لم تقنع الرواية الرسمية الأولية حول ظروف مقتل القيادي في حزب “القوات اللبنانية” باسكال سليمان، الذي خطف مساء الأحد السابع من أبريل (نيسان) قبل أن يعلن مقتله بعد يوم، شريحة واسعة من اللبنانيين الذين شككوا في أن تكون الخلفية سرقة السيارة وأكدوا أن ما حصل هو عملية اغتيال سياسية.
حزب “القوات اللبنانية” تحدث في بيان رسمي عن أن ما حصل هو عملية اغتيال سياسي لحين ثبوت العكس، وفند ثلاثة عوامل جوهرية أدت إلى وقوعها، الأول وجود “حزب الله” بالشكل الموجود فيه وتعطيل دور الدولة وفعالية هذا الدور، والثاني الحدود السائبة، محملة من يبقي الحدود سائبة مسؤولية هذه الجرائم، وثالثاً منع إدارات الدولة القضائية والأمنية والعسكرية من العمل في مناطق معينة، أو في قضايا معينة.
وكان الجيش اللبناني أعلن أن سليمان “قتل من قبل الخاطفين أثناء محاولتهم سرقة سيارته في منطقة جبيل، وأنهم نقلوا جثته إلى سوريا”، مشيراً إلى أنه تم توقيف أربعة سوريين مشتبه فيهم بصورة رئيسة في القضية وقد اعترفوا بارتكابهم الجريمة.
إلا أن تلك الرواية فتحت المجال لطرح تساؤلات حول قدرة “عصابة سورية” على تعقب ورصد أحد الأشخاص وإخراجه من البلاد بهذه السهولة، ولم توفر الاتهامات “حزب الله” الذي برأي كثيرين يسيطر على الحدود اللبنانية – السورية، وكذلك هو من يسيطر على منطقة القصير في العمق السوري حيث تبين وجود المقر الرئيس لتلك العصابة التي سلمت الجثة للأمن السوري قبل نقلها إلى لبنان.
ونفى الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله، في خطاب متلفز، قبل ساعات قليلة من إعلان مقتل سليمان، ضلوع حزبه في عملية الخطف، معتبراً أن من يوجهون الاتهام إلى الحزب إنما يثيرون نعرات طائفية.
بلدة “حاويك” السورية
وفق المعلومات القضائية، يقوم النائب العام التمييزي في لبنان القاضي جمال حجار، بمتابعة التحقيقات التي تجريها أجهزة أمنية إلى جانب استخبارات الجيش، إذ تلقى اتصالات من جهات سياسية تطالبه بحسم الرواية الرسمية الأولية، وقد أكد أنه يتابع القضية من كثب وأن كل الأسئلة التي أثيرت حول خلفيات الجريمة مشروعة وهي قيد التحقيق وأنه خلال الساعات المقبلة ستظهر الإجابات لحسم الملابسات حولها.
ووفق مصادر قضائية اعترف الموقوفون أنهم ضربوا المغدور بأعقاب المسدسات على رأسه ووجهه حتى يتوقف عن مقاومتهم، ومن ثم وضعوه في صندوق سيارته ودخلوا إلى سوريا، وعند وصولهم إلى بلدة “حاويك” السورية تبين لهم أنه فارق الحياة.
عبور الحدود
وفي السياق يؤكد مصدر عسكري أن عملية الخطف قام بها أشخاص منظمون وبأسلوب محترف وقاموا بسلسلة مناورات تهدف إلى تضليل تعقبهم، وهي جريمة متقنة ومنفذة عن سابق تصور وتصميم بعد مراقبة الضحية لساعات طويلة وتحركاته. وأوضح أن سليمان الذي كان يقود سيارته “أودي كيو سيفن” لونها أسود بمفرده، تعرض لمكمن ومحاصرة من قبل أربعة مسلحين في الأقل عند مفترق يربط بلدة لحفد بطريق ميفوق وحاقل في قضاء جبيل.
ولفت إلى أن المعطيات الأولية تشير إلى أن عدداً من الخاطفين كانوا داخل سيارة بيضاء تبين أنها مسروقة وتحمل لوحة أجنبية أعاقوا طريقه وخطفوه بقوة السلاح.
وتوجهت سيارة الخاطفين نحو الشمال ثم الحدود فالداخل السوري. ويبدو بحسب المصدر أن الخاطفين يعرفون الطرقات جيداً، ويستطيعون عبور الحدود السورية بحرية وطمأنينة.
شركاء محليون
وفي رأي المصدر نفسه، فإن جرائم مماثلة يتطلب تنفيذها وجود مجموعات عديدة، منها من يتخذ القرار وتكليف مجموعة من الأشخاص برصد الضحية ومراقبته، وقد تكلف مجموعة مختلفة بتنفيذ العملية بناءً على المعلومات المستخلصة، ومن ثم وفي بعض الأحيان قد لا تعرف المجموعة المراقبة المجموعة المنفذة.
لذا فإن عملية الخطف تحتاج إلى عناصر منظمة ومدربة ولديها الخبرة الكافية للسيطرة على الضحية وإنجاز المهمة بأقصر وقت ممكن، ومغادرة موقع الجريمة وسحب جميع الأدلة والخروج بصورة آمنة باتجاه أماكن عدة رسمت مسبقاً بإحكام.
ويشير إلى أنه يمكن أن يكون منفذو الجريمة من الجنسية السورية، ولكن يجزم أن هناك شركاء محليين يستطيعون تسهيل عملية انتقال المنفذين بين المناطق وصولاً إلى عبورهم الحدود اللبنانية.