وكانت الورقة الأمريكية طلبت أجوبة على أسئلة حول نزع سلاح «حزب الله» والإصلاحات المالية ومستقبل العلاقات السياسية والأمنية والتجارية مع سوريا، وأضاف البعض إلى هذه الأسئلة سؤال حول موافقة لبنان على نشر مراقبين دوليين في مطار رفيق الحريري الدولي ومرفأ بيروت.
«السلاح مقابل الانسحاب»
وقال مصدران مطلعان لوكالة رويترز إن مسؤولين لبنانيين يعكفون على صياغة رد الثلاثاء على مطالب الولايات المتحدة بأن تتخلى جماعة «حزب الله» عن سلاحها بحلول نوفمبر تشرين الثاني مقابل وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية. وزادت هذه المهلة من شدة الضغوط على الجماعة المدعومة من إيران والتي تلقت ضربات إسرائيلية قاصمة في حرب العام الماضي، وتعاني أزمة مالية وتتعرض لضغوط في لبنان لنزع سلاحه.
ونقل مطالب واشنطن توماس برّاك المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا والسفير الأمريكي في تركيا خلال زيارة إلى بيروت في 19 حزيران/يونيو.
وقال المصدران، اللذان تحدثا شريطة عدم نشر اسميهما بسبب حساسية المسألة، لرويترز إن برّاك أطلع مسؤولين لبنانيين على خارطة طريق مكتوبة وأبلغهم بأنه يتوقع الرد في أول تموز/يوليو بشأن أي تعديلات مقترحة. وأضافا أن الوثيقة المكونة من ست صفحات تركز على تسليم سلاح «حزب الله» والفصائل المسلحة الأخرى، وتحث لبنان على تحسين العلاقات مع سوريا وتنفيذ إصلاحات مالية.
وقال المصدران إن الوثيقة تقترح نهجاً مرحلياً لتسليم السلاح بحيث يقوم «حزب الله» بتسليم سلاحه في جميع أنحاء لبنان مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية التي تحتل مناطق في الجنوب. وذكرا أنه يجب الانتهاء من تسليم السلاح تماماً بحلول نوفمبر/تشرين الثاني أو بنهاية العام على أقصى تقدير. وأضافا أن تسليم السلاح سينهي الضربات الإسرائيلية التي تستهدف عناصر «حزب الله» وسيؤدي إلى الإفراج عن أموال لإعادة بناء مناطق لبنانية دمرتها القوات الإسرائيلية العام الماضي.
وقالت الولايات المتحدة من قبل إنها لن تدعم إعادة الإعمار في لبنان إلا بعد أن يلقي «حزب الله» سلاحه.
وأضاف المصدران أن الاقتراح يشير أيضاً إلى إنشاء آلية تشرف عليها الأمم المتحدة لضمان أن تطلق إسرائيل سراح الأسرى المرتبطين بـ«حزب الله». وقالا إن برّاك حث المسؤولين اللبنانيين على اغتنام الفرصة التي وفرتها خارطة الطريق لأنها «قد لا تتاح مرة أخرى». ومن المقرر أن يعود برّاك إلى لبنان الأسبوع المقبل. وأضافا أن برّاك لم يحصل بعد على موافقة إسرائيل على خارطة الطريق. ولم ترد بعد وزارة الخارجية الأمريكية أو مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أو وزارة الخارجية الإسرائيلية على طلبات من رويترز للتعليق.
وأفاد المصدران بأن لبنان عين لجنة لصياغة رد أولي، تضم ممثلين عن مكتب رئيس الوزراء نواف سلام، والرئيس جوزف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، حليف «حزب الله». ولم يتضح بعد ما إذا كان الرد الأولي سيكون جاهزاً بحلول أمس. وأوضح المصدران أن الاقتراح الأمريكي يشترط إبرام الاتفاق النهائي بإجماع الحكومة اللبنانية.
وأكد المصدر الثاني، ومصدر ثالث مُطلع على المسألة، أن بري على تواصل وثيق مع «حزب الله» لضمان الحصول على رأيه.
اجتماع ثلاثي
وقال المصدر الثالث «لم يرفض «حزب الله» التعاون مع اللجنة وقد بدأ بالفعل إرسال إشارات لهذا التعاون لكنه لم يلتزم مرة بتسليم السلاح لتاريخه».
وبعد اجتماع لممثلي الرؤساء الثلاثة في قصر بعبدا، بدا أن لبنان يطلب اقتران أي خطوة في اتجاه حصرية السلاح بانسحاب إسرائيلي من النقاط المحتلة وتحرير الأسرى ووقف الاعتداءات. وبعدما أوردت «القدس العربي» أن جلسة مجلس الوزراء المخصصة لبحث حصرية السلاح بيد الدولة مؤجلة، أفيد أن «الثنائي الشيعي» لا يرى حاجة لعقد جلسة لمجلس الوزراء لمناقشة الورقة الأمريكية طالما أن حكومة تصريف الاعمال برئاسة نجيب ميقاتي سبق لها أن وافقت على اتفاق وقف إطلاق النار ومفاعيله، انطلاقاً من أنه لا يجدر بالدولة اللبنانية تقديم التزامات اضافية في انتظار ما ستقدم عليه إسرائيل من خطوات في المقابل.
اعتداءات إسرائيلية
وتترافق هذه الأجواء مع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية في جنوب لبنان والتي شهدت تصعيداً في الايام القليلة الماضية. وجديد هذه الاعتداءات غارة من مسيّرة إسرائيلية استهدفت منطقة الجبل الأحمر في بلدة حاروف، ما أدى إلى إصابة طفل بجروح طفيفة.
ونفّذ الجيش الإسرائيلي عملية تمشيط بالأسلحة الرشاشة الثقيلة في اتجاه أحياء بلدة العديسة في قضاء مرجعيون. كذلك، أصيب مواطن جراء استهدافه بقنبلة صوتية من محلقة إسرائيلية في بلدة كفركلا.
وتأتي هذه الاعتداءات في ظل تحذيرات من أن عدم تجاوب لبنان مع الطلبات الأمريكية، قد ينعكس سلباً على تجديد مهمة قوات «اليونيفل» في الجنوب في آب/أغسطس المقبل، وكذلك على احتمال قيام مجموعات مسلحة بهجمات من سوريا تحت عنوان ضبط الحدود.
رجي: ترسيم مع سوريا
وفي شأن متعلق بسوريا، لفت موقف لوزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي أكد فيه «أن رفع العقوبات عن سوريا سيساعد دمشق اقتصادياً ويقودها نحو الأفضل، معتبراً «أن هذه الخطوة ستساعد سوريا وتسرّع عملية إعادة إعمارها، وستجلب الازدهار إلى البلاد».
ورأى في حديث تلفزيوني «أن إعادة الإعمار ستتجاوز الحدود السورية لتنعكس على لبنان بشكل إيجابي»، قائلاً «بيروت ستستفيد بشكل غير مباشر من هذه التطورات، وتحسن الأوضاع الاقتصادية في سوريا سيقود إلى انخفاض أعمال التهريب على الحدود مع لبنان».
وأشار وزير الخارجية إلى «أن العلاقة اللبنانية – السورية لم تكن صحية منذ عقود، وأن كل الأنظمة والسلطات التي تعاقبت على سوريا لم تعترف بدولة مستقلة اسمها لبنان. وأن هذا ينطبق بشكل رئيسي على نظام الأسد»، وذكّر «بأن «النظام السابق في دمشق كان يعتبر لبنان دولة تابعة وليس مستقلة، عبر التلميح والتصريح بأن لبنان وسوريا شعب واحد في دولتين، وأن لبنان قطعة مسلوخة عن سوريا ولا بد أن تعود إلى سوريا».
وأضاف «التمثيل الدبلوماسي غاب حينها بين البلدين بسبب عدم اعتراف دمشق بسيادة لبنان. وهذا الأمر انسحب على ملف ترسيم الحدود، وملفات خلافية أخرى».
وعن الوثائق التي سلمت للبنان كشف أنها «وثائق سرية، تتضمن تحديداً فرنسياً للحدود بين لبنان وسوريا.
وهذه الوثائق عبارة عن خرائط تعود لعشرينات وثلاثينات القرن الماضي، إبان الانتداب الفرنسي على المنطقة. أما النظر إلى هذه الخرائط فيحتاج إلى اختصاصيين وهو موضوع تقني»، مشيراً إلى أنه «اطلع على الوثائق المكتوبة، لكن الخرائط والنقاط الجغرافية تتطلب اختصاصيين».
وحسب رجّي، فإن «تسليم فرنسا هذه الوثائق والخرائط للبنان وسوريا يحمل أهميتين. أولاً الاهمية التقنية التي تساعد في تثبيت وترسيم الحدود، والأهمية السياسية التي تتعلق بأن سوريا اليوم مستعدة للتعاون مع لبنان لترسيم الحدود بين البلدين»، مؤكداً «أن مسألة ترسيم الحدود تحتل الأولوية بالنسبة للسلطات اللبنانية، وتضاف إلى ملفات أخرى، كعودة النازحين السوريين وملف المفقودين اللبنانيين في سوريا»، لافتاً إلى «أن الإدارة الجديدة في الشام تعترف بنهائية دولة لبنان وتؤكد استعدادها العمل مع بيروت على ترسيم الحدود بين البلدين وتثبيتها».