سجل ترامب
في يناير/كانون الثاني 2017، عندما تولى الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب منصبه، ورثت إدارته ردعًا أمريكيًا مكسورًا بسبب السياسة الخارجية لسلفه الديمقراطي باراك أوباما القائمة على افتراضات رقيقة من التكيف الدولي، والتراجع المهذب، والحاجة إلى إعطاء الأولوية للإصلاحات المحلية اليسارية والأخلاق المتفوقة لليبراليين الأمريكيين حسب تعبير “ناشيونال إنترست”.
وقال الموقع إن أنصار أوباما وضعوا فيه ثقة هائلة لكن توبيخاته الأخلاقية فشلت في إقناع القوى المعادية للغرب في الخارج وبحلول العام الأخير من رئاسته كانت الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية وتنظيم داعش قد زادت من عدوانها.
إنضموا الى قناتنا على يوتيوب
ومع توليه المنصب، بدأ ترامب في تبني سياسات أمريكية أكثر تشددا في كل منطقة رئيسية في الخارج فمثلا دفعت إدارته أوروبا نحو زيادة تقاسم الأعباء بين الحلفاء وعززت وجود القوات الأمريكية على طول الحدود الشرقية لحلف شمال الأطلسي (ناتو) وانسحبت من معاهدات الحد من الأسلحة غير الملائمة مثل معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، وقتلت مقاتلين روس في سوريا، وقدمت مساعدات لأوكرانيا.
وفي الشرق الأوسط، اتبع ترامب سياسات تفوقت بوضوح على سياسات أوباما كما زاد الضغط على إيران وانسحبوا من الاتفاق النووي الذي وصفه ناشيونال إنترست بـ”غير المدروس”.
ونجح ترامب في دحر داعش وقدم الدعم للحلفاء العرب في المنطقة دون محاولة إدارة شؤونهم الداخلية وكان، بلا أدنى شك، صديقًا جيدًا جدًا لإسرائيل.
وفي شرق آسيا، أجرت إدارة ترامب إصلاحا شاملا للافتراضات الأساسية منذ نهاية الحرب الباردة فأعلنت الصين خصما كاملا للولايات المتحدة وأن عصرا جديدا من المنافسة بين القوى العظمى قد وصل وهي السياسة التي لم يعد يختلف معها حتى معارضيه الديمقراطيين.
وفي أمريكا اللاتينية، أنهت إدارة ترامب استرضاء أوباما لكوبا وأسست حملة ضغط ضد فنزويلا وبالنسبة للمكسيك وأمريكا الوسطى، وضع ترامب تأكيدًا غير مسبوق على وقف تدفق الهجرة غير الشرعية.
سجل بايدن
بدأ جو بايدن ولايته كرئيس بالتنازل عن العقوبات المفروضة على خط أنابيب نورد ستريم 2، مما سمح لألمانيا بالوصول إلى الغاز الروسي كما فشل في منع حرب أوكرانيا في 2022 وعندما بدأت لم يتمكن من تحديد مقدار الدعم الذي يريد تقديمه لأوكرانيا ولما يقرب من 3 سنوات لم يعلن أي استراتيجية واضحة لإنهاء الحرب بنجاح وفقا لـ”ناشيونال إنترست”.
وقال الموضع إن إدارة بايدن حاولت إحياء نهج أوباما الذي يركز على اتفاق نووي مع إيران لكنها فشلت حيث استخدمت طهران تخفيف العقوبات الاقتصادية لتمويل وكلاءها في شن هجمات على إسرائيل.
وعلى مدار العام الماضي، ابتعد بايدن عن أي دفاع مباشر عن إسرائيل وبشكل عام، أصبح الشرق الأوسط أكثر اضطرابا مما كان عليه خلال ولاية ترامب.
وفي أمريكا اللاتينية، تركزت أوهام إدارة بايدن على فنزويلا بدلا من كوبا حيث انتزعت كاراكاس الفوائد الاقتصادية وعقدت انتخابات وهمية كما سمح بايدن بتحول الحدود مع المكسيك إلى الكارثة المطلقة التي هي عليها اليوم لذا فإن الوعود التي قدمتها الإدارة الحالية في موسم الانتخابات حول تلك القضية قليلة ومتأخرة للغاية.
وتعد السياسة الأمريكية تجاه شرق آسيا الأقل سوءا في السياسة الخارجية لبايدن لكنها تعاني من نقص شديد في الموارد من حيث القوة العسكرية المتاحة فلم يبذل الرئيس أي جهد جاد لتعزيز الإنفاق الدفاعي الأمريكي فوق معدل التضخم.
ويلوح في الأفق احتمال غزو الصين لتايوان في حين تعتمد الولايات المتحدة بشكل خطير على الصين اقتصاديًا وتكنولوجيًا وهي أمور لم يعالجها بايدن بشكل كافٍ.
لكن الفشل الأكبر لبايدن كان قراره الانسحاب الكامل من أفغانستان دون استعداد جدي للعواقب وهو ما أرسل رسالة إلى كل من الحلفاء والأعداء مفادها أن الولايات المتحدة ضعيفة وغير موثوقة لذا جاءت حرب أوكرانيا والاعتداءات الإيرانية كأمر طبيعي.
الفقاعة الليبرالية
عند مقارنة الحزبين بشأن الأمن القومي، يرى الناخبون شيئًا لا يراه الأكاديميون ويبدو أن المشترك في جميع إخفاقات إدارة بايدن في السياسة الخارجية هو سوء فهم أساسي لكيفية عمل السياسة الدولية حقًا.
وهذه الأيام، يعد الترويج لنظام عالمي ليبرالي قائم على القواعد هو الإجابة الصحيحة لأي سؤال دولي، مهما كان معقدًا وهو ما يعتقده أعضاء رئيسيون في فريق بايدن لأنه جزء من الهواء الذي يتنفسونه داخل الفقاعة الإيديولوجية للحزب الديمقراطي.
وإذا كانت التصريحات المثيرة للقلق، والتوبيخ اللفظي، والمحاضرات العامة حول المعايير والمؤسسات الليبرالية هي الاختبار الحقيقي لنجاح الإدارة، فمن المؤكد أن بايدن-هاريس سيكونان من بين أعظم فرق الأمن القومي على الإطلاق.
لكن فيما يتعلق بالممارسة العملية، لا تتأثر الحكومات الأجنبية بهذا الجانب الأخلاقي من الدبلوماسية الأمريكية ويمكنها أن ترى أن بايدن ليس على استعداد عادة لدعمه بتدابير ملموسة.
ربما نجحت السياسة الخارجية التي انتهجها ترمب في ولايته الأولى في الممارسة العملية، ولكن هل نجحت من الناحية النظرية؟ هذا هو السؤال الذي يريد الأكاديميون الليبراليون الإجابة عليه أما الناخبون الأمريكيون فيميلون إلى أن يكونوا أكثر براجماتية.