هل تستطيع إيران الاستمرار في الاستراتيجية التي اعتمدتها منذ تسعينيات القرن الماضي في المنطقة، بعد قصقصة ذيولها في كل من ولبنان وسوريا؟
سؤال يشغل بال المراقبين منذ إجهاز إسرائيل على حزب في لبنان قبل عدة أشهر وفرار بشار الأسد من سوريا، وفي ضوء تقارير عن خطط لمواجهة حاسمة مع الحوثيين في اليمن، وبوادر حراك دبلوماسي عالي المستوى لإنهاء وجود المليشيات في العراق.
يستمد السؤال المطروح أهميته من الحاجة لترسيخ أسس حكم القانون والسيادة في الدول التي عملت إيران وأذرعها المسلحة باستمرار على زعزتها.
لكن، رغم الضربات التي تلقتها الجماعات الموالية لإيران مؤخرا، هل تحقيق الخلاص من هيمنتها مهمة يسيرة؟
“في صميم استراتيجية إيران بالوكالة شبكة متطورة للغاية ومنسقة بشكل معقد من الميليشيات وعملاء الاستخبارات والمنظمات المسلحة. تعمل تحت ستار الدين والقومية والعدالة الاجتماعية، وتنفذ أجندات سرية تهدف إلى تعزيز سياسة إيران” في المنطقة، يؤكد الكاتب الأميركي – العراقي ألبيرت هادي في كتابه “جنود الظل” الصادر في نوفمبر.
يلفت الكاتب إلى “أن نفوذهم (الميليشات) يتجاوز الحدود الإقليمية، ويمتد إلى الولايات المتحدة وأوروبا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، مما يعزز دور إيران كتهديد عالمي”.
“وكلاء إيران متورطون بشكل كبير في الإرهاب الذي ترعاه الدولة، وتهريب الأسلحة، والتجسس، وغسيل الأموال، وهو ما يؤدي إلى تآكل الاستقرار الدولي بشكل منهجي”، يضيف الكاتب.
يوضح “جنود الظل” أن إيران دأبت على استخدام وكلائها لـ”تحدي نماذج الأمن التقليدية وتعطيل توازن القوى بالإضافة إلى التركيز على التكتيكات العملياتية،” لإشعال فتيل حروب الوكالة لزعزعة الاستقرار العالمي.
يشير الكتاب إلى استغلال الدين بمهارة واستخدام تقنيات التلقين لتجنيد الأتباع، وأغلبهم من الطبقات الفقيرة غير المتعلمة بما يعزز الولاء والالتزام الأعمى بأجندتها.
وتلاعبت إيران بالسردية الدينية لوضع إطار أيديولوجي يصور فيه المرشد الأعلى كسلطة عليا موجهة إلهيا، مما خلق رابطة غير قابلة للكسر بين النظام ووكلائه.
وكيفت أيضا مفهوم “العدو”، ليناسب سياقات محددة الأهداف في أجندتها، من خلال استغلال المخاوف والثغرات والمظالم التي تعاني منها مجتمعات في دول المنطقة.
هذا النهج مكن إيران خلال العقود الماضية من تأمين ولاء الجماعات الموالية مقابل وعود بتوفير الدعم والحماية.
يخلص كتاب “جنود الظل” إلى أن مسار الأحداث يشي بقرب نهاية الهيمنة الإيرانية وسقوط سرديتها في الشرق الأوسط.
انحسر الظل، وانكشف الوكلاء. وليس ثمة مساحة للاختباء. الواقع يشير إلى أن هناك مسارا سياسيا عالميا نحو تصفية ما سعت ايران إلى تحقيقه في العقود الماضية.
يعلن كتاب “جنود الظل” أن نهاية المرحلة الإيرانية وشيكة. فبعد ضرب حزب الله في سوريا، وفرار الأسد من سوريا سوريا، يبدو أن إيران أدركت أن نهايتها قريبة لهذا تبدي الآن “مرونة” غير مسبوقة بشأن وضع وكلائها في العراق. وبالنسبة للحوثيين في اليمن، القادم قد يحمل مفاجآت كثيرة.