ودافع ايضا عن رئيس مجلس النواب نبيه بري قائلا “حين شاركت واشنطن وكل الغرب باتفاق 17 أيار الصهيوني شطبته المقاومة بالدم واستردّت لبنان، وكان وما زال الرئيس نبيه بري وحركة “أمل” والمقاومة ضمانة وجود لبنان وعنوان سيادته واستقلاله وعيشه المشترك، وتاريخ الرئيس نبيه بري باللعبة البرلمانية يساوي مصالح لبنان الوطنية تمامًا يوم كان لبنان معروضًا في البازار وعلى “عينك يا تاجر”.
اللافت للانتباه والاستغراب في آن، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، هو ان قبلان قرأ جزءا من حديث البطريرك الراعي الذي اشار فيه الى ان ثمة مخالفة دستورية في عدم توجيه بري دعوات الى جلسات انتخاب قائلا “على رئيس مجلس النواب الدعوة إلى جلسة قبل شهرين من انتهاء الولاية ولكن نحن نتميّز بمخالفة الدستور”، وهي حقيقة دستورية صائبة لا يختلف عليها اثنان، وتجاهل الجزء الثاني الذي مد فيه الراعي اليد للثنائي الشيعي ولبري وحزب الله ايضا، معلنا “الآن سيبدأ العمل وسنتكلّم مع الجميع من دون استثناء حتى مع حزب الله والحراك سيبدأ اليوم (الخميس)”.
غير ان الشق الذي لا يمكن هضمه في بيان قبلان، تتابع المصادر، هو حديثه عن “لبنان الذي يُصنع في لبنان وليس في الطائرة”. فهنا، تذكّر المصادر ان لبنان الكبير صناعةٌ مارونيةٌ “بطريركية” صرف. فقد سافر البطريرك الياس الحويك الى فرنسا عام 1920 حيث رفع لواء “لبنان الكبير” مؤسّسا الكيان الذي نعرفه اليوم، الجامع لكل ابنائه والطوائف، والموحّد غير المنقسم لا مذهبيا ولا طائفيا، وقد رفض الحويك عروضا وطروحات كثيرة لتقسيم لبنان وتصدّى لها. وفي الوثائق والمستندات التاريخية، ورد ما يلي “حاولت فرنسا عن طريق مراسلات بين بكركي وجورج بيكو إقناع البطريرك بمحاسن الإبقاء على الوحدة مع سوريا، لكن جواب البطريرك كان حازمًا بطلب الاستقلال الكامل. في الواقع كانت تلك المرحلة مرحلة تقرير مصير شعوبِ منطقة الشرق الاوسط وأوطانِها، ولكلٍّ من الاطراف المؤثِّرين مشروعه ويسعى إلى تحقيقه. وكان الامير فيصل يُمثِّل التيار العربي الاسلامي الذي يُطالِب بالوحدة السورية التي تضمّ لبنان الى سوريا معتبرًا هذا الأمر خطوة تقود نحو الوحدة العربية. وللوصول الى غايته، حاول إيقاظ الحس القومي العربي والديني الاسلامي وتحالف مع الانكليز. كما حاول ترغيب الفرنسيين وإقناعهم، وترهيب اللبنانيين وإسقاط مشروعهم من خلال دعمه ثوراتٍ وفتناً رتّبها على شكلٍ طائفي. وفي الوقت عينه، كانت الدولتان العظميان، فرنسا وانكلترا، تسعيان إلى توطيد نفوذهما على اكبر قسم ممكن من الشرق الاوسط. وللوصول الى هدفهما، حاولتا كسب ثقة الاكثرية المسلمة وإرضاءها ولو على حساب اصدقائهما. ورأت فرنسا، صديقة اللبنانيين الموارنة، أن المشروع الانسب لها وللمنطقة هو ايجاد ولايات متحدة سورية تُشكِّل في ما بينها نوعاً من الـ”كونفيديراسيون”، ولبنان إحداها. اما الحويّك، فكان متمسكاً بالمشروع اللبناني او “القضية اللبنانية”، أي إستقلال لبنان وتوسيع حدوده، ولم يقبَلْ بالمشروع العربي ولا بالمشروع الفرنسي، وشجب الاسلوب الذي اعتمده أصحابهما للوصول الى غايتهم”.
فهل يُنظّر على بكركي في مكان وزمان وكيفية صناعة الاوطان وبنائها؟ وهل يجوز لاطراف مموّلة ومسلّحة من دٌول خارجية ان تُعطي بكركي دروسا في السيادة والاستقلال؟!