نزوح وخوف
فقد دفعت التهديدات الإسرائيلية بمئات العائلات من الضاحية والجنوب اللبناني بطبيعة الحال إلى الابتعاد عن تلك المناطق، والذهاب نحو بلدات أكثر أماناً سواء في بيروت أو جبل لبنان وكسروان وجبيل.
وترافقت موجات النزوح مع تصاعد الأصوات المنددة بارتفاع أسعار الشقق من قبل السماسرة وأصحاب البيوت لجني الأموال بطريقة خيالية.
انقسام طائفي
غير أن الأخطر بأزمة النزوح المستجدة هذه بسبب استمرار الحرب منذ أكثر من 10 أشهر، أنها كشفت عمق الانقسام الطائفي والسياسي في المجتمع اللبناني.
حيث عبّر عدد كبير من المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن رفضهم تأجير شقق سكنية أو استقبال نازحين من الجنوب والضاحية الجنوبية، خوفاً من أن يكون من بين المستأجرين مسؤولون أو قادة ميدانيون من حزب الله، وهو ما يعرّضهم لخطر الاستهداف الإسرائيلي.
بلدية فالوغا
وبرز في الإطار، دعوة بلديّة فالوغا (جبل لبنان) سكّانها إلى عدم تأجير المنازل في البلدة إلى أيّ جهة كانت “لبنانيّة أو غير لبنانيّة”، “محليّة أو غير محليّة”، إلا بعض الاطلاع على هويّة المستأجر والتّأكد من سجله وموافقة البلديّة مسبقاً.
فيما أحدثت تلك الدعوة ضجَة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وانقسم المتابعون بين مؤيّد يرفض تعريض منطقته لخطر الاستهداف الإسرائيلي، معتبرا أن حزب الله الذي فتح جبهة “المساندة والمشاغلة”، كما يسميها خلافاً لرغبة شريحة كبيرة من اللبنانيين، لذا عليه تحمّل كلفة هذه الحرب، وبين معارض، لاسيما من بيئة حزب الله، اعتبر دعوة بلدية فالوغا طعناً لمبدأ الوحدة الوطنية في الأزمات، مشددا على أن حزب الله يخوض حرباً في الجنوب دفاعاً عن كل اللبنانيين وليس عن فئة محددة.
توصية من الأجهزة الأمنية
في حين أوضح رئيس بلدية فالوغا جوزيف أبو جوده لـ”العربية.نت والحدث.نت” “أن التعميم أتى بعد توصية تلقتها البلدية من الأجهزة الأمنية بضرورة التنبّه من تأجير شقق سكنية في البلدة قبل الاطلاع على الأوراق الثبوتية للشخص والتحقق من سجله العدلي إذا كان عليه إشارة”.
وقال “لاحظنا في الأسبوع الأخير ارتفاعاً بالطلب على شقق للإيجار من قبل مواطنين لبنانيين، لذلك أتت التوصية من الأجهزة الأمنية بضرورة التنّبه والوعي، لاسيما في ظل عدم الاستقرار الأمني الذي يُشكّل أحياناً نافذة للهاربين من العدالة”.
“حملات تجنٍّ”
كما اعتبر أن “بلدة فالوغا تعرّضت لحملات تجنٍّ من أهالي بلدات جنوبية نتيجة التعميم”، معربا عن أسفه لتفسير الأمر بغير محله.
وأكد أبو جودة “أن البلدية لم تمنع أحداً من استئجار منزل في البلدة”، قائلا “هناك أكثر من 30 وحدة سكنية تم تأجيرها منذ فترة، وبعض أصحابها من سكان بلدات جنوبية”.
إلا أنه رأى في المقابل “أن خوف اللبنانيين مبرر، خصوصاً إذا كان الشخص الذي يريد استئجار منزل لمسؤول ميداني في حزب الله، وهو ما يُعرّض منطقتهم لخطر الاستهداف الإسرائيلي”.
المناطق الواقعة تحت خط النار الإسرائيلية جنوب لبنان
“لسنا عنصريين”
وأضاف قائلا “نحن حريصون على أمن بلدتنا وعلى سكانها، ولسنا عنصريين كما يُقال، وأي شخص يرغب باستئجار شقة في البلدة وتبيّن أنه يُشكّل خطراً أمنياً سنقوم بإبلاغ الأجهزة الأمنية لتقوم بواجباتها”.
يذكر أنه منذ تفجر الحرب في قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر الماضي، دخل حزب الله أيضا على خط المواجهات. وشهد الجنوب اللبناني مناوشات وضربات شبه يومية، ما أدى إلى نزوح آلاف السكان.
كما عمدت إسرائيل إلى تنفيذ عدة اغتيالات عبر استهداف مواقع وسيارات تقل مقاتلين وقياديين في الحزب المدعوم إيرانياً، وآخرين تابعين لحماس والجماعة الإسلامية.