليل الأربعاء الفائت في واجهة الاهتمام السياسي والديبلوماسي، الى جانب التحقيقات الجارية من أجل «ملاحقة المرتكب ومحاسبته»، كما صرّحت السفيرة الأميركية دوروثي شيا. كما لم يغب عن المراقبين أنّ الحادثة أتت في سياق من الأحداث المتنقلة، فمن جريمة اغتيال الياس الحصروني مسؤول حزب «القوات اللبنانية» في عين ابل، مروراً باستهداف مركز «القوات» ليل الأربعاء – الخميس في زحلة، ثم حادثة السفارة، بدت كلها كأن هناك مسلسلاً أمنياً متنقلاً. حتى أنّ قطع طريق خلدة عصر أمس في الاتجاهين، ولو لفترة وجيزة أثار القلق من أبعاده الأمنية. فهل من معطيات تميط اللثام عن هذا المسلسل؟
ليس هناك من جواب وافٍ على السؤال، انما بحسب معطيات التحقيق الجاري في حادثة السفارة، تبيّن أنّ هناك «ثغرة» استفاد منها المسلح المجهول، كي يطلق الرصاصات الـ 15 من رشاشه الحربي في اتجاه مبنى السفارة. وهذه»الثغرة» كانت في المنطقة التي تقع مسؤوليتها على الأمن اللبناني.
وبحسب المصادر إنّ «كل ما يحصل على الأراضي اللبنانية هو مسؤولية أمنية لبنانية». وقالت: «إنّ التساهل يجعل المرتكب يتمادى، وما حصل على مستوى السفارة خطير، وإذا لم يتبيّن الفاعل، سينضم هذا الملف الى ملف الاغتيالات السياسية، لأنّ من اغتال لديه من التنظيم ما يكفي للقيام بعمله». وأضافت: «إن منطقة السفارة الأميركية في عوكر، هي حزام أمني بامتياز ولا يمكن لفرد أن يخرق هذا الحزام، ما يعني أنّ هذه الرسالة، في ذكرى تفجير السفارة عام 1984، هي رسالة أمنية متطورة. وهناك جهة رصدت وراقبت ورأت ثغرة يمكن الدخول منها ففعلت».
في موازاة ذلك، قالت أوساط ديبلوماسية غربية: «إنّ حدود دور «حزب الله» على المستوى الداخلي هي سياسية، لكن كل ما يتعلّق بالشأن السوري أو الإسرائيلي أو الأميركي، فهو ايراني، وبالتالي فهذه رسالة ايرانية الى الولايات المتحدة من لبنان متعددة الأوجه تبدأ من دور أميركا في ضبط الحدود العراقية السورية ولا تنتهي بالقول إنّ الولايات المتحدة حريصة على الاستقرار في لبنان، لأنه إذا كانت الولايات المتحدة تدعم الجيش اللبناني فهذا الفريق يريد أن يظهر أنّ الأمن في لبنان في يده وليس في يد الجيش أو أي فريق آخر».
وكانت السفيرة الأميركية زارت أمس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وأكدت أنّ بعثة بلادها الديبلوماسية «لا يمكن إخافتها»، وأن «إجراءاتنا الأمنيّة متينة جداً وعلاقتنا صلبة، ونحن نتابع عملنا في السفارة كالمعتاد». وقال مراقبون لـ»نداء الوطن»، «إنّ اطلاق النار على سفارة عوكر هو بمثابة إنذار بأنّ مظاهر الاطمئنان التي رافقت سلوك الديبلوماسيين الأميركيين في لبنان في الفترة السابقة، رأت فيه طهران، وجماعتها في لبنان استفزازاً، فجاءت الحادثة بمثابة دعوة لكي يراجعوا مظاهر الاطمئنان هذه».
ومن الأمن الى السياسة، بعد تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس عبر» نداء الوطن» وجود مبادرة قطرية تجاه لبنان، استقبل الرئيس بري أمس الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني.
أما وزير الخارجيّة والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب، فصرّح خلال وجوده في نيويورك، «أن المبادرة الفرنسية ماشية، لكن بمفردها»، وقال «لا خلاف بين أعضاء اللجنة الخماسية خلال اجتماعها في نيويورك، لكنّه لم يحصل اتفاق ما أدّى إلى عدم إصدار بيان». وأشار إلى «أنّنا فهمنا أنّ القطريّين سألوا فرنسا عن المدّة الزّمنيّة لمهمّة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، ولكن لم يكن هناك جواب فرنسي».
وعن أزمة النازحين السوريين، قال بو حبيب :»إنّني مع نظيري السّوري فيصل المقداد على اتّصال، وبعد عودتي إلى لبنان نحدد موعداً للقائنا في سوريا، من أجل البحث في أزمة النّزوح»، وأعرب عن خشية لبنان من «التّعرّض لموجة نزوح جديدة إثر الأحداث في سوريا».
وذكر بو حبيب أنه التقى وزير الخارجيّة الإيرانيّة حسين أمير عبداللهيان، وتمّ التّباحث في الملف الرئاسي اللبناني.