ببلدة المغيرية في قضاء الشوف بمحافظة جبل لبنان (وسط) يمتلك علي حمادة (68 عاما) هواية فريدة من نوعها، حيث يقوم بإعادة تصنيع وتأهيل البنادق القديمة لاستعادة التراث وإحياء الفن المفقود من خلال تصنيع هذه الأسلحة.
حمادة الذي كان يعمل فنيّ كهرباء، بدأ رحلته مع هوايته المفضلة منذ شبابه عندما كان صيادا يلجأ إليه أصدقاؤه لإصلاح بنادقهم.
بعد تقاعده عن العمل ومحدودية حركته جراء إصابته في قدمه خلال الحرب الأهلية بلبنان (1975-1990)، اغتنم حمادة إجراءات الإغلاق إبان جائحة كورونا عام 2020، ليفتتح مشغلا صغيرا أمام منزله وتفرغ تماما لهوايته التي يعشقها.
يدخل حمادة كل صباح إلى المشغل المتواضع ليعمل على تصنيع البنادق والسيوف، بعشقه للتاريخ والتراث، وبمعرفته الواسعة في مجال الأسلحة القديمة التي يبحث عن النادر منها ليقوم بتقليدها للمحافظة على طريقة تصنيعها.
يهتم حمادة بتفاصيل التصنيع والتصميم الأصلي للأسلحة التي يشتغل عليها، حيث يسعى لاستعادة تقنيات الصناعة المفقودة والتي تعد جزءا من التراث الثقافي للشعوب المختلفة.
تراث جميل
تبدأ مراحل العمل عند حمادة مع الحصول على القطع التاريخية للأسلحة، فيقوم بدراسة تفاصيلها بدقة لمعرفة كيفية تصنيعها، كما يبتكر بعض الأحيان تصاميم خاصة من نظرته الفنية كونه رساما.
يشعر الداخل إلى مشغله الذي يبعد 45 كلم عن العاصمة بيروت بالإعجاب، عندما يشاهد أسلحته التراثية المعاد تصنيعها بتفاصيل جمالية دقيقة تعيد الإحساس بروح التاريخ التي تتبدى من كل سلاح في المكان.
قال حمادة لمراسل الأناضول إن هوايته في الأساس الرسم، ولكن صيانة الأسلحة القديمة اكتسبها في شبابه عندما كان صيادا، إذ كان أصدقاؤه يطلبون منه إصلاح بنادقهم دون أي مقابل.
وأشار إلى أنه عندما أصيب في الحرب الأهلية ببلده وبترت ساقه تعمقت في داخله هواية تقليد الأسلحة القديمة للمحافظة على تراث البنادق من الاندثار.
وأضاف: “في البداية بدأت أصنع البنادق للزينة لوضعها على الجدران في المنزل على شكل أنتيكة واعتدت على هذه الهواية وما زلت أواصل فيها حتى اليوم”.
وأردف: “هدفي هو إعادة احياء السلاح التراثي لأنه من دون تاريخ لا نستطيع صنع مستقبل جميل للشعوب” موضحا أن “الصناعة القديمة فيها حرفية وتحتوي على الكثير من الفن والذوق لأنها صنعت باليد”.
بنادق تركية
قال حمادة إنه لا يعيد تصنيع البنادق لاستعمالها في الصيد، ولكن أيضا ليقوم بممارسة هوايته في الرسم لتبدو القطعة بيده أكثر حداثة وتميزا.
وأوضح: “الفن رسالة وإيصال لفكرة معينة، فقد أريد من وراء نحت رجل معتقل وبيده سلاسل حديدية وسطها مفتاح على طاولة، أن أبعث عبرها رسالة تفيد الحرية التي هي مطلب آلاف المعتقلين حول العالم”.
وعن الأسعار في حال أراد شخص شراء أحد البنادق الذي يبرزها في مشغله، قال حمادة: “ليس هناك سعر محدد ولكنها تتراوح بين 100 حتى 1000 دولار”، مؤكدا أن “رسالة عملي ليست من أجل المال وإنما نشر الفن الذي أعشقه وأريد إيصاله إلى أكبر عدد من الناس بثمن أو بدونه”.
وأعرب “عاشق البنادق” عن إعجابه بالأسلحة التركية قائلا: “من أكثر البنادق التي أحبها هي البنادق التركية القديمة، فهي غنية بالفن والذوق، وهي مرغوبة جدا في العالم”.
وأشار إلى أن “تركيا اليوم من أهم الدول في صناعة الأسلحة وخاصة بنادق الصيد، وهي تصدر إلى كافة دول العالم لأن لها تاريخ عريق في صناعة الأسلحة”.
ولفت إلى أنه يحاول خلال عمله أن يطور ويبتكر في صناعة البنادق “بإدخال النحت على خشبها عبر رسومات حيوانية كالأحصنة والغزلان”.