الحزب «التقدمي الإشتراكي» هو المتوجس الأول من الفراغ في رئاسة الأركان المحسوب من الحصة الدرزية، وسبق ل «اللقاء الديموقراطي» ان تقدم من سنة تقريبا باقتراح تأجيل التسريح، لحرصه على انتظام عمل المؤسسات الأمنية والعسكرية، وخوفا من الوصول الى الفراغ في رئاسة الأركان والمحلس العسكري، وهذا ما يحصل اليوم مع الحديث الذي يتنامى عن رفض فريق سياسي التعيينات العسكرية ، فقائد الجيش يحال الى التقاعد في كانون الثاني ٢٠٢٤، مما سيؤدي الى الاصطدام بأزمة رئاسة الأركان التي بدأ التفاعل حولها من اليوم.
التعيينات العسكرية ستكون موضوع اشتباك سياسي مقبل، ليس بعيدا عن التجاذب الحاصل في ملف الرئاسة والعديد من الملفات، وثمة طرف سياسية معترض على التعيين، يستعمل ورقة رئاسة الأركان للضغط أيضا على رئيس حكومة تصريف الأعمال ولحسابات رئاسية، فالنائب جبران باسيل علل رفضه التعيينات العسكرية لانه لم يتمّ الوقوف على رأي وزير الدفاع، فاذا لم ينتخب رئيس وحصل فراغ في المجلس العسكري، فهناك «الأمرة والتراتيبية» ولها قواعدها وطبقت في الأمن العام، وأي محاولة للتعيين بتخطي وزير الدفاع وخلافا للدستور، هي «انقلاب عسكري حقيقي لن نسكت عليه»، برأي باسيل.
قائد الجيش جوزف عون اعتبر ان القانون واضح ولا داعي للفذلكات، فرئيس الأركان يستلم مهام القائد في حال غيابه، ولا أحد يحل محل القائد الا رئيس الاركان.
موقف حزب الله من الشغور في حاكمية المصرف المركزي، ورفضه قيام حكومة تصريف الأعمال بتعيين حاكم، واصطفاف الحزب الى جانب المسيحيين، لا يسري على المجلس العسكري، ففي الحاكمية يمكن لنواب الحاكم استلام المهام والصلاحيات او لنائبه وسيم منصوري، إنما في قيادة الجيش وفي ظل غياب رئيس الأركان الدرزي فإن الوضع يبدو معقدا، فمقاربة انتهاء ولاية سلامة لا تشبه انتهاء ولاية قائد الجيش العماد جوزف عون. من هنا قد يمضي الحزب بالموافقة على تعيين رئيس للأركان.
طروحات مختلفة لملء الفراغ الذي يرشح ان يتمدد الى المجلس العسكري، في ضوء شغور رئاسة الأركان بعد تقاعد اللواء أمين العرم، وفي ظل الخلافات التي لم تعد خافية بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش جوزف عون حولها، مما يضع المؤسسة في دائرة الفراغ في المستقبل، ما لم تحل الإشكاليات. مع العلم ان الاختلاف باق حول الطروحات والحلول، فرئيس «التيار الوطني الحر» يفضل ان تنتقل القيادة الى الأعلى رتبة في في المجلس العسكري اللواء بيار بو صعب، فيما يرى فريق آخر ان الحل بإسناد المهمة الى الضابط الأعلى رتبة بين مساعدي رئيس الأركان العميد الركن زياد هيكل.
الانقسام بات كبيرا بين فريقين: الاول يعتبر ان ملف قيادة الجيش ليس موضوع الساعة، فولاية العماد جوزف عون تنتهي بعد ستة أشهر، والى ذلك الموعد يمكن ان يصار الى انتخاب رئيس للجمهورية. وفي ظل العوائق التي يثيرها عدد من السياسيين برفض قيام حكومة تصريف الأعمال بالتعيين سواء لمنصب رئيس أركان او قائد جيش، فيما يضغط فريق آخر لملء الشغور في المجلس العسكري، من منطلق ان الفراغ الأمني خطير جدا في بلد مهدد بالاعتداءات والخروقات «الإسرائيلية» في اي وقت، ويرزح تحت وطأة أزمات مالية واقتصادي. فالفراغ في قيادة الجيش لا يشبه الفراغ في مديرية الامن العام او الحاكمية، للجيش دوره المركزي في حفظ الأمن وحدود الوطن.