قبل بضعة أيام من الوصول المرتقب للموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، توصلت المعارضة النيابية اللبنانية، أو كادت، إلى تعطيل الحوار «سباعي الأيام» الذي طرحه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، كمقدمة لجلسات انتخاب رئاسية متتالية ومتتابعة.
لكن الرئيس بري ما زال يأمل بانعقاد هذه التجربة الحوارية الجديدة، متمنيا ان نحتفل جميعا بالرئيس الجديد قبل نهاية شهر سبتمبر، كما سبق ان وعد، وننصرف بالتالي إلى إعادة الانتظام إلى حياتنا السياسية.
ونقلت جريدة «الجمهورية» عن بري ان «الحوار السباعي الأيام» سيكون من خلال جلستين: نهارية ومسائية، وجدول أعمال محصور ببند وحيد هو رئاسة الجمهورية، لافتا إلى وجود بلوكين في مجلس النواب: بلوك يقول بالحوار ثم انتخاب الرئيس، وآخر يقول بانتخاب الرئيس ومن ثم الحوار، وجاء «حوار الأيام السبعة» فإذا اتفقنا على مرشح واحد ذلك أمر عظيم وإن لم نتمكن من ذلك نتفق على مرشحين أو اكثر وننزل مباشرة إلى مجلس النواب لننتخب رئيس الجمهورية.
وأكد بري انه «مهما كانت نتيجة هذا الحوار فسأنزل إلى البرلمان لعقد جلسات متتالية حتى انتخاب رئيس، وما أراه واجبا على الجميع هو انتخاب رئيس قبل نهاية هذا الشهر». لكن أكبر كتلة نيابية مسيحية، وهي كتلة «الجمهورية القوية» عن القوات اللبنانية، ومعها كتلة نواب «الكتائب» وكتلة «تجدد» وعدد من المستقلين والمنفردين انزلوا الحرم على الحوار الذي دعا إليه بري.
رئيس «القوات اللبنانية» د.سمير جعجع وصف فريق «الممانعة» في خطاب ذكرى «شهداء المقاومة اللبنانية» بالفريق «الإجرامي بامتياز»، رافضا أي حوار مع الطرف الآخر، داعيا إياه لفتح أبواب مجلس النواب وأن يبدأ فورا بانتخاب رئيس في جلسات مفتوحة.
وظهرت ردود فعل كثيرة على كلام جعجع ما أوجب السؤال عما إذا كان ما يعانيه اللبنانيون أزمة رئاسة أم أزمة نظام ووجود؟
ولم يكن النائب سامي الجميل، رئيس حزب «الكتائب»، أقل تصلبا، حيث أكد في حديث لقناة «الجديد» ان حزب الله يقود انقلابا من خلال فرض رئيس ووضع اليد على البلد، وقال: أنا اليوم لست مستعدا كمواطن لبناني لمتابعة هذا العيش في بلد محكوم بقوة السلاح بوجود سلاحين وميليشيا مسلحة ترفع السلاح على اللبنانيين المسالمين، متهما حزب الله بالاغتيالات، معتبرا اننا اليوم «في وضع الرهينة ونتعرض لعملية انقلاب، فإما ان نقف بوجه هذا الانقلاب، وإما سنتابع المسار الراهن حيث يريدون فرض رئيس للجمهورية على اللبنانيين».
وحول دعوه بري للحوار، لفت إلى أنها جاءت من أجل فرض رئيس على فريق المعارضة، متسائلا عما إذا كان رئيس المجلس هو من يقرر الجلسات المتتالية.
وخلافا لما يأمله الرئيس بري، فقد رأى الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ان الأزمة السياسية في لبنان ستكون طويلة الأمد. وسئل عن فرصة قائد الجيش العماد جوزاف عون في الوصول إلى الرئاسة فأجاب: جبران باسيل لا يريده وليس أنا. والراهن انه على الصعيد الرئاسي المراوحة مستمرة انسجاما مع الاتجاه الأميركي إلى دعم الاستقرار الآن، تفعيلا للوساطة التي يقودها عاموس هوكشتاين لتثبيت الحدود البرية جنوبا برغبة لبنانية لإخراج إسرائيل من المناطق اللبنانية الجنوبية التي ما زالت محتلة، خصوصا في مزارع شبعا وتلال كفر شوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر.
ولكن إلى متى تستمر هذه المراوحة؟
مصدر معني أبلغ «الأنباء» قوله: عندما ندرك أن الرئاسة اللبنانية هي فعل قرار المصالح الدولية أولا وقبل كل شيء، لا نستغرب استحالة انتخاب رئيس، لا في سبتمبر ولا في يناير، وربما طال المطال حتى انتخاب مجلس نيابي جديد، بعد سنتين يكون اكثر توازنا مع هذه المصالح، ويستطيع إنتاج الرئيس المناسب لتلك المصالح، وفي طليعة شروطها، غير المعلنة، التطبيع مع إسرائيل.
وبحال الانتقال الى مرحلة الاسم الثالث الوسطي تشير مصادر الى ان اسم النائب فريد هيكل الخازن عاد الى التقدم كحل وسط بين المحورين نظرا لقربه من بكركي وامكانية تواصله مع الطرفين.
والراهن ان ملحم البستاني هو الوحيد الذي أعلن ترشحه في مؤتمر صحافي، وعرض برنامجه الرئاسي الذي ليس مطلوبا منه أساسا، ثم غاب عن المسرح. أما الباقون من سليمان فرنجية إلى جهاد أزعور وقبلهما ميشال معوض، وكذلك قائد الجيش العماد جوزاف عون، فلم يعلن أحدهم ترشحه رسميا، وبقيت مسألة الترشيح على همة الكتل النيابية النافذة معطوفة على الظروف.