مجدداً تحرك الملف اللبناني في بعض الدوائر الإقليمية والدولية، مع زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان للسعودية ولقائه المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا، قبل أن ينتقل إلى قطر لعقد اجتماع خماسي الاثنين المقبل، وبعدها يعود إلى باريس للقاء الرئيس إيمانويل ماكرون لوضعه في الأجواء، على أن يتوجه فيما بعد إلى بيروت للقاء المسؤولين فيها، وسط ترجيحات بمكوثه أياماً عديدة للبحث عن صيغة توافقية للأزمة الرئاسية.
ويقترح لودريان إمكانية انعقاد حوار لبناني في مجلس النواب، للتوصل إلى قواسم مشتركة، أو رؤية متكاملة لعرضها في الاجتماع الخماسي في قطر تمهيداً لإعلان خريطة طريق واضحة.
بانتظار لودريان وما يحمله معه لا تزال المواقف اللبنانية المتعارضة تتزايد، وسط رفض بعض قوى المعارضة لفكرة الحوار خوفاً من أن يطرح عليها ملف تعديل النظام أو تغيير الصيغة.
في المقابل، يرسل «حزب الله» وحركة أمل إشارات تطمينية حيال الحفاظ على اتفاق الطائف وعدم المساس به أو تغييره أو تعديله، وهذه رسالة طمأنة موجهة إلى الداخل والخارج لا سيما السعودية، ولذلك يتمسك الحزب بخيار فرنجية المرفوض مسيحياً، وسط تصعيد في اللهجة المسيحية حول أن أي محاولة منه لفرض ترشيحه ستستدعي ردة فعل مسيحية رفضاً لسيطرة الحزب على الدولة وقدرته على فرض الرئيس الذي يريده.
في هذا السياق، لا بد من التوقف باهتمام أمام تأكيد رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، قبل أيام، أن قوى المعارضة تدرس فيما بينها وضع خطّة للعصيان المدني والدستوري مع دولة «حزب الله» إذا نجح في فرض مرشحه أو فرض أجندته، على قاعدة أن القبول بهذا الأمر الواقع أمر غير ممكن.
هذا الاعتراض سيتزايد أيضاً ربطاً بما طرح أخيراً في بيروت حول ترسيم الحدود البرية بعد ترسيم الحدود البحرية، والتي وجهت فيها قوى المعارضة اتهامات كثيرة لـ «حزب الله» بأنه ذهب إلى اتفاق ترسيم الحدود مع العدو، وبالتالي لم يعد هناك حاجة لسلاحه ولا بد من طرح السلاح على طاولة أي مفاوضات.
مثل هذه السجالات ستتجدد على وقع اقتراح لبنان الذهاب إلى ترسيم الحدود البرية، في ظل الاستنفار والتوتر القائمين في الجنوب على خلفية إنشاء الحزب لخيمتين هناك، مقابل رد إسرائيل بإعلانها ضم الجزء الشمالي من بلدة الغجر. وسط معطيات تفيد بأنه لا بد من توقع حصول تصعيد في تلك المنطقة، قد يمهّد إما للتفاوض على ترسيم الحدود، أو إعادة الوقائع إلى ما كانت عليه الأمور قبل حصول هذا التوتر.