صدى الارز

مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

بعد ما جرى.. هل يستطيع حزب الله إعادة إنتاج “7 آيار”؟

بقلم : أسرار شباؤو - واقع جديد يعيشه حزب الله عقب الهزيمة القاسية التي مني بها في حربه الأخيرة مع إسرائيل، تلك التي قضت على معظم قيادييه.

نسفت وقائع الأسابيع الأخيرة كل محاولات الحزب لتسويق “نصر” غير واقعي.

وقُطع شريان إمداداته العسكرية والمالية من إيران عبر سوريا نتيجة سقوط نظام بشار الأسد، وانعكس هذا الواقع بشكل واضح على سلوكه وسلوك أنصاره، عبر تصعيد التهديدات ضد إسرائيل واللبنانيين على حد سواء.

في هذا السياق، انطلقت حملة إلكترونية واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي، شملت تهديدات صريحة لمعارضي حزب الله ومنتقديه، وصولاً إلى التلويح بإعادة سيناريو أحداث “7 أيار” الدامية في بيروت عام 2008.

وتصاعدت لهجة التهديد، عبر إعلاميين وسياسيين محسوبين على الحزب، توعدوا اللبنانيين بـ”التأديب”.

وبلغ التصعيد ذروته مع ظهور مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب، وفيق صفا، الأحد، من موقع اغتيال أمين عام الحزب السابق، حسن نصر الله، مهدداً المعارضين بقوله “ما بقى حدا يجرّبنا، أيّ سلوك يمسّ بنا لن نقبل به”.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

في ظل هذا الواقع، بدا أن حزب الله وأنصاره غير قادرين على تقبل التغيرات التي تشير إلى تراجع نفوذ الحزب وقوته، خاصة بعد توقيع لبنان اتفاق هدنة مع إسرائيل، وصفه مراقبون بأنه بمثابة “إعلان استسلام”، ومن أبرز بنوده انسحاب مسلحي الحزب من جنوب نهر الليطاني، وتسليم أسلحتهم.

هذا التحول غير المسبوق في تاريخ الحزب ترافق مع إجراءات اعتبرت “غير مألوفة”، مثل تفتيش الطائرات الإيرانية في مطار رفيق الحريري الدولي، وتفتيش الحقائب الدبلوماسية، واستدعاء صحفيات وناشطات مقربات من الحزب للتحقيق معهن بسبب منشورات وصفت بالتحريضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

تطرح هذه التطورات تساؤلات بشأن خيارات حزب الله في المرحلة المقبلة. هل قد يلجأ إلى الهروب إلى الأمام بإشعال صراع داخلي جديد لتعويض خسائره مع إسرائيل؟ وهل الأوضاع في لبنان مهيأة لعودة سيناريوهات العنف الداخلي التي شهدتها البلاد في السابق؟

تهديدات تتخطى الهزيمة

الحملات التي تشن ضد معارضي حزب الله “تتجاوز بكثير الرد على الضربة القاسية الأخيرة التي تلقاها الحزب من إسرائيل”، كما يرى الكاتب والمحلل السياسي إلياس الزغبي، مشيراً إلى أن “السبب الأعمق لهذه الحملات يكمن في الواقع الصعب الذي يعيشه المشروع الإيراني في المنطقة”.

ويوضح الزغبي في حديث لموقع “الحرة” قائلاً “إيران تخسر ساحات نفوذها واحدة تلو الأخرى، إذ خرجت بيروت ودمشق من دائرة السيطرة الإيرانية المباشرة، وهناك مؤشرات على أن هذا الانحسار سيمتد إلى بغداد وصنعاء، لا بل سيصل إلى طهران نفسها، وما نشهده اليوم محاولة إيرانية لإعادة إنعاش نفوذها المنهار، من خلال ذراعها في لبنان، أي حزب الله”.

وبحسب الزغبي، قد يشهد اللبنانيون قريباً تصعيداً أكبر من حزب الله ضد معارضيه في الداخل اللبناني سواء في خطابات مسؤوليه أو عبر جيشه الإلكتروني الذي يهدد كل من يقف في وجه الحزب، مع التلويح بإعادة إنتاج ما وصفه سابقاً بـ’اليوم المجيد‘، أي اجتياح بيروت في 7 أيار 2008 ومن ثم الجبل، وهو الحدث الذي شكل نقطة تحول في هيمنة الحزب على القرار السيادي للدولة اللبنانية”.

الزغبي لفت أيضاً إلى أن حزب الله لا يواجه معارضة فقط من خصومه التقليديين، بل أيضاً من داخل بيئته الشيعية، ويوضح أن “هناك تصعيداً في استهداف الناشطين الأحرار من الطائفة الشيعية، سواء عبر القضاء أو عبر الضغوط السياسية والأمنية، وما نشهده هو محاولة يائسة من الحزب لإحكام قبضته على ساحته الداخلية قبل الانتقال إلى مواجهة باقي الساحات اللبنانية”.

ويرى أن “حزب الله يسعى حالياً إلى إعادة توجيه قوته المسلحة نحو الداخل اللبناني، بعد موافقته الصريحة على نزع سلاحه جنوب الليطاني واعترافه الضمني بعدم مواجهة إسرائيل، فهذه الخطوة، قد تؤدي إلى تركيز نشاطه المسلح شمال الليطاني وفي باقي المناطق اللبنانية التي لا يزال يحتفظ فيها بحضور عسكري، بهدف إشعال توترات داخلية”.

هذا التحرك ليس معزولاً عن الأجندة الإيرانية الأكبر، كما يرى الزغبي، “التي تسعى إلى تعزيز موقعها التفاوضي مع الولايات المتحدة، سواء فيما يتعلق بالعقوبات أو الملف النووي، ويقول “لبنان اليوم هو إحدى الساحات التي تراهن عليها إيران لتحسين شروطها الإقليمية”.

من جانبه يعتبر عضو مبادرة “نحو الإنقاذ”، الصحفي محمد بركات، أن الحملات التهديدية ضد معارضي حزب الله “معيبة”، مشدداً على أن “معارك الحزب يجب أن توجّه نحو تحرير القرى الحدودية المحتلة، لا ضد اللبنانيين أنفسهم”.

ويقول “من يتحدث عن 7 أيار اليوم لا يدرك أنه يعيد فتح جرح طائفي مذهبي لا يزال يؤلم المجتمع اللبناني”.

ويشير بركات في حديث لموقع “الحرة” إلى أن 7 أيار ليس مجرد ذكرى، بل “رمز لجراح مذهبية بين السنة والشيعة”، داعياً إلى “إغلاق هذا الملف مع إغلاق الحروب الطائفية في المنطقة، خاصة في سوريا والعراق واليمن”.

ويؤكد أن “بقاء لبنان ساحة مفتوحة للصراعات الداخلية يخدم المشروع الصهيوني الذي يسعى إلى تحويل المنطقة إلى دويلات مذهبية متناحرة، بدلاً من دول وطنية تحكمها القوانين والمؤسسات”.

تصعيد أم تهويل؟

“لو كان باستطاعة حزب الله تكرار 7 أيار لما تردّد ولما تأخّر”، وفق ما تؤكده عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائبة غادة أيوب.

وتشدد على أن الحزب “عاجز عن ذلك بسبب الحرب الأخيرة التي اضطرته إلى توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار يتيح لإسرائيل مواصلة استهدافه، وبسبب خساراته غير المسبوقة في تاريخه على مستوى بناه العسكرية والقيادية والبشرية والمجتمعية”.

وأيضا بسبب، وهنا الأهم، “خسارة عمقه السوري-الإيراني، فأصبح مطوقاً من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو ورئيس الإدارة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع”.

ولذلك تشدد أيوب في حديث لموقع “الحرة” على أنه “لا 7 أيار ولا من يحزنون، إنما تهديد برفع الصوت في محاولة لإخافة النفوس الضعيفة في الدولة من ممارسة دورها بتطبيق الدستور والقوانين”.

وتعد أحداث 7 ايار، الأكثر عنفاً وخطورة منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990.

وقد نفذها مسلحون تابعون لحزب الله وحركة أمل والحزب السوري القومي الاجتماعي، عقب صدور قرارين من مجلس الوزراء اللبناني بمصادرة شبكة الاتصالات التابعة لسلاح الإشارة الخاص بحزب الله وإقالة قائد جهاز أمن مطار رفيق الحريري بيروت الدولي العميد وفيق شقير، إثر معلومات وصلت عن وضع الحزب لكاميرات مراقبة على المدرج في المطار، وتمدد شبكة اتصالات حزب الله إلى خارج مناطق سيطرته.

واعتبر حزب الله أن هذه القرارات تمثل تجاوزاً للبيان الوزاري الذي يعترف بـ “المقاومة” كأحد بنوده، وكان الحزب يرى في الحكومة آنذاك حكومة غير شرعية بعد انسحاب الوزراء الشيعة منها.

وخلال هذه الأحداث، اجتاحت مجموعات ملثمة ومسلحة شوارع بيروت، وقامت بأعمال عنف وتهديد وترهيب للسكان، مما أسفر عن مقتل نحو 71 شخصاً، فضلاً عن دمار كبير في الممتلكات.

لا يرى بركات أن لحزب الله مصلحة في الحملة ضد معارضيه.

ويقول “حزب الله يدرك أن الفتنة المذهبية التي يمثلها 7 أيار قد تقضي على آخر معاقل وجوده السياسي في لبنان، خاصة بعد ما تعرضت له الطائفة الشيعية من إبادة اجتماعية واقتصادية خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل.”

ويشدد على أن “أي حرب أهلية جديدة ستكون كارثية، إذ إن إسرائيل ستكون المستفيد الأول منها، وربما توقف حربها على حزب الله، لأنها تدرك أن الحرب الداخلية ستنهي الحزب والمتورطين بها”.

ويعتبر أن “أي قوة في لبنان يجب أن تستثمر لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، لا لتدمير الداخل اللبناني. فإشعال حرب أهلية جديدة يعني تقديم خدمة مجانية لإسرائيل”.

وفي السياق، أشار عدد من معارضي الحزب الله عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى أنه “لو كان الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، مستمراً في تهديداته، لما تجرأ قياديو الحزب على الظهور بهذا الشكل”.

كما تساءل البعض عن مصير أنصار الحزب في حال اندلاع الحرب مجدداً، مشيرين إلى أن “التهديدات الموجهة ضد بقية اللبنانيين قد تحول دون استقبالهم مجدداً في المناطق غير المحسوبة على الحزب إذا اشتعلت المواجهات مع إسرائيل”.

خطر فعلي؟

قبل موعد الجلسة الرئاسية، الخميس المقبل 9 يناير، أكد صفا ألا فيتو لدى حزب الله على قائد الجيش العماد جوزيف عون لرئاسة الجمهورية، والفيتو الوحيد على رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “لأنه مشروع فتنة وحرب”.

أيوب ردت على صفا عبر تغريدة عبر صفحتها على منصة “إكس” دعته من خلالها إلى أن “يتأدب”.

من جانبه، يحذّر الزغبي من محاولة حزب الله فرض رئيس موالٍ لإيران، ويؤكد أن هذا السيناريو “يشكل امتداداً لسياسة الحزب في إعادة إنتاج سلطة خاضعة بالكامل لهيمنته، كما فعل لسنوات طويلة”.

المطلوب اليوم، وفق الزغبي “تحرك لبناني داخلي بالتعاون مع المجتمع الدولي والعربي لإنقاذ المؤسسات، بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية قادر على مواجهة هيمنة الحزب واستعادة السيادة”.

يذكر أن حزب الله هو الحزب الوحيد الذي احتفظ بسلاحه بعد الحرب الأهلية (1975 – 1990)، تحت ذريعة “مقاومة إسرائيل”، وبعد موافقته على الانسحاب من جنوب الليطاني، ترتفع الأصوات في الداخل اللبناني المطالبة بتسليم سلاحه، حيث يعتبر معارضيه أنه يستخدمه لفرض نفوذه والتحكم في مجريات الحياة السياسية اللبنانية.

وعن جاهزية الجيش اللبناني لضبط الأوضاع في حال قرر الحزب اشعال فتنة داخلية، يقول “الجيش اللبناني يعمل تدريجياً على استعادة سلطته الشرعية، بدءاً من جنوب نهر الليطاني وامتداداً إلى شماله، مستفيداً من دعم ورعاية دولية. يستند الجيش إلى اتفاق وقف إطلاق النار ويعمل على تنفيذ بنوده، بما في ذلك منع السلاح غير الشرعي”.

ويشرح “لقد بدأ بالفعل بمعالجة ملف المعسكرات الفلسطينية خارج المخيمات، ويتوسع تدريجياً لمعالجة أوضاع المخيمات نفسها، إضافة إلى الترسانات والمعسكرات التي لا يزال حزب الله يحتفظ بها”.

ويضيف: “في حال حاول حزب الله التصدي لجهود الجيش اللبناني، فإن الوضع قد يتجاوز النطاق اللبناني، ونصبح أمام مسؤولية دولية مباشرة مع خطر عودة إسرائيل إلى استكمال ما كانت قد بدأته وفعلته في خلال حرب الـ 66 يوماً”.

ويحذر الزغبي من أن “لبنان يواجه خطر الانزلاق إلى فوضى أمنية ما لم يتم اتخاذ خطوات جادة لاستعادة الدولة من قبضة حزب الله”، داعياً إلى تعميم تجربة ضبط التهريب الناجحة في مطار بيروت على جميع المرافق الحدودية، والعمل على إعادة بناء المؤسسات بما يعزز السيادة ويمنع البلاد من السقوط مجدداً في قبضة مشروع إيران الإقليمي.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading