صدى الارز

كل الأخبار
sadalarz-logo jpeg

زوروا موقع الفيديو الخاص بمنصة صدر الارز لمشاهدة كل جديد

مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
sada el arz logo

زوروا موقع البث المباشر الخاص بمنصة صدر الارز لمشاهدة كل جديد

أرشيف الموقع
كل الفرق

تعميم 170 ضد حزب الله.. السيادة في مواجهة اقتصاد الظل

يعيد قرار مصرف لبنان حظر التعامل مع جمعية “القرض الحسن”، التابعة لحزب الله، تسليط الضوء على شبكة المؤسسات المالية التي تعمل خارج رقابة الدول اللبنانية، وتشكل جزءا من البنية الاقتصادية الرديفة التي اعتمدها الحزب لعقود.

رغم أن الخطوة ليست الأولى من نوعها، يثير توقيتها تساؤلات عديدة.

بالنسبة للمحلل السياسي، الياس الزغبي، يمثل القرار استجابة “للمنحى العالمي في التضييق على إيران عبر العقوبات، وعلى أذرعها ومنها حزب الله”.

ويقول الخبير الاقتصادي خالد أبو شقرا: “من البديهي أن تمتنع المصارف والمؤسسات المرخّصة عن التعامل” مع مؤسسات مالية خاضعة لعقوبات، خوفا من أن تطالها هذه العقوبات”. لكنه يتساءل: “لماذا تترك هذه المؤسسات تعمل بحرية في السوق، وتتبادل الأموال مع الأفراد دون رقابة فعلية؟”.

يمنع تعميم المصرف المركزي اللبناني رقم 170 المؤسسات المالية الخاضعة لترخيص مصرف لبنان، بما فيها شركات الوساطة وهيئات الاستثمار الجماعي، إجراء أي تعامل مالي أو تجاري – سواء كان مباشرا أو غير مباشر، كليا أو جزئيا – مع مؤسسات غير مرخصة مثل: “جمعية القرض الحسن”، و”شركة التسهيلات”، وشركة “اليسر للتمويل والاستثمار”، و”بيت المال للمسلمين”، إضافة إلى أي كيانات مماثلة مدرجة على لوائح العقوبات الدولية.

المؤسسات التي وردت في التعميم من أبرز الشبكات المالية التي يستخدمها حزب الله خارج النظام المصرفي الرسمي، وقد أسهمت خلال السنوات الماضية في تأمين مصادر تمويل مستقلة للحزب بعيداً عن رقابة الدولة.

يتزامن القرار مع تصاعد الضغط الدولي لسحب سلاح الحزب وتجفيف قنوات تمويله، كما يأتي في ظل اشتراط الجهات المانحة تنفيذ إصلاحات مالية وهيكلية مقابل أي مساعدات أو مشاريع إعادة إعمار في لبنان.

سلسلة مترابطة

كانت جمعية “القرض الحسن” تدير قبل اندلاع الحرب الأخيرة مع إسرائيل أكثر من 30 فرعاً في مختلف المناطق اللبنانية. وإلى جانب تقديمها قروضا مقابل رهونات، اعتبرت على نطاق واسع ذراعا مالية تستخدم لتبييض الأموال وتمويل أنشطة الحزب بعيدا عن رقابة الدولة.

تأسست جمعية “القرض الحسن” عام 1982 بترخيص “علم وخبر” صادر عن وزارة الداخلية اللبنانية، لكنّ نشاطها تطوّر تدريجياً إلى ما يشبه عمل المصارف التجارية، من دون أن تكون خاضعة لرقابة مصرف لبنان.

تدريجيا، وسّعت خدماتها لتشمل استقبال الودائع النقدية والذهبية، وتقديم قروض، واستخدام أجهزة الصرّاف الآلي.

في عام 2007، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على “القرض الحسن”. وأعقبتها بعقوبات إضافية في 2021 طالت ستة أشخاص بتهمة باستخدام حسابات شخصية في مصارف لبنانية لتحويل أكثر من 500 مليون دولار إلى الجمعية، مما أتاح لها الوصول إلى النظام المالي الدولي.

وفي سبتمبر 2006، أدرجت وزارة الخزانة الأميركية “بيت المال” و”شركة اليسر للتمويل والاستثمار” في قائمة المنظمات الإرهابية بوصفهما “خزانة غير رسمية” للحزب.

وفي 3 يوليو الجاري، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات جديدة طالت نعمة أحمد جميل، أحد كبار المسؤولين في “القرض الحسن”، الذي يملك أيضاً شركة “تسهيلات ش.م.م”.

وبحسب بيان أميركي، قدمت هذه الشركة قروضاً عقارية بعد حرب 2006، ولعبت دوراً محورياً في شبكة التمويل التي تضم “القرض الحسن”، و”اليسر”، و”بيت المال”، وجميعها مدرجة على قائمة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية.

يمثل نشاط مؤسسات حزب الله المالية “مخالفة واضحة لقانون النقد والتسليف اللبناني”، يقول الخبير الاقتصادي، خالد أبو شقرا، لافتا إلى أن المسؤولين في هذه المؤسسات “منتمون إلى حزب الله ويخضعون لعقوبات أميركية”.

وتنص المادة 200 من قانون النقد والتسليف اللبناني على تجريم أي شخص أو مؤسسة تمارس عمليات التسليف دون ترخيص من مصرف لبنان، فيما تلزم المادة 206 بملاحقة المخالفين أمام المحاكم الجزائية.

خطوة إلزامية؟

تؤكد الباحثة في القانون المالي الدولي، محاسن مرسل، أن مصرف لبنان ملزم بإصدار تعميم يحظر التعامل مع أي جهة مدرجة على لوائح العقوبات الدولية، حفاظا على موقع لبنان في النظام المالي العالمي.

وتشير مرسل، في حديث مع “الحرة” إلى أن جمعية “القرض الحسن” خضعت سابقا لإجراءات مماثلة، إذ أصدر الحاكم السابق لمصرف لبنان، رياض سلامة، تعاميم في عامي 2007 و2021 لحظر التعامل معها لحماية القطاع المالي اللبناني”.

ويرى أبو شقرا أن تحذير المصارف من التعامل مع المؤسسات غير المرخّصة يهدف إلى الحد من انتشار كيانات معرضة لعقوبات دولية، خصوصا من وزارة الخزانة الأميركية. ويشير إلى أن وجود لبنان على “اللائحة الرمادية” لمجموعة العمل المالي (FATF) يعقّد علاقاته حتى مع المصارف المرخّصة في حال ثبت تعاملها مع جهات خاضعة للعقوبات.

يحذّر أبو شقرا من أن تداعيات المخالفات لا تقتصر على المؤسسات غير المرخّصة، بل تطال القطاع المالي ككل، ما يعرقل خروج لبنان من اللائحة الرمادية والسوداء ويضعف قدرته على جذب الاستثمارات والمساعدات.

ويشير إلى أن مصرف لبنان، عبر هيئة التحقيق الخاصة، يعمل مع وزارة العدل وسفارات غربية مثل ألمانيا وفرنسا وأستراليا والولايات المتحدة، إضافة إلى وحدة EU Global Facility، لدعم جهود مكافحة تبييض الأموال وإبعاد لبنان عن دائرة الشبهات المالية.

ويذهب المحلل السياسي الياس الزغبي إلى أن تعميم مصرف لبنان ينسجم مع القوانين اللبنانية، ويحمّل المصرف مسؤولية كبرى أمام المؤسسات المالية الدولية إذا استمر في غضّ النظر عن مؤسسات غير مرخّصة متورطة في تبييض الأموال وتمويل ميليشيا مصنّفة إرهابية.

خطر مزدوج

وبحسب “منظمة الدفاع عن الديمقراطيات” الأميركية، امتلك كبار ممولي حزب الله حسابات في جمعية “القرض الحسن”، واستخدم موظفو الجمعية حسابات شخصية في مصارف لبنانية لتنفيذ معاملات نيابة عنها، ما سمح لها بالنفاذ إلى النظام المصرفي.

وأشارت المنظمة إلى أن وزارة الخزانة الأميركية فرضت في 2019 عقوبات على “بنك جمال تراست” بسبب تسهيله هذا الوصول، وهو ما دفع المصرف لاحقًا إلى طلب تصفيته من مصرف لبنان، وقد تمت الموافقة على ذلك.

في ديسمبر 2020، أعلنت مجموعة قرصنة تُعرف باسم “Spiderz” اختراقها حسابات جمعية “القرض الحسن”، ونشرت بيانات تخص نحو 400 ألف حساب مرتبط بالجمعية، تضمنت أسماء شخصيات بارزة في حزب الله، من بينها قائد قوة الرضوان وسام الطويل، الذي اغتالته إسرائيل، ورئيس الوحدة المالية في الحزب إبراهيم علي ضاهر، وحتى المرشد الإيراني علي خامنئي، بحسب ما أورده موقع “غلوبس”.

وبعد الحادثة، أصدرت بعض المصارف اللبنانية بيانات نفت فيها وجود حسابات رسمية باسم “القرض الحسن”. غير أن “منظمة الدفاع عن الديمقراطيات” أوضحت أن هذه البيانات صحيحة قانونيًا، إذ لا توجد حسابات باسم الجمعية، لكن الوثائق المسرّبة أظهرت أن مسؤولي الجمعية استخدموا حساباتهم الشخصية لتنفيذ معاملات نيابة عنها.

إجراءات منقوصة؟

تعتبر مرسل أن خطوة حاكم مصرف لبنان، كريم سعيد، “غير كافية”.

وتشدد مرسل على أن المطلوب ليس تعاميم تحذيرية فقط، بل إجراءات تنفيذية صارمة لحظر الكيانات المخالفة فعليا، لأن أي تهاون يعرّض لبنان لمزيد من العزلة ويقوّض الثقة بالنظام المالي.

وتبدي قلقها من بطء التعامل الرسمي مع الملف، لافتة إلى أن لبنان مدرج على اللائحة الرمادية ولا يملك ترف الوقت، ما يستدعي تحركا عاجلا لضبط آليات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وتشير إلى أن وزارة الداخلية ما زالت تمنح تراخيص جمعيات بموجب قانون قديم دون تدقيق كافٍ، داعية وزارة العدل وهيئة التحقيق الخاصة إلى التدقيق في نشأتها وإخضاعها للرقابة.

ويشكك أبو شقرا، من جانبه، بفعالية الإجراءات الحكومية. ويؤكد أن الامتناع عن التعامل مع مؤسسات خاضعة للعقوبات بديهي، لكن تركها تعمل بحرية في السوق يثير علامات استفهام.

ويتساءل عن آليات الرقابة وكيف يمكن لمصرف أن يتورط دون علم، منتقدا عدم إصدار لائحة شاملة بأسماء الكيانات المخالفة. ويعتبر أن التحذير دون تسمية أو ترخيص وإغلاق هذه المؤسسات يبقى إجراء ناقصا.

شرخ جديد؟

يعتمد عدد كبير من أبناء الطائفة الشيعية في لبنان على جمعية “القرض الحسن” لتلبية احتياجاتهم المالية الأساسية، سواء عبر رهن الذهب مقابل قروض نقدية أو من خلال الحصول على بطاقات مالية تستخدم في تيسير شؤونهم اليومية.

بالنسبة لكثيرين، لا تعد الجمعية مجرد مؤسسة مالية، بل تشكّل شبكة أمان اجتماعي واقتصادي، في ظل الانهيار المالي الحاد الذي يضرب البلاد منذ سنوات.

وتلعب “القرض الحسن” دوراً موازياً للمصارف التقليدية، بل ويتفوّق عليها أحياناً من حيث سرعة تقديم الخدمات وسهولة الشروط، ما يجعلها حاضرة بقوة في المشهد الاقتصادي الشعبي للمجتمعات الشيعية في لبنان.

يرى الزغبي أن منع التعامل مع “القرض الحسن” سيُضعف قدرات حزب الله المالية، ما سينعكس سلبًا على علاقته بجمهوره.

فمع تراجع قدراته المالية، سيضطر لتقليص دعمه لعناصره وعائلاتهم، ما قد يُحدث تململًا داخل بيئته نتيجة عاملين متلازمين: غياب المواجهة العسكرية والشح المالي. وهما، إلى جانب العقيدة، ركائز أساسية في بنية الحزب. وفي النتيجة، تفكك منظومته كذراع إيرانية في لبنان والمنطقة.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading