فاللوحات الغنائية التي يقدمها «الفرسان الأربعة» يشتمّ الناس منها رائحة مدرسة عريقة بالفن، لا تشبه غيرها من حيث خطوطها ونمطها الموسيقي، لأنها تملك محتوى يترك عند سامعها أثره الكبير. فعندما تصدح أصوات المغنين الأربعة؛ نادر خوري، وسيمون عبيد، وإيلي خياط، وجيلبير جلخ، تؤلف خلطة فنية لبنانية بامتياز.
وفي 9 مارس (آذار) الحالي، يقيم «الفرسان الأربعة» أول حفل لهم بعد غياب. المكان هو «كازينو لبنان» الذي فتح لهم أبوابه على مصاريعها كي يطلقوا منه عودتهم المنتظرة.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» مع أحد أعضاء هذا الفريق؛ نادر خوري، كشف عن أن الحفل ليس بمثابة ولادة جديدة، وعدّه عملية تجدد بعد قيام الفريق بقراءة فنية لمشواره. ويتابع: «لم نعد من الصفر، بل نحن نكمل ما بدأنا به».
الأخطاء التي يتحدث عنها خوري يشير فيها إلى أمور كثيرة، ويحدّد أحدها بنوعية أغانٍ اتبعوها ورفضوا الالتفات إلى غيرها. ويعلق: «هي ليست أخطاء بقدر ما كانت رفض الانجراف إلى نمط غنائي معين. ومن هذا المنطلق سننكبّ اليوم على تعزيز الأغنية الرومانسية أكثر من غيرها. كما سنركز على الأغنية الشعبية ونخفف من تلك الانتقادية التي اعتمدناها في الماضي. فهي كانت بشكل عام تدور حول موضوعات سياسية واجتماعية. لقد حكينا خلال تلك المرحلة عن كل همومنا وأوجاعنا. وحان الوقت اليوم لنقلب الصفحة كي لا نكرر أنفسنا. وفي حفل (كازينو لبنان) سنقدم ثلاث أغنيات عاطفية للأستاذ غدي الرحباني. فنحن اليوم نميل أكثر إلى ملامسة مشاعر الناس عن قرب».
مرّ الفريق بطلعات ونزلات عدة. ويتحدث نادر خوري عمّا استخلصه من هذه الغيبة: «الفترة التي غبنا فيها عن الساحة لاحظنا مدى تدهور الفن بشكل عام. فالاستسهال كان نجمها، وصار بإمكان أي شخص عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن يغني. وهذه الإنتاجات الـ(تيكتوكية) ولّدت فوضى عارمة. وراح كل يغني على ليلاه، غير آبه بشريحة من الناس تحب الأصالة. ولعل ما أفرزته تلك الوسائل من نسب مشاهدة عالية خربطت قواعد الغناء التي تربينا عليها. وعززت بالتالي فكرة أن المراهقين يريدونها».
في رأي خوري أن فنانين من الصف الأول انجرفوا مع هذه الموجة، وراحوا يبحثون عمّا يريده جيل الشباب.
يقول نادر خوري: «إن فترة 4 سنوات من الغياب جاءت نتيجة أوضاع اجتماعية وانتشار جائحة (كورونا)، وأزمات اقتصادية وغيرها. وهو ما أدى إلى شلل تام للساحة يقابله تعامل سلبي من قبل المنتجين مع المغنين». وأضاف: «لقد صاروا يزدرون المغني الجيد في تلك الفترة، ويعرضون عليه مبالغ مالية زهيدة. كل ذلك صعّب علينا العودة. فانتظرنا الوقت المناسب للقيام بهذه الخطوة».
يقول خوري إن ما مرّ به الفريق من افتراق وانفصال وعودة كان بديهياً. راح كل واحد منهم يبحث عن مورد رزق يعتاش منه. فلا خلافات سببت فراقهم.
يصف نادر خوري حاله اليوم، ويقول: «صرت أكثر نضجاً، وهو ما يخولني التمتع بالإدراك والوعي».
حتى غدي الرحباني قرر تحريك عجلة إنتاجاته مع هذا الفريق بإيقاع مختلف. «إنه يحضّر لعمل فني ضخم شبه استعراضي سيشكّل مفاجأة للناس. ويمكنني القول إنه سيكون مرصعاً بأعمال للأخوين الرحباني تُقدم لأول مرة. ولم يسبق أن سمعها الناس من قبل. وفي النهاية نحن أبناء مدرسة الرحابنة. ولا يمكننا أن نخلع هذه العباءة عنّا، وإلا نكون كمّن ينسلخ عن أرضه».