الداعي إلى هذا السؤال أنّ الهدنة الإنسانية لأربعة أيام وبدء عملية تبادل الأسرى، وسعي الدول الراعية للهدنة، الولايات المتحدة الأميركية ومصر وقطر، لتحويلها إلى هدنة دائمة، يتيح توقُّع أنّ الملفات التي كانت مطروحة قبل السابع من تشرين الأول، ستعود إلى الواجهة، مع شيء من التعديل بسبب المعطيات التي استجدّت في جنوب لبنان خصوصاً.
أبرز الملفات التي ستعود إلى الواجهة ملف انتخابات رئاسة الجمهورية الذي يبدو أنه سيتحرّك مع وصول الموفد الشخصي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جان إيف لودريان، إلى بيروت لإعادة إنعاش هذا الملف، سيُمضي لودريان يومين في بيروت ثم يرفع تقريره إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعدما كان تحرَّك ضمناً من خلال حركة قطرية بقيت بعيدة من الأضواء.
هل تحرَّك الملف الرئاسي منذ الزيارة الأخيرة للودريان إلى بيروت قبل بدء الحرب على غزّة؟ هل مسار هذه الحرب يمكن أن يكون قد أدخل معطيات جديدة على الملف؟ يقول قيادي مسيحي بارز، في هذا الملف، إنّ هامش المناورة بات ضيّقاً جداً، وما كان مطروحاً قبل السابع من تشرين الأول الفائت، تراجع كثيراً إلى درجة أنّ إعادة طرحه، كما هو، لم يعد ممكناً. يُسأل عن حظوظ مرشح الثنائي «حزب الله» وحركة «أمل»، رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية، فيأتي الجواب: «معدومة». يُطرَح سؤال عن «حزب الله» عمّا بعد الثمانية والأربعين يوماً من الحرب، فيَعتبر أنّ «الحزب» تراجع كثيراً في حرب الأيام التسعة والأربعين، فبين مقارنة ما كان يطرح، وبين النتائج، يبدو الفرق واسعاً، ويعطي الكثير من الأمثلة على ذلك، فـ»حزب الله» مني بخسائر بشرية هائلة بلغت 86 مقاتلاً، منهم من قوات النخبة، ولا تنفع المكابرة في هذا المجال، والقول إنّ «الحزب» لم يخسر شيئاً، كما أن «البيئة الحاضنة» لم تكن على قَدْر تطلعات «الحزب» لأنّ الكثير من العائلات التي يُفتَرض أن تشكِّل نسيج البيئة الحاضنة، نزحت من الجنوب إلى مناطق آمنة في الشوف وعاليه والمتن الشمالي وكسروان وجبيل، ليستخلِص: «كيف سيُقنِع اللبنانيين بالحرب، فيما بيئته الحاضنة غير مقتنعة؟».
القيادي يتطرّق إلى وضع المسيحيين فيخالف الانطباع بأن المسيحيين في تراجع، معدِّداً بعض الأمثلة، ومن أبرزها منع وصول مرشح الممانعة إلى سدّة الرئاسة، كما منع خطة تعيين قائد جديد للجيش في ظل الشغور الرئاسي.
خلال الحرب الأخيرة، أُعطيت الملفات الداخلية «هدنة قسرية»، في هدنة الحرب، هل تفتَح مجدداً «حرب الملفات الداخلية»؟ يبدو أنّ الأمر كذلك، وملف رئاسة الجمهورية قد يوضَع على نار حامية، وربما يستفيد من الدفع الديبلوماسي القطري الذي أعطي صدقية عالية من خلال الدور المحوري في التوصل إلى هدنة غزّة وتبادل الأسرى.