تشهد الساحة الداخلية اللبنانية تبريدا سياسيا يتوقع أن يستمر إلى ما بعد عطلة عيد الفطر منتصف أبريل المقبل، في ضوء مغادرة المهتمين بالملف اللبناني من سفراء المجموعة الخماسية إلى بلدانهم، لتمضية النصف الثاني من شهر رمضان المبارك. تبريد سياسي يجمع فيه الفرقاء على توفير الظروف لالتقاط أول فرصة ممكنة لتمرير استحقاقات مؤجلة في المشهد السياسي الداخلي اللبناني، في طليعتها ملء الشغور الرئاسي الذي لم ينجز في موعده المفترض في 31 أكتوبر 2022.
من هنا، يوجد من يعكف على التحضير بعناية لإنجاز ملفات عدة، بينها في البيت الداخلي المسيحي عبر وثيقة بكركي المنتظرة، التي يتوقع أن تقارب الاستحقاق الرئاسي وملفات عدة تتصل بالشراكة الوطنية وإعادة العمل إلى مؤسسات الدولة اللبنانية واستعادة الأخيرة قرارها كاملا في مسائل سيادية، بينها حصرية السلاح وامتلاك قرار الحرب والسلم.
ولفت ما قاله النائب السابق نبيل نقولا، في بيان: «يوم بعد يوم تتوضح صورة المستقبل للبنان الغد حيث يفقد المسيحيون دورهم في إدارة الوطن ويظهر للجميع أن لبنان في استطاعته أن يعيش من دون الدور المسيحي الماروني بالتحديد. والوطن في استطاعته أن يسير برئاسة الحكومة ورئاسة مجلس النواب. أما رئاسة الجمهورية فهي لزوم ما لا يلزم وأنتم المسيحيون والموارنة بالذات أصبح دوركم هامشيا، وأنتم في احسن الأحوال أهل ذمة». وفي التحركات الخارجية باتجاه لبنان هذا الأسبوع، زيارة رئيسة الوزراء الايطالية جورجيا ميلوني إلى بيروت غدا.
ويتضمن جدول الزيارة اجتماعا مع رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، ولقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وفي اليوم التالي، ستتفقد ميلوني الوحدات العسكرية الإيطالية العاملة في قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام «اليونيفيل» في جنوب لبنان.
والراهن أن التبريد السياسي لا ينعكس بالضرورة على المواجهات الميدانية المستمرة مند الثامن من أكتوبر الماضي بين إسرائيل و«حزب الله»، والذي يمتد من الجنوب إلى البقاع، بغارات من الطيران الحربي والمسيرات، على ما تشير اليه إسرائيل انه استهداف لمواقع ومنشآت عسكرية وتعقب لمقاومين، وقطع طرق التموين عنهم، كما جاء في بيان عن استهداف مسيرة لسيارة في بلدة الصويري بالبقاع الغربي قرب نقطة المصنع الحدودية مع سورية، بزعم أنها كانت تنقل تموينا إلى رجال المقاومة في مزارع شبعا. ولم يبدل ذلك من مشهد المواجهة المفتوحة بين إسرائيل والحزب، خصوصا في رد الأخير على الاعتداءات الإسرائيلية بضربات على أهداف عسكرية وصولا إلى مواقع في الجولان المحتل.
وقد أغار الطيران الإسرائيلي على منزل في الأطراف الغربية لبلدة ميس الجبل، ونعى «حزب الله» أحد عناصره من بلدة شحور في جنوب لبنان.
إلى ذلك، قال بيان صادر عن «لقاء الأحزاب والقوى الوطنية والقومية والفصائل الفلسطينية» الذي ضم حلفاء «حزب الله» اللبنانيين، بعد اجتماعه الدوري في مقر «الحزب السوري القومي الاجتماعي» بشتورا (البقاع)، إن توسيع العدو الإسرائيلي «دائرة الحرب في لبنان عبر كسر قواعد الاشتباك لتطول استهدافاته العمق اللبناني وآخرها اغتيال عامل سوري في بلدة الصويري في البقاع الغربي ليس سوى محاولة يائسة للهروب إلى الأمام والظهور بمظهر القادر صاحب اليد العليا للتملص من شعور الخذلان والخيبة والارتباك والانهاك الذي يعيشه جيش الاحتلال وقيادته السياسية جراء الفشل المتعاظم في غزة».